غزة ـ محمد حبيب
زعم تقرير إسرائيلي، أن حركة "حماس" التي فازت في معظم مدن الضفة في انتخابات العام 2006، تعيش أزمة حقيقة بعد أن تحوّلت الآن إلى "وهم مطرود"، حيث اقتصاد الحركة ينهار في غزة، وقيادتها مفقودة، وحلفاؤها يُطلقون عليها لقب "الخائنة"، ولكنها تُخطط للخروج من هذه الأزمة بخطف جنود إسرائيليين لاستعادة شعبيتها المفقودة. وكتب الصحافي الإسرائيلي
افي زخاروف، في موقع "والله" العبري الواسع الانتشار، تحت عنوان "(حماس) تفقد شعبيتها بشكل تاريخي وتستعد لاستعادتها عن طريق خطف جندي (شاليط 2)"، أن الحركة رفعت أعلامها وصور أسراها أخيرًا على جدران بلدة كفر عقب، وهي منطقة بين رام الله والقدس تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وهي من المناطق التي تتواجد فيها "حماس" الآن، وليست مناطق السلطة الفلسطينية، كما أن إسرائيل لا تهتم بالأحياء العربية في القدس وتتعمّد إهمالها، فتقوم الحركة بتعزيز تواجدها فيها، فيما لا تجرؤ على تعليق أعلامها في مدن السلطة، لأن الأخيرة ستعاقبها إن فعلت ذلك، في حين لا يهتم جيش الاحتلال أو الشرطة الإسرائيلية أبدًا بمثل هذه الأحياء ولا يصل إليها.
ورأى التقرير، أنه بعد جولة في رام الله، يتضح أن "حماس" ممنوعة من أية نشاطات داخل المدينة، وهذا هو حالها في باقي مدن ومناطق السلطة، وأن الحركة التي فازت في العام 2006 في مدن الضفة تُعتبر الآن تنظيمًا مطرودًا من هذه المدن، بل إنها "مجرد خيال وفاقدة للتأييد الجماهيري".
وأشار التقرير ذاته، إلى أن هذا الكلام لن يرضى عنه اليمين الإسرائيلي، ولن يعجب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والذين طالما يقولون إلى الجمهور الإسرائيلي إنه لولا تواجد الجيش في الضفة لسيطرت "حماس"، ولكن الواقع أن الحركة باتت "مطرودة" من المدن الفلسطينية، بل إن هذا التنظيم في الدرك الأسفل من ناحية التأييد الجماهيري وبشكل لم يسبق في تاريخ "حماس"، وأن التردي والتدهور الاقتصادي للحركة وتضعضع التنظيم عسكريًا ليس صدفة، بل إن ذلك نتيجة عمل إسرائيلي فلسطيني مستمر منذ سنوات، وإغلاق مؤسسات ومراكز مال، وضرب قنوات التمويل، واعتقال النشطاء، مضيفًا أن "مكتب نتنياهو لا يقول الحقيقة، فليست إسرائيل وحدها التي تطارد (حماس)، وإنما الأجهزة الأمنية الفلسطينية تطاردها كذلك مثلما تطارد (الجهاد الإسلامي)، ومثال على ذلك حملة جنين، وتفتيش منزل بسام السعدي أحد رموز الجهاد، ومنزل جمال أبو الهيجا وهو من رموز (حماس) وأسير في السجون الإسرائيلية، كما أن ملاحقة الرموز والنشطاء في هذه التنظيمات وخصوصًا المعتقلين في سجون الاحتلال ليس أمرًا هينًا، بل إنها تجرّ انتقادات كثيرة من الجمهور والسلطة كانت تمتنع عن ذلك، إلا أن أجهزة أمن السلطة ترى الآن أن قواعد اللعبة قد تغيّرت، وفي كل يوم تنشر مواقع إلكترونية محسوبة على (حماس) أسماء نشطاء جرى اعتقالهم، مما جعل السلطة وإسرائيل تنجحان في تفكيك البنية التحتية للحركة في السنوات الأخيرة، وأن يدهم طالت كل ناشط أو اغتالته، وهذا لا يعني أن الحركة توقفت عن محاولة تنفيذ عمليات، بل على العكس فإن (حماس) تحاول وتضاعف جهودها لتنفيذ عمليات خطف جنود واستعراض قوتها، والدليل على ذلك أن الأسرى المحررين في صفقة تبادل شاليط، والذين جرى نفيهم إلى غزة أو إلى الخارج حاولوا إعادة تشكيل خلايا سرية لخطف جنود إسرائيليين أو قتلهم او كلا الهدفين، ولكنهم لم ينجحوا".
