مقاتل من الجيش الحر يجلس على شاحنة مزودة بمدفع مضاد للطيارات في ريف حلب
دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت المعارضة السورية، مقتل 20 شخصًا على الأقل في هجوم صاروخي شنه الجيش الحكومي على حي جبل بدرو في حلب، مع استمرار معركة المطارات في المدينة، وسط أنباء عن محاولة الفريق الجديد في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إقناعه بتسليح المعارضة، بينما جددت لندن انتقادها موسكو على خلفية
استمرار تزويدها الحكومة السورية بالأسلحة، تزامنًا مع تأكيد الرئيس السةري بشار الأسد أنه "على يقين من كسب الحرب".
وقالت عناصر من المعارضة السورية، الثلاثاء، إن "هجومًا صاروخيًا شنه الجيش السوري الحكومي على حي واقع تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب، أسفر عن سقوط 20 قتيلاً على الأقل و25مفقودًا، حيث أسقط الصاروخ ثلاثة مبان متجاورة في حي جبل بدرو، ويجري استخراج الجثث تدريجيًا، والبعض وبينهم أطفال لفظوا أنفاسهم الأخيرة في المستشفيات، وأن هذا التصعيد يأتي ردًا على التقدم الذي أحرزه الجيش الحر في معركته للسيطرة على مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري"، فيما أفادت لجان التنسيق المحلية عن "مقتل 27 على الأقل، الثلاثاء، في مدن سورية عدة، وأعلنت عن سقوط قتلى وجرحى في المليحة في ريف دمشق في القصف على البلدة، وفي ريف دمشق انشق اللواء التاسع والثلاثين في عدرا عن قوات الجيش السوري، وأن القصف والاشتباكات مستمرة في حرستا والقلمون، وأن الجيش الحر ينفذ عمليات ضد ثكنات الجيش السوري في ريف دمشق، كما استهدف ثكناته في بلدة عقربا التابعة لريف دمشق، وفي جوبر في دمشق، تم استهداف نفق حرملة بقذائف الدبابات وراجمات الصواريخ واحتراق المنازل السكنية في منطقة القبرين على المتحلق الجنوبي بين جوبر وعين ترما، ودمر الجيش الحر حاجز جسر حرملة عند مداخل حي جوبر تدميرًا كاملاً منذ نحو أسبوع، كما تمكن من تدمير حاجز جسر زملكا بالكامل وقتل عشرات الشبيحة وعناصر ميليشيات النظام وأعطب عدة دبابات وآليات ثقيلة"، في حين ذكر ناشطون في شريط مصور أن ما يعرف بـ"لواء الإسلام" و"شام الياسمين" و"درع الغوطة" و"أحفاد الأمويين" نفذوا هذه العملية، كما بث ناشطون على شبكة الإنترنت شريطًا مصورًا لما قالو "إنه تحرير لساحة غسان عبود في محافظة حلب، وإنهم علقوا علم التحرير وسط الساحة"، بينما كان يبدو بوضوح حجم الدمار الذي لحق بالمكان، من دون أن يتسن لنا التأكد من صحة مصدر هذا الشريط من جهات مستقلة.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل نحو ثلاثة آلاف عنصر من الجيش الحر، أي ما يعادل 6% من إجمالي القتلى منذ بداية الثورة، وقالت "إنهم من الجنود المنشقين عن الجيش الحكومي ومن المدنيين الذين تطوعوا للقتال، وأن الكثير منهم كانوا أطباء ومهندسين ومدرسين وعاملين في مهن أخرى، وأن الجيش السوري الحر يعكف على تضييق الخناق الجوي على النظام السوري عبر السيطرة على مطاراته العسكرية، فقد استطاع الثوار السوريون اقتحام مطار كويرس العسكري في ريف حلب بعد أيام من الحصار والاشتباكات العنيفة، فيما تواصلت الاشتباكات في محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري، وحقق الثوار إنجازًا ميدانيًا الأسبوع الماضي عندما سيطروا على مطار الجراح العسكري، واستولوا للمرة الأولى على عشرات الطائرات الحربية القادرة على العمل، كانت جاثمة على أرض المطار وفي الحظائر، بعدما سيطر سابقًا على مطارات عدة، منها مطار تفتناز العسكري في الريف الجنوبي في إدلب، ومطار أبو الظهور العسكري شرق إدلب، إضافة إلى السيطرة على مطار البوكمال في محافظة دير الزور، ويحاول الثوار منذ أشهر السيطرة على مطار منغ العسكري في الريف الحلبي".
