بغداد – نجلاء الطائي
تجري قوات التحالف الدولي مفاوضات بين قوات البيشمركة والقوات العراقية بهدف إعادة البيشمركة إلى المناطق المتنازع عليها وإدارتها بشكل مشترك، إلا أن الطرفين لم يتوصلا لأي اتفاق بهذا الصدد لحد الآن، في وقت ألمح رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، إلى إمكانية التعاون مع حكومة إقليم كردستان من أجل فرض الأمن في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد.
وقال منسق العلاقات السابق بين البيشمركة والحشد الشعبي في كركوك، ناظم كهية، في تصريح صحافي، إن ممثلي البيشمركة وقوات التحالف اجتمعا في كركوك خلال الأيام القليلة الماضية، مبينًا أن الهدف من الاجتماعات كان عودة قوات البيشمركة إلى كركوك وطوزخورماتو وخانقين، متابعًا أن القوات العراقية وافقت على أن تشاركها البيشمركة والقوات الكردية الأخرى في نقاط مشتركة، إلا أن "البيشمركة" طالبت بالسلطة والعودة إلى جميع المنطقة.
وجدير بالذكر أن تدخل قوات التحالف للتنسيق بين قوات البيشمركة والقوات العراقية يأتي في وقت ظهرت فيه تحركات لتنظيم "داعش" بشكل ملحوظ في المناطق المتنازع عليها، فيما أكد رئيس الحكومة العراقية، على أن هناك خشية من انهيار الجيش العراقي، فيما أشار نائب قائد القوات المساندة الثانية التابعة لقوات البيشمركة، العميد الركن هورامان محمد، إلى أن داعش استجمع قواه بشكل كبير وهناك مخاوف من حصول مفاجأة كبيرة من قبل هذا التنظيم المتطرف.
وقال محمد إن البيشمركة والتحالف عقدوا اجتماعًا لإعادة قوات البيشمركة إلى المناطق المتنازع عليها والتصدي لمخاطر التنظيم المتطرف، مستدركًا أن القوات العراقية لا تثبت على موقف ثابت بهذا الصدد، وأضاف أن التحالف يعتقد بأن البيشمركة والجيش العراقي لا يملكان قدرة تجاهل أحدهما للآخر ومن دون التنسيق بينهما فإن كركوك لن تستقر.
وتأتي تحركات "داعش" الأخيرة ومخاوف المسؤولين العراقيين من تكرار انهيار المنظومة العسكرية على يد هذا التنظيم في وقت حركت فيه بغداد الثلاثاء، قوة عسكرية خاصة من بغداد إلى كركوك، ووجه قائد محور غرب كركوك لقوات البيشمركة، كمال كركوكي، انتقادات للقوات العراقية كونها تسببت في انهيار المنظومة الدفاعية لقوات البيشمركة بمساعة من أسماهم بـ"الخونة"، وقال إن قوات البيشمركة لن تعود إلا إذا عادت الأوضاع في كركوك لما يشبه ما كانت عليه قبل 16 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ووصلت عودة الحياة لـ"داعش" وتحركاته الواسعة إلى مستوى يقوم فيه ليلًا بالهجوم على المناطق المتنازع عليها في محافظات كركوك وديالي ويعمل أيضًا على تخريب الأوضاع الأمنية داخل المدن أيضًا، في المقابل ألمح العبادي إلى إمكانية التعاون مع حكومة إقليم كردستان من أجل فرض الأمن في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد.
وعالج الدستور العراقي قضية وفق المادة 140 عبر ثلاث مراحل: إجراء التعداد، تطبيع الأوضاع، إجراء استفتاء، غير أن المسؤولين الكرد يقولون إن الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد عام 2003 تنصلت من تطبيق تلك المادة، وقال العبادي خلال مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، عقب لقائه فريقه الحكومة من الوزراء، إن المنظومة الأمنية لعراقية واحدة"، وبنص الدستور فإن قوات البيشمركة هي جزء من تلك المنظومة.
وفي 16 تشرين الأول، هاجمت القوات العراقية والحشد الشعبي محافظة كركوك الغنية بالنفط وغيرها من الأراضي المتنازع عليها، بما في ذلك بعض المناطق المسيحية المأهولة بالسكان المعروفة باسم سهل نينوى التي كانت تحت الحماية من قبل قوات البيشمركة، والأمن الكردي "الآسايش".
وفي غضون ذلك، أعلن قائم مقام قضاء سنجار، محما خليل، بدء انسحاب عناصر حزب العمال الكردستاني من القضاء بعد وصول الجيش العراقي، وأوضح أن طلائع الجيش العراقي، وصلت إلى قضاء سنجار غرب الموصل، مركز نينوى، شمالي العراق، لبسط الأمن، وأضاف "مع وصول الجيش، بدء عناصر حزب العمال الكردستاني أو ما يطلق عليه اختصارًا الـ"بكه كه"، بالانسحاب من قضاء سنجار، منذ ساعات، منوهًا بأن عمليات الانسحاب ما زالت مستمرة حتى الآن، لافتًا إلى أن رئيس أركان الجيش العراقي، وصل الأربعاء، إلى قضاء سنجار، للوقوف على الوضع الأمني وفرض سيطرة الجيش.
