قوة من الحشد العشائري العراقي

يقوم آلاف المقاتلين المحليّين منذ 5 سنوات بحماية مناطق تصنَّف بأنها خطرة أمنيًّا في المدن المحررة بدون رواتب او حقوق وبعضهم بدون سلاح!

ويطلق على هؤلاء المتطوعين الذي يتجاوز عديدهم الـ10 آلاف، اسم الحشد العشائري نوع (ب)، فهم يقومون بكل أعمال المقاتلين المنتمين إلى هيئة الحشد الشعبي لكن بصفة غير رسمية.

ولا تعرف بالضبط ما هي الأسباب التي تمنع تنظيم أوضاع تلك المجاميع المقاتلة، سوى التحجج بمشاكل إدارية ومالية تعيق تحقيق ذلك، وكما لا يخفى، فإنه هناك ازدواجية في التعامل، بحسب بعض قيادات الحشد، بين المقاتلين في المناطق الغربية والجنوبية. 

والحشد العشائري، هو النسخة السُنية عن الحشد الشعبي (الشيعي)، ينتمي كلاهما إلى هيئة الحشد التي نظمت بقانون في عام 2016، ومازال هناك جدل حول شرعيتها ومدى التزامها بأوامر الحكومة.

وجاء تشكيل الحشد العشائري كحاجة أمنية ضرورية لمساندة القوات الأمنية في فترة الحرب على داعش وتثبيت الأمن بعد التحرير، وتجادلت القوى الشيعية لفترات طويلة في القبول بظهور نسخة معدلة من "الصحوات السُنية" التي اتهمت بأنها سلّمت أسلحتها الى داعش.

ورغم أن "الحشد العشائري" كان رأس حربة في بعض المعارك ضد التنظيم المتطرف، إلا أنه جرى تقييده وتحديد مستوى حركته وأسلحته لطمأنة المتخوفين من الأطراف الشيعية.

وطالما اشتكت العشائر، في المناطق التي كانت محتلة من داعش، من قلّة التسليح مقابل امتلاك الحشد الشعبي صواريخ وطائرات مسيّرة.

قتال بـ "الفزعة"

وميض فصّال، أحد قياديي الحشد العشائري في غربي الأنبار، يقول إن أكثر الذين ينتسبون في الفوج الذي يشرف عليه يعملون بطريقة "الفزعة"، وتعني وجود متطوعين مجانيين.

ويمسك فوج فصّال منطقة قرب هيت بمسافة 60 كم، مفتوحة على الصحراء وعلى بحيرة الثرثار، التي تعد من أخطر المناطق في العراق. 

ويضيف القيادي في الحشد: "لدينا عجلتان فقط في الفوج، إحداهما من أموالنا الخاصة، بينما تسلمنا أسلحة كلاشينكوف فقط من هيئة الحشد"، ومعروف بالمقابل أن فصائل في الحشد الشعبي، مثل فرقة العباس القتالية تملك طائرات مسيرة وأعلنت مؤخراً عن تصنيع دبابة.

وأعلن قيس الخزعلي، قائد فصيل "عصائب أهل الحق"، العام الماضي، بأن فصيله يمتلك نوعين من الصواريخ، كما كرّر هادي العامري زعيم "منظمة بدر" (وهي إحدى أكبر تشكيلات الحشد) في عدة مناسبات تأكيده أن فصيله "صار أقوى من الجيش".

ويتقاسم فوج فصّال السلاح والراتب والإجازات وحتى الطعام بين المقاتلين الرسميين والمتطوعين الآخرين (الفزعة). 

ويقول قائد الفوج: "هناك نحو 100 مقاتل بدون أوامر رسمية في هذا الفوج فقط"، وهو نحو ضعف عدد المقاتلين المسجّلين في هيئة الحشد. 

