تونس ـ أسماء خليفة
تجدّدت الاشتباكات بين قوات الشرطة التونسيّة والمُحتجّين في مدينة بنقردان في محافظة مدنين (600 كلم جنوب شرقي العاصمة)، مساء السبت، حيث اندلعت هذه الاحتجاجات منذ الثلاثاء الماضي، رفضًا لغلق معبر رأس جدير الحدوديّ مع ليبيا. وقد زار رئيس الحكومة الموقّتة مهدي جمعة، محافظة مدنين، الأحد الماضي، برفقة وفد
تكوّن من وزير الدفاع، والوزير المُكلّف بالأمن، والناطق الرسميّ باسم الرئاسة، ووزيري الاقتصاد والمال، وقائد الحرس الوطنيّ، واطلع خلال هذه الزيارة على عمل المركز الحدوديّ في ميناء الكتف التابع للحرس الوطنيّ.
ووصل جمعة، إلى معبر رأس جدير الحدوديّ، الذي تمّ غلقه من الجانب الليبيّ منذ الثلاثاء 5 أذار/مارس الجاري، حيث عقد جلسة أمنيّة في مقر محافظة الشرطة في المكان، بحضور وزارات الداخلية والدفاع والاقتصاد، أعلن خلاله نيّة الحكومة رسميًّا إغلاق المعبر في وجه التجارة الموازية، والتي يرتزق منها الآلاف في مدينة بنقردان، وتعتبر مورد الرزق الأساسيّ لأهالي المدينة، خصوصًا أن جمعة لم يخف في أول ظهور إعلاميّ له، أن من ضمن النقاط الأساسيّة في خطة حكومته لإنعاش الاقتصاد التونسيّ، هو هيكلة التجارة الموازية والحدّ من التهريب.
وتسبّبت زيارة جمعة الى المعبر الحدوديّ، في اندلاع هذه الاحتجاجات، التي أدّت إلى حتى الآن إلى وقوع إصابات في صفوف رجال الشرطة، مع الاستخدام المُكثّف للغاز المسيل للدموع، علمًا أن السُلطات الليبيّة أغلقت المعبر قبل أسبوعين، من جانب واحد، إثر اضطراب شهده المعبر في جانبيه التونسيّ والليبيّ، بسبب تعرّض أحد التُجّار من بن قردان كان على متن شاحنته في التراب الليبيّ إلى حادث مرور.
وأفادت مصادر مطلعة، أن المُتضرّر في الحادث، وهو تاجر من مدينة بنقردان، طالب بالتعويضات اللازمة للأضرار التي لحقت به، فتم حجز الشاحنة في ليبيا، مما أثار حركة احتجاجيّة في بن قردان، خصوصًا في ظل عدم التوصّل إلى اتفاق في هذا الشأن، وهو ما أدّى إلى قطع الطريق المؤدي إلى المعبر.
وقد أرجع مدير أمن معبر رأس جدير الحدوديّ، العقيد الليبيّ محمد جرافة، هذا القرار، إلى ما وصفه بـ"عدم التزام السُلطات التونسيّة والعاملين في المعبر، بتطبيق القوانين على المواطنين التونسيّين".
وأمام استمرار غلق المعبر وتلويح الحكومة رسميًّا بالحدّ من التجارة الموازية، ما بعد تأكيد جمعة، أن حكومته عازمة على التصدي لكل أشكال التجارة الموازية وغير المُقنّنة بين تونس وليبيا، تأكّدت المخاوف لدى أهالي بنقردان، أنهم على مشارف فقدان مورد رزقهم الوحيد منذ سنوات، فكان الاندفاع للاحتجاج في الشوارع والاشتباك مع الشرطة.
ويطالب المحتجّون بإيجاد حلول تنمويّة بديلة في المدينة، في حال غلق المنافذ أمام التُجّار مع الجارة ليبيا، رافضين "الحلول الوقتيّة" على حدّ وصفهم، مثل الاكتفاء بغلق المعبر.
وذكرت إذاعة "تطاوين"، أن مهرّبًا من بنقردان قُتِل مساء السبت، إثر إصابته بعد عملية مطاردة من قبل فرقة الديوانة العازلة بين تونس وليبيا، وقد تم نقله إلى المستشفى المحليّ في بنقردان، وسط حضور شعبيّ كبير.
ويبدو أن الشاب المهرّب، الذي كان على متن سيارة رباعيّة الدفع مُعدّة للتهريب، لم يمتثل إلى أوامر الحرس الديوانيّ وهو ينقل شحنة من الخمور إلى ليبيا.
وأعلن مُنسّق العلاقات التونسيّة ـ الليبيّة والمُصالحة خالد التاجوري، أن معبر رأس جدير استأنف نشاطه رسميًّا انطلاقًا من فجر اليوم الأحد، بعد مفاوضات ناجحة تمّت بين الطرفين التونسيّ والليبيّ في مدينة زوارة، مؤكدًا أنه تم الاتفاق على تكوين لجنة دائمة مشتركة لبحث الخلافات التي قد تطرأ مستقبلاً على مستوى المعبر.