وأعلن حزب العمال الكردستاني، في بيان له، يوم الجمعة الماضي 23 مارس، أن مقاتليه انتقلوا إلى سنجار لحماية الشعب الإيزيدي "من الإبادة الجماعية" على أيدي تنظيم "داعش"، وهم الآن ينسحبون "لبلوغهم ذاك الهدف"، لكن بالرغم من إعلان الحزب انسحابه من سنجار، يوم الجمعة الماضي، لم ينسحبوا حسبما أعلن قائمقام القضاء، محما خليل في تصريح لمراسلتنا، يوم الإثنين، إلا أنه نوه خلال حديثه، بأن حزب العمال الكردستاني لديه خطة للانسحاب على مدى اليومين المقبلين.
وأعلن المسؤول، لقمان كلي إبراهيم، وهو مساعد لواء قوات "جبل سنجار" قاطع زمار شمال بغداد، في تصريح خاص لمراسلة سبوتنيك" في العراق، ، آذار، أن قوات من الفرقتين 71، و15 من الجيش العراقي، مسكتا الحدود العراقية – السورية، من منطقة سنوني غربا بمسافة 30 كلم.
وأوضح إبراهيم، أنه قبل نحو أسبوع حصل تحالف في الموصل "مركز نينوى، شمالي العراق"، بين الفرقتين المذكورتين "71، 15"، قوات "قوة حماية إيزيدخان" أو ما تعرف بالـ"يبشة"، وهم جناح سياسي تابع لحزب العمال الكردستاني، للانتشار في سنجار، مضيفًا "حاليًا الانتشار العسكري في سنجار، للفرقتين من الجيش، وعناصر قوات اليبشة "قوة حماية إيزيدخان"".
ويقول إبراهيم "حاليًا هناك لعبة سياسية، فالعمال الكردستاني "بي كا كا"، لم تنسحب من سنجار، مجرد أنه تغيير من البكه كه حزب العمال الكردستاني إلى قوة حماية إيزيدخان، لا يوجد أي انسحاب من القضاء والإعلان عن الانسحاب فقط للإعلام تفاديًا لضربة تركية ضدهم".
وبشأن قوام المقاتلين والمقاتلات الإيزيديين الذين كانوا في حزب العمال الكردستاني، وحاليًا في "حماية إيزيدخان"، أفاد إبراهيم بأن عددهم يبلغ 500 عنصر، لأنهم كانوا يتقاضون رواتب شهرية من وزارة الداخلية العراقية، ملمحًا بقوله "ولدينا قوائم بهم".
وقالت الحكومة العراقية، في بيان لها، الثلاثاء، إن يلدريم أكد "عدم وجود اتفاق بين الحكومة العراقية والتركية بخصوص القيام بعمليات في الأراضي العراقية لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني، وأن ما حصل كان عدم دقة في النقل، حيث أردنا القول إننا لن نقوم بأي عمليات دون موافقة الحكومة العراقية ولم نقصد أننا اتفقنا معها، وأن تركيا تحترم السيادة العراقية ولن تقوم بأي عمل فيه تجاوز عليها".
وأضاف البيان أن العبادي أكد من جانبه أن "القوات الأمنية العراقية تفرض سيطرتها على كامل الأراضي العراقية وتوجيهه القوات العراقية الاتحادية عند زيارته للموصل بالسيطرة الكاملة على الحدود ومنع أي مقاتلين أجانب وقد حصل هذا الأمر والحدود حاليًا مسيطر عليها من قبل قواتنا ونحن نرفض أي تجاوز على تركيا من خلال أراضينا".
هذا وتفقد رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول الركن عثمان الغانمي، القطعات العسكرية في المناطق والقرى الحدودية للعراق مع سوريا وتركيا، بحسب ما أفادت وزارة الدفاع العراقية.
وخلال جولته اطلع رئيس الأركان على المنافذ الحدودية للعراق مع الدولتين، مثنيًا على الجهود الكبيرة للقوات العراقية لفرضها الأمن والاستقرار على تلك المناطق الشاسعة والجبلية ومنع عودة العصابات المسلحة إليها.
وأكد عثمان الغانمي على ضرورة اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر والتعاون مع المواطنين والأهالي للتصدي للعصابات ومنع تسللهم إلى القرى والمناطق بعد عودة الحياة الطبيعية إليها.، ورافقه في جولته التفقدية معاونه للعمليات وقائد القوات البرية ومدير الاستخبارات العسكرية وعددًا من ضباط هيئة أركان الجيش.