وينتظر هؤلاء، ومثلهم نحو 15 ألفاً في ديالى وصلاح الدين وكركوك والموصل، الحصول على الأوامر الإدارية في التعيين، خصوصاً مع انحسار فرص العمل بعد سنوات من سيطرة داعش على مدنهم والمعارك التي عطلت الكثير من المصالح.

ويقول نعيم الكعود، وهو رئيس اللّجنة الأمنية في الأنبار، إن نحو 5 آلاف من الحشد العشائري فئة (ب) موجودون في الأنبار.

شهداء بلا حقوق
ويشير الكعود الى أن البعض استشهدوا في المعارك وأصيب آخرون ولم يحصل ذووهم على أية حقوق"، ولا يعرف المسؤول المحلي أسباب عدم ترتيب أوضاعهم بشكل أولي حتى الآن، لكنه كان يحصل دوماً على وعود من الحكومة بتعيينهم.

وتمنع وصمة "داعش"، التي تلاحق بعض سكان المناطق التي كانت محتلة من التنظيم، من زجِّهم في هيئة الحشد، بل حتى في الوزارات الأمنية.

وقال مسؤول في بغداد، قبل أيام، إن قضاء الطارمية، شمالي العاصمة، وبعد تعرضه لعدة هجمات، تمتنع الحكومة عن تشكيل حشد عشائري من أبناء المنطقة بسبب نظرة بعض الجهات للسكان بأنهم دواعش.

كما تفسِّر بعض العشائر في الموصل منع تسليح 50 قرية في أطراف المدينة، كما وعد قائد العمليات السابق نجم الجبوري القبائل هناك قبل شهرين لمواجهة فلول "داعش"، بأنه عدم الاطمئنان للسكان في تلك المناطق.

ويقول محمد المرعيد، وهو قيادي في الحشد العشائري في جنوب الموصل، إن الحكومة وزعت كلاشينكوف واحد لكل مقاتلَين اثنين منذ 5 سنوات.

محاصصة سياسية
وكان المفترض أن يصل حجم الحشد العشائري الى نحو 45 ألف مقاتل في الهيئة التي تضم بين 120 الى 150 ألف منتسب.

ورسمياً هناك 43 فصيلاً "سُنياً" تنتمي الى هيئة الحشد الشعبي، لكن بأعداد متفاوتة، ويقول نعيم الكعود إن أعداد المقاتلين لكل فصيل تحدد بطريقة مزاجية ومحسوبية تبعاً للسياسي الذي يشرف على المجموعة.

في هذا الإطار تقول عشيرة "البو نمر"، وهي من أكبر العشائر في الأنبار التي قاومت داعش وقبلها تنظيم القاعدة، إن أعداد الحشد التابع لها لا يساوي أبداً تاريخها وما قدمته من تضحيات.

يقول وميض فصّال، وهو نجل محافظ الأنبار الأسبق فصال الكعود النمراوي، أحد مؤسسي الصحوات قبل 12 عاماً (قُتل بتفجير انتحاري بفندق المنصور في بغداد عام 2007)، إن "داعش" قدمت الى المحافظة للثأر من عشيرته. 

وبحسب القيادي في الحشد العشائري فإن "البو نمر" خسرت 1800 رجل في القتال ضد التنظيم ونحو ألفي مصاب، فيما لا يتجاوز عدد حشد العشيرة عن الـ180 مقاتلاً. وأعدم داعش قرابة الـ500 من أبناء العشيرة في أيام قليلة بعد محاصرتهم في بحيرة الثرثار عام 2014.

ويشير فصّال الى أن رواتب المقاتلين من أبناء العشيرة تأتي بشكل غير منتظم، ودائماً ما تضيع أشهر من الرواتب على المنتسبين ولا يتم تعويضهم.

قد يهمك ايضا:

برلمانيون عراقيون يُطالبون بتقديم الحسابات الختامية للأعوام الستة الماضية

الحلبوسي بإمكان أي شخص تقديم طلب الى رئاسة المجلس