وقال التقرير الإسرائلي، "إن اعتقال النشطاء العسكريين ليس هو الذي يقلق حركة (حماس)، وإنما ما يقلقها هو الضائقة الاقتصادية وغياب القيادات السياسية الجماهيرية المعروفة في الضفة، كما أن الوضع الاقتصادي للحركة في الضفة يتأثر بالوضع في غزة والدعم من الخارج، حيث توقف الدعم من الدول العربية وكذلك سورية وإيران وهما حليفتا الحركة سابقًا، وهي أسوأ ضائقة مالية تعيشها (حماس) منذ قيامها، كما أنها ليس لديها قيادات معروفة في الضفة، لأنهم معتقلين مثل الشيخ حسن يوسف ومحمود الرمحي، أما القيادات الأخرى فيبدو أنها قررت خفض رأسها، بل وحتى قطع علاقتهم بالحركة مثل نائب رئيس الوزراء السابق ناصر الدين الشاعر، والذي يمتنع الآن عن الحديث باسم (حماس) علانية، كما أن ضائقة الحركة في الضفة مرتبطة بضائقتها في غزة، فلا تمويل ولا بيت ولا صاحب بيت، ولا أية دولة توافق على استضافة (حماس) ومكتبها السياسي، ويواصل خالد مشعل البحث عن مأوى جديد، وحتى العلاقة مع الحلفاء في سورية وإيران باتت أزمة، وقد خرج موسى أبو مرزوق أخيرًا ضد القائد الأول مشعل، وقال إنه أخطأ حين رفع علم المعارضة السورية، وحتى مشعل نفسه قال قبل أسبوع، إنه يؤيد إرادة الشعوب بشرط عدم العنف، ولكن هذا لم يعجب بشار الأسد والذي وصف (حماس) بالخونة الذين تخلّوا عن المقاومة".
وتابع التقرير الإسرائيلي، أنه "لا يمكن تغييب تأثير الاوضاع في الشرق الأوسط على حركة (حماس) وجماعة (الإخوان المسلمين)، والتي تعرضت للإصابات في كل شارع من غزة وحتى السودان والأردن وحتى مصر، وكيف تحوّل الإخوان المستفيدون الأوائل من الربيع العربي إلى كيس رمل يتعرض للضربات من المحور الشيعي من جهة، ومن المحور السني الذي يسعى جاهدًا للمسّ بالجماعة من جهة السعودية والكويت والبحرين والإمارات ومصر والأردن من جهة ثانية، وهذا ما يمكن أن يفسر محاولة (حماس) لاستعطاف إيران والمحور الشيعي، لأن الحركة تحتاج إلى المال بشدة، بعد إغلاق الأنفاق مع مصر، وقطع إمدادات السلاح، ولكن الحركة تفقد الحظ أيضًا، إذ تنشأ قصة غرامية الآن بين أميركا وإيران، مما يعني أن أمل (حماس) في استعادة عطف المحور الشيعي تذهب أدراج الرياح، ولكن وحتى لا نضلل القارئ، فإن الحركة لا تزال تهنأ من تأييد الجمهور، وصحيح أنها فقدت تأييد 2006، إلا أن رأي الجمهور أمر مُتقلب وليس ثابتًا، وللتذكير فإن وضع (حماس) كان سيئًا بل خطرًا وحرجًا في تشرين الأول/أكتوبر 2011، إلا أن إسرائيل حين قررت منح الحركة سلم الإنقاذ ووافقت على صفقة شاليط وأفرجت عن 1027 أسيرًا، وجدنا أن آلاف من مشجعي (حماس) خرجوا في شوارع الضفة ليحتفلوا، وقد امتنعوا قبل ذلك عن هذا، أي أن قيادة الحركة تفهم الآن أنها إذا حصلت على (شاليط ثاني) أو ثالث، فإن كل ثقة الجمهور ستعود إليها.