الجزائر – نورالدين رحماني
الجزائر – نورالدين رحماني
شهدت الجزائر في العام 2013 محطات عدة، توقف عندها الجزائريون كثيرًا باختلاف توجهاتهم ومستوياتهم، لعل أبرزها مرض الرئيس بوتفليقة، الذي شغل الجزائريين لأكثر من 8 أشهر، والتغيرات التي أجراها في جهاز المخابرات، وتحييد دوره الداخلي لفائدة قيادة الجيش الجزائري، والذي ارتبط بحدث مهم آخر يتعلق بالاعتداء الذي نفذته جماعة
"الموقعون بالدماء" لزعيمها، المخطار بلمخطار، والتي هاجمت قاعدة بترولية، يديرها أجانب في عين أمناس، جنوب البلاد، وقتلت 37 عاملًا أجنبيًّا.
وتفجرت في هذا العام قضايا فساد طالت مقربين من الرئيس بوتفليقة، أبرزهم وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، والمتهم بتحويل مليارات الدولارات إلى حسابات أقاربه في خارج الجزائر، وتسليم بريطانيا صاحب فضيحة القرن، الملياردير الهارب منذ 10 سنوات عبدالمؤمن خليفة، كما أثار رئيس الوزراء، عبدالمالك سلال، الجدل زلاته في تصريحاته، والتي جعلته مصدرًا للسخرية للمتابعين مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن الإيجابيات التي عاشها الجزائريون تحقيق بعض أحلامهم؛ منها مشروع المترو، وترحيل قاطني البيوت القصديرية والهشة، وغيرها من المشاريع المهمة، والملفات الشائكة التي جندت لها السلطات العليا في البلاد إمكانات ضخمة بهدف تحسين معيشة المواطن، وجاءت أبرز أحداث العام 2013 في الجزائر كالآتي:
"المترو ينطلق في أنحاء الجزائر"
خصصت الدولة أكثر من 447 مليار دينار جزائري، أي ما يعادل 6 مليارات دولار، لتزويد المدن الجزائرية الكبرى بالمترو، وتعزيز الشبكة الوطنية للنقل العمومي للمسافرين، بالإضافة إلى إدخال المترو في مدن جزائرية كبرى، مثل: برج الكيفان، وقسنطينة، ووهران، وسيدي بلعباس، وورقلة، أما سكان سطيف وعنابة، فعليهم الانتظار 24 ساعة لمعرفة ما ستسفر عنه من مشاريع العام 2014.
"مرض الرئيس"
وتعرض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، إلى جلطة دماغية عابرة، والتي ألزمته العلاج لأشهر عدة، وكان من الضروري، أن ينتقل بوتفليقة إلى مستشفى "فال دوغراس" الفرنسي؛ لاستكمال علاجه التي باشرها في المركز الوطني للطب الرياضي، وقضى فترة نقاهة، أثار مرض بوتفيلقة موجة من التساؤلات والجدل بين ناقم ومتعاطف، أما الشعب الجزائري، فكان يد واحدة، ودعا بالشفاء العاجل للرئيس، في الوقت الذي تحدثت فيه بعض الأطراف عن الرئيس وكأنه مات.
"تسليم بريطانيا الملياردير خليفة"
وتميز العام 2013 في المجال القضائي بحدث بارز، تمثل في تسليم الملياردير، رفيق عبدالمؤمن خليفة، بعد معركة قضائية طويلة، خاضتها العدالة الجزائرية، وكانت العدالة البريطانية، وافقت على التسليم على أساس وقائع إجرامية محضة وتزوير، معتبرة أنه حتى وإن كان النظام القضائي الجزائري يختلف عن النظام البريطاني إلا أنه يمنح الضمانات التي ينص عليها الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان في مجال المحاكمة العادلة، وصدر في حق خليفة أمر توقيف دولي، ولجأ إلى بريطانيا منذ العام 2003، وتم تسليمه وفقًا للإجراءات القانونية وأحكام الاتفاق القضائي بين الجزائر والمملكة المتحدة، وأطلق على القضية "فضيحة القرن".
