اشتباكات تعمّ سورية وقتلى في قصف وإعدامات
دمشق ـ وكالات
أفادت المعارضة السورية، بارتفاع حصيلة قتلى الإثنين، على أيدي القوات الحكومية إلى 143 شخصًا، معظمهم في ريف دمشق وحلب، في الوقت الذي أحرز الجيش الحر "المعارض" تقدمًا في إدلب وحلب ودرعا من خلال السيطرة على مزيد من المواقع العسكرية، بينما أعلنت دمشق تجاوبها مع أي مبادرة إقليمية أو دولية
لحل الأزمة بالحوار، وذلك غداة إعلان المبعوث الأممي المشترك الأخضر الإبراهيمي عن وجود مقترح للحل قد يحظى بموافقة الجميع، تزامنًا مع تأكيد فرنسا، موقفها من الأزمة السورية بضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد".
وقالت شبكة "شام" الإخبارية، إن 143 شخصًا سقطوا الإثنين، معظمهم في ريف دمشق وحلب، منهم 69 قتيلاً في ريف دمشق بينهم 9 أطفال و 6 سيدات، وفي حلب 32 قتيلاً بينهم 3 سيدات و4 أطفال، وفي إدلب 14 شخصًا بينهم إمرأة وطفل، وفي حماة 15 قتيلاً بينهم ملازم أول منشق وطفل، وفي حمص 5 بينهم طفل ورائد منشق، وفي درعا 4 بينهم قتيل تحت التعذيب، وفي دير الزور قُتل شخصان أحدهما إمرأة، وقتيل في كل من القنيطرة واللاذقية".
وذكرت لجان التنسيق المحلية في سورية، أن "أكثر من مائة شخص قُتلوا الإثنين، في دمشق وريفها وحماة، وأن الجيش الحكومي يشن عملية عسكرية هي الأعنف منذ أشهر على مدينة داريا في ريف دمشق، ويحاول اقتحامها واستعادة السيطرة عليها من الجيش الحر (المعارض)، وقد قتل أربعة مدنيين في كل من معضمية الشام وداريا وعربين، وثلاثة في دوما، واثنان في مسرابا، وواحد في الزبداني، وأعدمت القوات الحكومية ثلاثة طلاب كانت خطفتهم مساء الأحد في حي جوبر في دمشق"، فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن "الطيران الحربي السوري أغار على بلدات كثيرة في ريف دمشق بالتزامن مع محاولات اقتحام، فأوقع عشرات القتلى والجرحى، ومن بين القتلى 22 جنديًا من الجيش الحكومي، لترتفع حصيلة القتلى في أعمال العنف في البلاد منذ آذار/مارس 2011 إلى نحو أربعين ألفا".
من جانبه، قال عضو "مجلس قيادة الثورة" في ريف دمشق، محمد السعيد، إلى قناة "الجزيرة" القطرية، الإثنين، إن "القصف بالطيران وراجمات الصواريخ أوقع قتلى بينهم أطفال وسيدات في دوما وداريا ومعضمية الشام"، فيما عمت الاشتباكات معظم المناطق السورية من القنيطرة جنوبا إلى حلب شمالاً، وتوسعت معها رقعة القصف الجوي والمدفعي، كما تجدد القتال في ريف القنيطرة جنوب دمشق، وبات الجيشان الحكومي والحر يخوضان مواجهات على جبهات كثيرة من دون حسم واضح في كثير منها، رغم تقدم الحر في إدلب وحلب ودرعا من خلال السيطرة على مزيد من المواقع العسكرية الحكومية.
وأفاد الجيش الحر بأن "اشتباكات وقعت في مناطق في ريف القنيطرة مثل قرية بئر عجم، وكذلك تعرضت بلدات عدة في المنطقة للقصف من القوات الحكومية،
ولا تزال المواجهات جارية في ريف دمشق سواء في الغوطة الشرقية أو الغربية، حيث يحشد الجيش السوري قواته في محاولة لاقتحام داريا والزبداني وحرستا، في حين تقدم رتل من آليات الجيش السوري الإثنين، في اتجاه داريا، رغم أن الجيش الحر يعوق تقدمه، وينتشر مئات من مقاتلي الجيش الحر في هذه البلدة، ومنها أطلقوا صواريخ أصابت مجمعًا رئاسيًا في العاصمة قبل أيام"، مضيفًا أنه سيطر الأحد على موقعين عسكريين في محيط بلدة بصر الحرير في درعا بعد اشتباكات عنيفة مع الجيش الحكومي".
