تونس ـ أزهار الجربوعي
أكّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، الراعي للحوار الوطني، حسين العباسي، إمكان الإعلان عن رئيس الحكومة التونسية المقبل، نهاية الأسبوع الجاري، معلنًا نجاح الفرقاء السياسيين في الوصول إلى توافق بشأن عدد من القضايا العالقة، على غرار هيئة الانتخابات، وتعديل القانون الداخلي للمجلس التأسيسي (البرلمان
).
يأتي ذلك فيما نفت حركة "النهضة الإسلامية" الحاكمة وجود صفقات بين رئيسها راشد الغنوشي، وزعيم حزب "نداء تونس" و"جبهة الإنقاذ" المعارض الباجي قائد السبسي، مؤكّدة تشبثها بالحوار الوطني.
وأكّد العباسي، عقب لقائه برئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي، "إمكان اختيار الشخصية التوافقية، التي ستتولى رئاسة الحكومة المقبلة، نهاية الأسبوع الجاري، وهو ما سيعجّل باستئناف الحوار الوطني"، على حد وصفه.
وأوضح الأمين العام للمنظمة الشغيلة أن "الفرقاء السياسيين توصلوا إلى التوافق بشأن عدد من المسائل العالقة على غرار التنقيحات المتعلقة بالقانون الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي، وانتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وقد تمّ إيجاد حلول لها".
وبيّن العباسي وجود بعض العراقيل والصعوبات، التي تحول دون استئناف الحوار الوطني، مؤكدًا تطابق مواقفه مع مواقف رئيس الجمهورية بشأن ارتباط نهاية الأزمة القائمة، وتجاوز الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، مع عودة الحوار الوطني، المعلّق منذ 4 تشرين الأول/ نوفمبر، بسبب الخلاف بين القوى السياسية بشأن شخصية رئيس الحكومة المقبل، الذي سيتولى تشكيل حكومة مضيقة، ومستقلة، تتولى تسيير ما تبقى من مرحلة الانتقال الديمقراطي، والإشراف على الانتخابات، وفق ما تنص عليه خارطة الطريق، التي وضعها الرباعي الراعي للحوار الوطني.
وفي سياق متصل، تباحث الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي مع القيادي في حركة النهضة، ونائب رئيسها، عبد الفتاح مورو بشأن "سبل تجاوز الصعوبات التي تحول دون التوافق على الشخصية التي ستوكل إليها مهمة تشكيل الحكومة المقبلة، التي ستتولى تسير البلاد، والإعداد لانتخابات حرة ونزيهة، في أقرب الآجال".
وعبّر عبد الفتاح مورو عن أمله في أن يتوصل مختلف الفرقاء السياسيين إلى حل للأزمة السياسية الراهنة، وأن يتجاوزوا خلافاتهم بشأن رئيس الحكومة المقبلة".
على صعيد آخر، نفى حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم التصريحات الصادرة عن القيادي في الحزب حسين الجزيري، التي أكّد فيها أن حزب "نداء تونس" المعارض يرغب في إنجاز صفقات مع حركة "النهضة".
ووصفت حركة "النهضة" اللقاءات، التي جمعت بين رئيسها راشد الغنوشي وزعيم حزب "نداء تونس" المعارض الباجي قايد السبسي بـ"اللقاءات الأخوية"، موضحة أنها "تندرج في إطار دفع الحوار الوطني، على قاعدة مبادرة الرباعي، تذليلاً للصعوبات التي تعترضه، وتقريبًا لوجهات النظر بين كل الفرقاء، وذلك من منطلق حرص رئيسي حزب حركة النهضة، ونداء تونس على تدعيم التوافق الوطني، وإعلاء المصلحة الوطنية، بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة، والتسويات الثنائية".
وأعربت "النهضة" عن "حرصها على التواصل مع مختلف الأطراف السياسية والمدنية في البلاد، تجسيمًا لرهانها على الوفاق الوطني، لاعتباره السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد"، معلنة عن "تمسكها بمبادرة الرباعي، كإطار وحيد للحوار الوطني، و دعمها الكامل للرباعي الراعي للحوار في جهوده الرامية لاستئناف الحوار في أقرب وقت".
وكان القيادي في حركة "النهضة"، وكاتب الدولة للهجرة حسين الجزيري قد أثار جدلاً بتصريحه، الذي أكّد فيه أن "حزب نداء تونس يرغب في إنجاز صفقة مع حركة النهضة، غير أن النهضة تعتبر أن الوقت الراهن ليس وقتًا للصفقات"، على حد قوله.
وأضاف حسين الجزيري "نحن نعتقد أن نداء تونس مكون أساسي من مكونات الطبقة السياسية في تونس، غير أنه على هذا الحزب أن يقدم المصلحة الوطنية على المصالح الذاتية".
وطالب الجزيري من الباجي قائد السبسي أن "يقبل بأحمد المستيري مرشح النهضة والترويكا لمنصب رئاسة الحكومة".
وعلى الرغم من مسارعة حزب "النهضة" الإسلامي لتفنيد وتوضيح تصريحات القيادي حسين الجزيري، إلا أن مراقبين أكدوا أن تصريح الجزيري الأقرب للواقع، وقد أحرج الحزب الحاكم، الذي سبق وأن واجه اتهامات من شريكه في الحكم، حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، بتقديم تنازلات مجانية، والخضوع لضغوطات والتحضير لصفقات، في مكاتب مغلقة، بين زعيم "النهضة" راشد الغنوشي، ورئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، دون التشاور مع حلفائه داخل الائتلاف الحاكم.
ويؤكّد محللون أن "التحالف داخل ائتلاف الترويكا الحاكم بات هشًا للغاية، وقابلاً للانقسام في أية لحظة، بعد تعرضه لنكسات عدة، التي كان آخرها تعليق حزب التكتل لنشاط كتلته البرلمانية، تعبيرًا عن رفضه للتعديلات، التي وافق عليها حلفاؤه، كتلة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، داخل المجلس التأسيسي، والتي رأى التكتل أنها استهدفت التقليص من صلاحيات رئيسه، ورئيس التأسيسي مصطفى بن جعفر، في حين رفض الشريك الثاني المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي يتزعمه الرئيس المنصف المرزوقي، تراجع كتلة النهضة عن هذه التعديلات، مؤكدًا أن موقفها وتنازلاتها لا تلزم حزبه".