"انطلاق الجيل الثالث في خدمات الإنترنت"
وشهدت الإستراتيجية الوطنية لشبكة الإنترنت الفائق السرعة في الجزائر في العام 2013 وتيرة سريعة منقطعة النظير مع إطلاق الهاتف النقال من الجيل الثالث، ورفع سرعة تدفق شبكة الثابت إلى 8 ميغابايت لفائدة الجمهور العريض، وتميز مخطط تطوير الاستفادة من شبكة الإنترنت الذي تدعم العام 2011، بإدخال إجراءات خاصة لتعميم الانترنت الفائق السرعة في كل مناطق الوطن من خلال إدخال الجيل الثالث، وهي تكنولوجيا طالما انتظرها مستخدمو الإنترنت.
وعرفت تلك المسيرة ذروتها في شهر تموز/يوليو، حينما قررت السلطات العمومية الإطلاق الرسمي لمنح تراخيص الجيل الثالث، ومنذ ذلك الحين سارت الأمور بسرعة حيث أصبحت تكنولوجيا الجيل الثالث حقيقة بعد أن قررت سلطة ضبط البريد والاتصالات، وإطلاق مناقصة للحصول على تراخيص الجيل الثالث، كما تقرر فتح الأظرف في 15 أيلول/سبتمبر.
وتم منح التراخيص في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2013، وحصل المتعاملون الثلاثة للهاتف النقال، على التراخيص النهائية لاستغلال الجيل الثالث، في مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري، كما دخل تسويقها حيز التنفيذ في 12 من الشهر ذاته.
"تأهل المنتخب الجزائري إلى كأس العالم في البرازيل"
حفظ المنتخب الجزائري لكرة القدم ماء وجه العرب، بتأهله إلى نهائيات كأس العالم، المقررة في البرازيل، العام المقبل، وذلك بفوزه على ضيفه البوركينابي، وصيف بطل أفريقيا 1-صفر، في ملعب مصطفى تشاكر، في البليدة، في إياب الدور الحاسم من التصفيات الأفريقية.
وهي المرة الثانية على التوالي التي تبلغ فيها الجزائر العرس العالمي، والرابعة في تاريخها بعد أعوام؛ 1982 و1986 و2010، وحفظ المنتخب ماء وجه العرب كونها جنبتهم الغياب عن المونديال للمرة الأولى منذ العام 1974.
وكانت الجزائر الأمل الأخير للعرب في التأهل إلى المونديال بعد فشل منتخبي؛ تونس ومصر، أمام الكاميرون وغانا، بالنظر إلى المهمة المستحيلة للأردن أمام الأوروغواي في إياب الملحق الأسيوي.
"انجازات تاريخية للملاكمة الجزائرية"
وشهد العام 2013 أوضاعًا استثنائية وتاريخية للملاكمة الجزائرية التي كانت بحق مصدر فخر واعتزاز للرياضة الوطنية, بإحرازها ميدالية فضية في بطولة العالم في "ألماتي الكزاخستانية"، و5 ذهبيات، وبرونزية واحدة، في ألعاب "مرسين المتوسطية" في تركيا، لتستعيد الجزائر ريادتها الأفريقية، بعد تحقيقها المركز الأول في البطولة الأفريقية في العام 2011, والتتويج مرتين بكأس أفريقيا في عامي؛2010 و2012, ومركز أول في الألعاب الإفريقية في "مابوتو2011".
"قضية تهز الرأي العام الجزائري"
هزت قضية حبس الرياضي، الإسلام خوالد، لمدة سنة، بتهمة هتك عرض قاصر، الرأي العام الجزائري، وأثار الحكم صدمة لدى والد إسلام الذي حوّلته الشرطة إلى مركز إعادة التربية.
"انطلاق البرنامج السكني"
انطلقت في العام 2013 عملية الاكتتاب في البرنامج الجديد للسكن، من نوع البيع بالإيجار من أجل تحسين السكن، وتطويره، حيث تضمن البرنامج الجديد 150 ألف وحدة سكنية، وتم إنجاز نحو 90 ألف وحدة قبل نهاية العام الجاري.
"حادث القنصلية في المغرب واستدعاء السفير"
استدعت وزارة الخارجية الجزائرية، في تشرين الثاني/نوفمبر، القائم بالأعمال المغربية في الجزائر، لإبلاغه احتجاج الجزائر الرسمي على حادث الاعتداء على مبنى القنصلية الجزائرية في الدارالبيضاء المغربية.
وبدأت القضية، حين أقدم شاب مغربي، بتسلق مبنى قنصلية الجزائرية في الدار البيضاء، قبل أن يقوم بإنزال العلم الجزائري من المبنى.