وقال ناشطون إن كتائب المعارضة بما فيها "جبهة النصرة"، قد أحرزت مزيدًا من التقدم في محيط معسكريْ الحامدية ووادي الضيف المتجاورين، وهما آخر معسكرين مهمين للقوات الحكومية في ريف المحافظة"، فيما أفاد المركز الإعلامي السوري، بأن مقاتلي المعارضة أحرزوا تقدمًا كبيرًا في الجبهتين الشرقية والغربية في محاولتهم اقتحام المعسكرين، بعد تدمير حواجز ودبابات ومدافع وآليات للجيش الحكومي، وتكبيده خسائر في الأرواح، كما تواصل القتال أيضًا في حلب وريفها بعد ساعات من محاولة الجيش الحر الاستيلاء على الكتيبة (599/دفاع جوي) في دير حاصل، فيما أسفر عن مقتل مقاتل من الجيش الحر في اشتباك في حي صلاح الدين في حلب، وقُتل آخر في اشتباكات مماثلة عند مستشفى الكندي، وعلى الجبهات الأخرى، تواصلت المواجهات في محيط مطار دير الزور العسكري، في حين تمكن الجيش الحر من السيطرة على حقل نفطي في محافظة الرقة التي يدور قتال في ريفها منذ أسابيع.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أبدت فرنسا، الإثنين، تأييدها لجهود المبعوث الدولي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي في إيجاد حل للأزمة السورية، مشددة على "أن موقفها من الرئيس بشار الأسد لم يتغير، وأنها ترى ضرورة تنحيه عن السلطة لحل الأزمة"، حسب ما ذكره الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو في حديث صحافي.
وقالت الخارجية الفرنسية، أخيرًا، إن "الرئيس بشار الأسد, الذي يتحمل مسؤولية سقوط 45 ألف ضحية في الصراع، لا يمكن أن يكون جزءًا من العملية الانتقالية السياسية في بلاده"، في الوقت الذي دعت فيه دول عربية وغربية عدة, من بينها فرنسا، إلى ضرورة تنحي الرئيس الأسد عن السلطة, من أجل إنهاء أحداث العنف في البلاد, كما شددت على ضرورة الانتقال السياسي للسلطة, فيما اعتبرت الحكومة السورية تلك الدعوات من دون قيمة وتدخلاً في شؤون سورية الداخلية.
وطرح الإبراهيمي الخميس الماضي من دمشق، مبادرة للخروج من الأزمة في سورية، تقوم على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة إلى حين إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية، محذرًا، الأحد، من "صوملة الوضع في سورية"، واصفًا الوضع هناك بـ"السيئ والمتفاقم"، مضيفًا أن "الأزمة السورية خطيرة, وأن مهمته شبه مستحيلة", داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم له, فيما أعلنت الحكومة السورية أنها ستبذل كل ما بوسعها من أجل دعم مهمته، في الوقت الذي فشلت جهود عربية وغربية في إيجاد حل للأزمة السورية، وبخاصة مع تصاعد الاشتباكات بين الجيش ومعارضين مسلحين، مما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا، وتشريد مئات آلاف آخرين، فضلا عن الأوضاع الإنسانية المتردية التي يعيشها معظم السوريين في الداخل.
من جهتها، أكدت الحكومة السورية، الإثنين، تجاوبها مع أي مبادرة إقليمية أو دولية لحل الأزمة بالحوار، وذلك غداة إعلان المبعوث الأممي المشترك الأخضر الإبراهيمي عن وجود مقترح للحل قد يحظى بموافقة الجميع، حيث قال رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، في خطاب ألقاه في مجلس الشعب إن "الحكومة تعمل على دعم مشروع المصالحة الوطنية، وتتجاوب مع أي مبادرة إقليمية أو دولية من شأنها حل الأزمة الراهنة بالحوار والطرق السلمية، ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، واعتبار ما يجري في سورية شأنًا يحله السوريون بأنفسهم من دون ضغوط أو إملاءات خارجية، وأن بلاده تمضي نحو اللحظة التاريخية التي تعلن انتصارها على أعدائها، لترسم معالم سورية المنشودة، ولتعيد بناء نظام عالمي جديد يعزز مفهوم السيادة الوطنية ويعزز مفهوم القانون الدولي".
وقد أعلن الإبراهيمي من القاهرة، الأحد، بعد محادثات أجراها في موسكو وقبلها في دمشق، أن لديه "مقترحًا للحل يمكن أن يتبناه المجتمع الدولي، وأن هذا المقترح يستند إلى إعلان جنيف الصادر في حزيران/يونيو 2012، ويتضمن وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، واتخاذ خطوات تؤدي إلى انتخابات إما رئاسية أو برلمانية"، مرجحًا "أن تكون برلمانية لأن السوريين سيرفضون النظام الرئاسي"، في حين اعتبرت موسكو السبت، أن التوصل إلى حل سياسي لتسوية النزاع في سورية لا يزال ممكنًا، مشيرة في الوقت نفسه إلى "تعذر إقناع الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن السلطة".
جدير بالذكر أن اتفاق جنيف الذي توصلت إليه "مجموعة العمل حول سورية" (الدول الخمس الكبرى وتركيا والجامعة العربية)، برعاية الموفد الدولي السابق إلى سوريا كوفي أنان، قد نص على تشكيل حكومة انتقالية، وبدء حوار من دون أن يأتي على ذكر تنحي الأسد.