طهران - مهدي موسوي
كشفت وزارة الخارجية الإيرانية عن تغييرات في صفوفها أطاحت بعدد من الأسماء أبرزها أمير عبد اللهيان المعروف بلعبه دورًا بارزًا في التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية وبمواقفه المساندة لتحركات "الحرس الثوري" و"فيلق القدس" في المنطقة. وأصدر وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمس قرارًا بإقالة مساعده للشؤون العربية والأفريقية عبد اللهيان، وعين مكانه حسين جابر أنصاري الذي كان يشغل منصب المتحدث باسم الخارجية. وأعلنت الخارجية عن تغييرات أخرى يعتقد محللون أنها ناجمة عن صراعات داخلية بين أجنحة النظام.
وأصدر وزير الخارجية محمد جواد ظريف أمس قرار إقالة مساعده في الشؤون العربية والأفريقية أمير عبد اللهيان، فيما أعلنت الخارجية تعيين المتحدث باسمها حسين جابر أنصاري بدلا من عبد اللهيان في منصب مساعد الوزير.وأعلنت الخارجية أن ظريف وقع قرار تعيين أنصاري مساعدا له في الشؤون العربية والأفريقية بدلا من أمير عبد اللهيان، الذي يعرف بمواقفه المشددة في مساندة توجه الحرس الثوري و"فيلق القدس" في منطقة الشرق الأوسط.
وشغل جابر أنصاري في السنوات الماضية مناصب عدة في الخارجية الإيرانية، منها رئيس مركز دارسات الشرق الأوسط والخليج، ومستشار مساعد الشؤون العربية والأفريقية، ورئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسفير إيران السابق في ليبيا، والمتحدث ورئيس المركز الدبلوماسي والإعلامي في الخارجية الإيرانية.بذلك يتجاوز ظريف أحد أبرز التحديات بعد الملف النووي في غضون العام الأخير، في تغيير مساعده في الشؤون العربية والأفريقية، حيث واجه معارضة كبيرة من جماعات ضغط مقربة من الحرس الثوري أصرت على الحفاظ على عبد اللهيان في منصبه.
ويأتي تغيير مساعد وزير الخارجية في وقت أثارت تصريحات أول قائد للحرس الثوري جواد منصوري جدلا واسعا، بعدما قال في حوار نشرته مجلة "رمز عبور" أن "فيلق القدس" يقوم بدور كبير في تعيين الدبلوماسيين في وزارة الخارجية، مؤكدا انتساب مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وسفراء إيران في لبنان والعراق وسوريا إلى "فيلق القدس".
وأعلنت الخارجية تعيين السفير الإيراني الأسبق في إيطاليا وإسبانيا وآيرلندا بهرام قاسمي متحدثا باسم الخارجية، بدلا من جابر أنصاري، وبحسب ما ذكرت وكالة "إيسنا" فإن بهرامي شغل منصب رئيس الدائرة السياسة ورئيس الدول مشتركة المنافع، ومدير دائرة غرب أوروبا في الخارجية الإيرانية، ومساعد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الخارجية.
كذلك أصدر ظريف قرارا بتعيين محمد كاظم سجاد بور، رئيسا لمركز الدراسات الدولية في الخارجية الإيرانية، كما عين رئيس المركز السابق هادي سليمان بور مستشارا له.وربطت مواقع مقربة من الحرس الثوري إقالة عبد اللهيان باللقاء الأخير بين ظريف وكيري، وقالت إن الخارجية الإيرانية أقالت الرجل الأول في دعم "محور المقاومة". وقبل أيام نقل موقع "المونيتور" نقلا عن مصادر إيرانية مطلعة أن ظريف أخبر نظيره الأميركي أنه حصل على صلاحيات أوسع في بلاده للتفاوض بشأن الملف السوري، ومن جانبه سارع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى نفي ما أعلنه نظيره الأميركي.
