بغداد – نجلاء الطائي
يصطدم تصويت مجلس النواب "المبدئي" على إلغاء مكاتب 35 مفتشاً عاماً يراقبون أداء الوزارات والهيئات، برفض الحكومة ولجنة النزاهة البرلمانية، وكلّفت لجنة مشتركة من النزاهة البرلمانية وهيئة النزاهة لتقييم عمل كل المفتشين العموميين قبل إلغاء المفتشين، ويتحدث نواب عن وجود أعداد كبيرة من الموظفين في مكاتب المفتشين تصل في بعض الوزارات إلى 2000 موظف، ويتفاوت عدد موظفي مكتب المفتش العام، حسب أهمية الوزارة أو الهيئة المعنيين بمراقبتها.
وصوّت مجلس النواب، الأسبوع الماضي، على قبول مقترح لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين المقدم من قبل اللجنة القانونية، وينص المقترح على إعادة المفتشين العموميين كافة الى دوائرهم ومناصبهم السابقة، وتحويل ممتلكات وأرشيف مكاتب المفتشين الى دائرة المدعي العام الإداري، وكشف رئيس لجنة النزاهة البرلمانية طلال الزوبعي، أنّ "معظم مخرجات هيئة النزاهة واستجوابات أعضاء مجلس النواب للمسؤولين التنفيذيين، تمت بالاعتماد على مكاتب المفتشين العموميين"، محذراً من أنّ "إلغاء المفتشين سيتسبب بخلل في أحد أذرع الرقابة".
ويتحدث الزوبعي، عن خشية معظم الوزراء من عمل بعض المفتشين العموميين ويعتبرونهم حلقة زائدة لأنهم يراقبون أعمالهم، لافتاً إلى أن "عدد المفتشين العموميين في كل مؤسسات الدولة العراقية يفوق الـ28 مفتشاً"، وقدّم النائب عن كتلة بدر محمد كون، مقترح قانون إلغاء المفتشين العموميين إلى اللجنة القانونية بعد ما قام بجمع تواقيع أكثر من 100 نائب من مختلف الكتل البرلمانية، ويوضح رئيس لجنة النزاهة أن "تعيين المفتشين العموميين يتم عن طريق رفع أسماء من قبل هيئة النزاهة ثم يتم التصويت عليهم من قبل مجلس الوزراء". معرباً عن اعتراضه بشأن "آلية التعيينات كون أن بعض المفتشين لا يفقه في القانون ولا يمتلك الاختصاص".
وعن إمكانية استبدال مكاتب المفتشين بالادعاء العام، يقول الزوبعي إن "القضاء وحده لا يفي بالمهمة، لأنه سلطة مستقلة وتدخله يتعارض مع نصوص الدستور التي تؤكد على الفصل بين السلطات"، ويؤكد أن "المفتشين العموميين سلطة رقابية مهمة مكملة لهيئة النزاهة وديوان الرقابة"، ويضيف رئيس لجنة النزاهة "هناك لجنة شكلت لتقييم عمل مكاتب المفتشين العموميين مكونة من هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية، ستبدأ عملها بعد الانتهاء من العطلة التشريعية"، وأشار إلى أن "الحكومة أبلغت لجنة النزاهة، عن طريق ممثلها في البرلمان، رفضها إلغاء مكاتب المفتشين".
ويتكون مكتب المفتش العام في كل وزارة من عدة أقسام، منها قسم التدقيق، والتحقيق، والرقابة، والتحري، والتفتيش، والتقييم، والإدارة العامة، والحسابات، والمالية، ومكتب المفتش العام إضافة إلى السكرتارية والإداريين والفنيين، ويصل الراتب الشهري للمفتش العام إلى أقل من ستة ملايين دينار، مع تخصيص 12 عنصر حماية، بالاضافة الى موكب يتكون من 8 سيارات. ويتجاوز عدد كوادر المفتشين العموميين في بعض الوزارات إلى اكثر من 2000 موظف، والبعض الآخر يصل إلى 650 موظفاً بحسب أهمية الوزارة.
وتقوم مكاتب المفتشين العموميين، بحسب القانون النافذ، بفحص ومراجعة كل سجلات الوزارة بغية توافر النزاهة والشفافية والكفاءة ورفع تقاريرها إلى الوزير وهو ما يشكل عليه البعض في كيفية مصادقة الوزير على تقارير تؤكد فساده، ويؤكد عضو لجنة النزاهة، النائب عقيل الزبيدي، أنّ "إلغاء مكاتب المفتشين العموميين أثير في الأروقة السياسية قبل عام من الآن"، وأشار إلى "وجود شخصيات تنفيذية دفعت الى إلغاء هذه المكاتب ،لأنها تتضايق من أعمالها الرقابية، هناك جهات سياسية وشخصيات تدفع باتجاه إلغاء المفتشين العموميين"، مشيراً الى أن "بعض هذه المكاتب لا تعمل بشكل صحيح ، وتعتمد المجاملات في كثير من الامور التي تخص بعض الوزراء".
ويشير عضو لجنة النزاهة إلى "الصمت البرلماني الذي رافق طرح مقترح إلغاء مكاتب المفتشين العموميين في مجلس النواب بعدما صوّت النواب بالإجماع على هذا القانون، باستثناء لجنة النزاهة البرلمانية التي دعت إلى إصلاح هذه المكاتب وليس إلغاءها"، ويمنح قانون المفتشين العموميين الوزير المعني صلاحية إقالة المفتش من منصبه في حال وجود مبرر للإقالة، كالعمل خلافاً للقانون، أو للواجبات الرسمية أو استخدام المركز وقبول الرشوة.
ويلفت النائب عن كتلة الفضيلة البرلمانية الى أن "العدد الإجمالي للمفتشين العموميين في الوزارات والهيئات المستقلة يصل إلى ما يقارب 35 مفتشاً"، متسائلا بالقول "في حالة إلغاء هذه المكاتب مَن يراقب عمل الوزير؟"، ويؤكد الزبيدي أن "التقارير التي يعدها المفتش العمومي تحتاج إلى مصادقة الوزير المعني، وقد تخضع إلى التعديل والشطب من قبل الوزير"، لافتاً إلى أن "كل مفتش لديه على أقل تقدير 10 محققين ومعاونين اثنين إضافة إلى الإداريين والفنيين".
وشدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اليوم الاثنين، على أهمية حسم ملفات الفساد الكبرى في البلاد، وذكر المكتب الاعلامي للعبادي في بيان ورد " العرب اليوم "ان المجلس الأعلى لمكافحة الفساد عقد اجتماعه الدوري اليوم الاثنين برئاسة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وبحضور اعضاء المجلس كافة، وأكد العبادي على "المضي بالمنهج الذي اعتمدته الحكومة في محاربة الفساد وملاحقة المفسدين"، مشيرا الى اهمية حسم ملفات الفساد الكبرى والتحقق من دقة المعلومات الخاصة بها وصولا الى محاسبة الفاسدين الذين يتسببون بسرقة المال العام أو هدره، ووجّه بـ"إخضاع مكاتب المفتشين العموميين لدورات تدريبية نوعية لتلافي نقاط الضعف التي كشفتها نتائج التقييم، اضافة الى الاستمرار في متابعة القضايا ودعم عمل الفريق الوطني الميداني بما يضمن تأمين تحقيق اداري شفاف، فضلا عن حسم الملفات التي بحوزته ورفع العقبات والمعوقات التي تحول دون حسم الكثير من القضايا المتلكئة لاسترداد الاموال وتقديم الفاسدين للقضاء".