وقال الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه عددًا من السياسيين اللبنانيين، إنه "على يقين من أنه قادر على كسب الحرب ضد المسلحين، أين كنا وأين أصبحنا؟ ونحن على يقين بأن الغد لنا، سورية تمتلك إرادة الانتصار على المؤامرة، ونحن وإن كنا متيقنين من حتمية انتصارنا ومطمئنين لما يتحقق سياسيًا وعسكريًا، فإن ذلك لا يعني أن كل الأمور انتهت"، مؤكدا أنه "لا يزال هناك عمل كبير في السياسة، وأيضا في مواجهة (المجموعات الإرهابية والتكفيرية)، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة "السفير" اللبنانية.
فيما جاءت تصريحات بعض وزراء الحكومة السورية متناقضة مع تصريحات الأسد، فخلال جلسة غير اعتيادية لأعضاء مجلس الشعب السوري انعقدت الإثنين، أعرب وزير المصالحة الوطنية علي حيدر عن استعداد سورية للحوار مع جميع أطياف المعارضة، وحتى المسلحة منها، ودعا وزير الإعلام عمران الزعبي كل المعارضة في الخارج إلى العودة إلى سورية، مؤكدًا وجود "ضمانات بعدم ملاحقتهم قضائيًا أو أمنيًا، وللمرة الأولى لم يهاجم الزعبي المعارضة المسلحة، بل على العكس شدد على وجوب عدم وصف كل الثوار بـ"الإرهابيين"، أما الائتلاف الوطني "المعارض"، فاشترط تضمين المبادرات السياسية آليات تنفيذ ملزمة للنظام تحت طائلة التدخل الدولي المباشر، في حال إخلاله بأي شرط أو بند من البنود التي يتم الاتفاق عليها.
وقد كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن أن "الفريق الجديد في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، يعكف على درس تسليح المعارضة، وذلك لغياب خطط الحل لنقل السلطة في سورية"، ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "موضوع تسليح جماعات محددة من المعارضة قد يُعاد فتحه إذا استمرت الأوضاع في سورية بالتدهور، وبخاصة مع قدوم فريق جديد من المستشارين إلى البيت الأبيض قد ينجح في تغيير رأي أوباما، وأنه باستثناء الخطط الحالية الموجودة التي تقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية وغير القاتلة، فإن البيت الأبيض ليس لديه خطط أخرى لتسريع خروج الرئيس بشار الأسد، وأن فريق أوباما الجديد قد يحمل أفكارًا جديدة، هذا النقاش لا يقتصر على واشنطن، فالأوروبيين الذين رفضوا رفع الحظر على توريد الأسلحة إلى سورية، منقسمين حول هذا الموضوع، ولكن هذا الرفض فتح باب مواجهة من جديد بين لندن وموسكو، حيث اتهمت الأخيرة بتراجعها عن وعدها بالتوقف عن تسليح النظام"، فيما ذكرت صحيفة "اندبندنت" البريطانية، نقلاً عن مسؤولين بريطانيين، أن "روسيا وعدت بذلك قبل نحو شهر، وهو ما لم تلتزم به، متحججة بأن قرار حظر توريد السلاح إلى سورية لا يشملها، لأنه غير صادر عن مجلس الأمن، وأن عليها الوفاء بالعقود التي التزمت بها".
وقرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، تجديد العقوبات لمدة 3 أشهر حتى نهاية أيار/مايو المقبل، بينما يتم تعديل حظر السلاح حتى يقدم مزيدًا من الدعم بالمواد "غير المميتة" والمساعدة الفنية لحماية المدنيين، في ما يمثل القرار حلاً وسطًا بعد خلاف استمر أسابيع بين بريطانيا، التي تسعى لتخفيف حظر السلاح لمساعدة ثوار سورية، وعدد من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى المعارضة للسماح بوصول مزيد من السلاح إلى سورية، وتركز الاجتماع حول الطلب الذي تقدمت به بريطانيا ودعمته إيطاليا وعدد من الدول الأوروبية لرفع الحظر الأوروبي على الأسلحة التي يمنع وصولها إلى الثوار.
ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، لدى وصوله الاجتماع، إلى تغيير حظر الأسلحة القائم حتى يتمكن الاتحاد من تقديم دعم أوسع للائتلاف الوطني السوري، وقال "نمنحهم الدعم السياسي والدبلوماسي، كما نمنحهم المساعدة في مجال التجهيزات في اللحظة الراهنة، لمساعدتهم على إنقاذ أرواح الناس"، فيما أكدت ممثلة الشؤون الخارجية والأمنية لدى الاتحاد الأوروبي للصحافيين، الإثنين، أن "الاتحاد لن يقدم أي دعم يتعلق بمواد مميتة، وأن القرار يمثل تغيرًا مهمًا في موقف الاتحاد الأوروبي تجاه مقاتلي المعارضة السورية، وأن الأمر لا يتعلق بدعم عسكري، ولكننا أصبحنا قادرين على تقديم الدعم للأشخاص على الأرض لمساعدتهم بكل السبل الممكنة، وليس هناك أي مراوغة سياسية في هذا الشأن على الإطلاق".
وكشفت المتحدثة باسم الوزارة الروسية للأوضاع الطارئة، إن طائرتين روسيتين أقلعتا قبل ظهر الثلاثاء من ضاحية موسكو، تحملان مساعدات إنسانية، في اتجاه اللاذقية شمال غربي سورية، وستقوم الطائرتان بإجلاء أي مواطنين روس يرغبون في مغادرة هذا البلد الذي يشهد نزاعًا داميًا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان، أنها سترسل أربع سفن حربية إضافية إلى المتوسط، في ظل تفاقم أزمة في سورية، كما أنها ستتخذ إجراءات من أجل إجلاء محتمل لرعاياها من البلاد، وتنضم سفن النقل (كالينينغراد وشابالين وسراتوف وأزوف) إلى السفينة "سميتليفيي" وسفن تموين أخرى موجودة في البحر المتوسط، وأن السفن ستكون "في خدمة عسكرية" من دون إعطاء المزيد من التفاصيل، لكن وكالة "ريا نوفوستي" نقلت عن مصدر عسكري قوله إن "المهمة الرئيسة لهذه السفن الإضافية تكمن في الإجلاء المحتمل لرعايا روس من سورية، ورغم أن مهمات السفن الحربية لم تعلن، لكن يمكن الافتراض نظرًا لتطور الوضع في المنطقة، أن مهمتها الرئيسة ستكون المشاركة في عملية إجلاء محتملة للرعايا الروس من سورية".
والمعروف أن روسيا من أكبر حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد، وعطلت ثلاثة قرارات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان من شأنها زيادة الضغوط على دمشق لإنهاء العنف الذي أودى بحياة نحو 70 ألف شخص في الانتفاضة المتواصلة منذ نحو عامين، لكن في الأشهر الأخيرة أعطت موسكو إشارات تفيد بأنها "ربما تستعد لهزيمته المحتملة"، حيث نقل عن مبعوث روسيا للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف قوله في كانون الأول/ديسمبر الماضي، إن "المعارضين السوريين يكسبون أرضًا وربما ينتصرون"، وفي اليوم التالي أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا قالت فيه إن "سياسة موسكو تجاه سورية لم تتغير، على الرغم من تصريحات بوغدانوف، وأن رحيل الأسد يجب ألا يكون شرطًا مسبقًا للتفاوض على تسوية الأزمة".