وكان موقع "رجانيوز" قد اتهم ظريف بالتفاوض مع أميركا، خلافا لرغبة المرشد الأعلى علي خامنئي الذي حذر فريق الحكومة من التفاوض مع الأميركيين خارج الملف النووي.ووجه الموقع أصابع الاتهام إلى تيار الرئيس الإيراني حسن روحاني والتيار "الإصلاحي"، وقال: "إن علاقاتهم الوثيقة ببعض قادة الدول العربية، تشكل مصدر الضغط على وزير الخارجية من أجل تغيير عبد اللهيان". بحسب الموقع، فإن ظريف الذي يتعرض لضغوط واسعة من أجل تغيير عبد اللهيان، يريد دبلوماسيا "ثوريا" لشغل المنصب، كما أنه يتطلع إلى تسمية مسؤول بإمكانه الجمع بين الفاعلين السياسيين والعسكريين في خارج إيران، وخصوصا تعاون غير محدود مع "فيلق القدس".
قبل 3 أيام من إعلان إقالة عبد اللهيان، ذكر موقع "إيران هسته آي" نقلا عن مصادر مطلعة أن اللوبي الإيراني "ناياك" في أميركا مارس ضغوطا على وزارة الخارجية من أجل إقالة عبد اللهيان. وأضاف الموقع أن عبد اللهيان لا يعد خيارا مثاليا لحكومة روحاني التي تتجه إلى "مفاوضات إقليمية". وتتهم جماعة "ناياك" عبد اللهيان بالتنسيق مع الحرس الثوري أكثر من ظريف.
بداية أبريل (نيسان) الماضي، اعتبر عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان محمد حسن آصفري، في حوار مع وكالة "ميزان" ما تناقلته الصحافة الإيرانية عن "الشرق الأوسط" حول إقالة عبد اللهيان، حربا نفسية وافتعال أجواء ضد إيران.وفي منتصف أبريل كشف موقع "بارس نيوز" المقرب من التيار الأصولي، نقلا عن مصادر مطلعة أن ظريف "رضخ لضغوط بإقالة مساعده في الشؤون العربية والأفريقية أمير عبد اللهيان الذي يقوم بدور كبير في تطورات الشرق الأوسط". وأضافت تلك المصادر أن طهران تنوي تسمية عبد اللهيان سفيرا لها في مسقط، الأمر الذي نفاه لاحقا المتحدث باسم الخارجية.
لكن الموقع أكد، استنادا إلى مصادره المتنفذة، أن الخارجية الإيرانية على وشك تغيير فريق مساعدي ظريف، وفضلا عن عبد اللهيان ذكرت المصادر أن الخارجية بصدد الإطاحة بفريق التفاوض النووي: مجيد تخت روانجي، وعباس عراقجي، وحميد بعيدي نجاد، وتعيينهم في مناصب سفراء دول أوروبية وآسيوية.
بدوره ظريف كان قد رفض نفي أو تأكيد صحة ما تردد عن الإقالات في حوار مع صحيفة "خراسان" منتصف أبريل الماضي، وردا على سؤال حول صحة تلك الإقالات، وإذا ما كانت إقالة عبد اللهيان تلحق ضررا بدور قاسم سليماني في المنطقة، اعتبر ظريف أن تدوير المناصب في الجهاز الدبلوماسي أمر طبيعي، وشدد على أن الدبلوماسية الإيرانية في حال تطور، ومن جانبه قال أنصاري: "عبد اللهيان ليس بمعزل من قضية التغيير وتدوير المناصب الطبيعي في الخارجية".
ويعتبر عبد اللهيان من أبرز المقربين للحرس الثوري الإيراني في الخارجية، وأحد أبرز المسؤولين عن تعيين السفراء والطاقم الدبلوماسي في السفارات الإيرانية بدول عربية، خصوصا أنها مناصب تخضع لرقابة مشددة من مخابرات الحرس الثوري وذراعها الخارجي "فيلق القدس". كما تربط عبد اللهيان صلات قوية بقائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، وكان عبد اللهيان أول مسؤول إيراني نفى صحة التقارير بشأن إصابة سليماني في حلب. كما يعتبر عبد اللهيان حلقة الوصل بين وزير الخارجية وقائد الحرس الثوري.
ويعرف عبد اللهيان بمواقفه المتشددة ودفاعه الصارم عن تدخل قوات الحرس الثوري في سوريا منذ 2011، وأكد عبد اللهيان في مناسبات مختلفة وجود القوات العسكرية الإيرانية في الحرب الأهلية السورية، وكان من بين أبرز المسؤولين الذين أكدوا تعزيز وجود تلك القوات قبل الحديث عن سحبها.