واستغربت الخارجية الجزائرية، كيف يتمكن شخص من أخذ كامل وقته في الصعود إلى مبنى القنصلية ونزع العلم الجزائري، دون أي تدخل من الشرطة والأمن المكلف بحماية الممثلية الدبلوماسية.
"عزل جنرالات المخابرات الجزائرية وتحييد دورها داخليًّا"
أقدم بوتفليقة بعد عودته من العلاج من فرنسا على إحداث تغييرات جذرية على جهاز المخابرات الجزائرية، الذي يقوده الجنرال محمد مدين، المدعو، توفيق، وهو الجنرال القوي في الجزائر، والذي صنع مختلف رؤساء الجزائر، وكان له الفضل في وصول بوتفليقة إلى الحكم في العام 1999 بمساعدة الجنراليين؛ العماري، وخالد نزار، وغيرهما.
وضمت التغييرات إنهاء مهام جنرالات قوية في المخابرات كالجنرال، بشير طرطاڤ، مسؤول مكافحة التجسس، والجنرال، رشيد لعلالي، مدير الأمن الخارجي، وتعيين الجنرال عبدالحميد بن داود، مسؤول مكتب جهاز الاستخبارات السابق في العاصمة الفرنسية، باريس، والتي رأى محللون أنها تندرج في إطار محاولات من بوتفليقة لتغيير صورة جهاز المخابرات، وإعطائه صورة جديدة بعيدًا عن الصرامة والعنف اللذين عرفت بهما، في عهد طرطاڤ، إلى جانب حماية جماعات المصالح من المقربين من بوتفليقة، والذين بدأت ملفات فاسدة تكشف للرأي العام، كوزير النفط الجزائري السابق شكيب خليل، والذي اتهم جهاز المخابرات بأنه من كان وراء تسريب المعلومات الخاصة بها، إضافة إلى ذلك اعتبر ذلك ترتيب أوراق من قبل بوتفليقة تمهيدًا لمدته الرابعة.
"الهجوم الإرهابي على قاعدة "تيقنتورين البترولية" جنوب الجزائر"
شكل الاعتداء الإرهابي على المنشأة الغازية بتيڤنتورين في عين أمناس، جنوب الجزائر في كانون الثاني/يناير من العام 2013، حدثًا بارزًا في الجزائر، وحتى في خارجها، بالنظر إلى نوعية الهجوم، وكذا المنشاة المستهدفة، والذي خلف مقتل 37 عاملًا أجنبيًّا، بعد احتجاز دام يومين من جماعة إرهابية مكونة من 29 مسلحًا.
العملية جعلت رئيس الحكومة البريطاني، ديفيد كامرون، يسارع إلى زيارة الجزائر، وهي الأولى لوزير أول بريطاني، منذ الاستقلال، وطرحت تساؤلات كبيرة داخليًّا وخارجيًّا بشأن قدرة الجزائر على تأمين منشاتها النفطية، التي تشتغل فيها أيدي عاملة أجنبية كبيرة من مختلف الجنسيات، وتأمين حدودها الشرقية الملتهبة مع ليبيا، والتي تسللت منها الجماعة التي نفذت الاعتداء.
"رئيس الوزراء عبدالمالك سلال وزلاته في التصريحات"
استطاع رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، أن يوفّر لنفسه مركزًا متقدمًا، ضمن الشخصيات الجزائرية الفاعلة على المشهد العام، والأكثر إثارة للجدل، خلال العام 2013، وتحولت كلمة "الفقاقير" التي أطلقها خلال إحدى جولاته الميدانية في محافظة، تمنراسنت، جنوب الجزائر، إلى مصدر للسخرية، ورمزًا لأي خطأ لغوي يقع من أي مسؤول جزائري، لدرجة أن تحولت كلمته من مجرد تصريحات سياسية إلى "أمثلة شعبية"، يتداولها المواطن العادي في التعليق على سير حياته اليومية.
و"الفقاقير" تلك الكلمة التي أطلقها سلال، في اجتماع في مدينة تمنراست، جاءت في عبارة شهيرة له عندما قال، أن "عدد "الفقاقير" في ارتفاع في الصحراء الجزائرية"، مما أثار موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرت أنه أخطأ في جمع كلمة "فقير"، واعتبرها "فقاقير" بدلًا من "فقراء".