عدد من عناصر الجيش الحر
دمشق ـ جورج الشامي
قصف الجيش السوري الحر "المعارض"، الثلاثاء، القصر الجمهوري في دمشق بقذيفتين، وأسقط 24 صاروخًا على مطار دمشق الدولي، فيما اقتحمت القوات الحكومية المدينة الجامعية في العاصمة، واعتقلت عددًا من الطلبة فيها، وقطعت الكهرباء عن الجامعة، وسط إعلانها حالة استنفار قصوى في دمشق بإغلاق طرق حيوية
عدة، في الوقت الذي فاز فيه المعارض السوري الكردي غسان هيتو بمنصب رئيس وزراء الحكومة الموقتة المكلفة بإدارة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث يحظى هيتو باحترام الإسلاميين في المعارضة، وقبول الليبراليين في الوقت نفسه، تزامنًا مع إعلان الحكومة السورية مجددًا استعدادها للحوار مع رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب وغيره من المعارضين، دون شروط مسبقة.
وتبادل النظام السوري والمعارضة المسلحة، الاتهامات بشأن استخدام صاروخ مزود بمواد كيماوية، في منطقة خان العسل التابعة لريف حلب، الثلاثاء، حيث نفى قاسم سعد الدين، وهو أحد كبار قادة مقاتلي المعارضة، والمتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى في حلب، أي صلة للمعارضة المسلحة بالهجوم الذي استهدف بلدة خان العسل وقال "أعتقد أن قوات النظام أطلقت صاروخ سكود مزودًا بسلاح كيماوي".
وذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن "إرهابيين أطلقوا صاروخًا يحتوي مواد كيماوية في منطقة خان العسل، الواقعة في ريف حلب الشمالي"، وأضافت أن "هذا الصاروخ أسفر عن مقتل 15 شخصًا، معظمهم من المدنيين، إضافة إلى عدد من الجرحى".
ووصف وزير الإعلام السوري عمران الزعبي الهجوم بأنه "تصعيد خطير"، واتهم "دولاً إقليمية بدعم المعارضة لتنفيذ مثل هذه الهجمات".
في المقابل قال ناشطون في المركز الإعلامي المعارض في حلب إن صاروخ "أرض-أرض" سقط في خان العسل ما سبب حالات اختناق وتسمم.
وكانت دول غربية عدة قد حذرت من وقوع الأسلحة الكيماوية، التي يملكها النظام في يد المعارضة المسلحة، وهددت بالتدخل العسكري إن حدث ذلك.
واتهمت المعارضة القوات السورية باستخدام أسلحة كيماوية في حي الخالدية في حمص ودوما في ريف دمشق، وكان النظام السوري قد أقر في تموز/يوليو 2012 للمرة الأولى بامتلاك هذا النوع من الأسلحة، وهدد باستخدامها حال تعرضه لتدخل عسكري غربي، مؤكدًا أنه لن يستخدمها في أي ظرف ضد شعبه.
وفي أول رد دولي على التقارير، التي تفيد بوقوع هجوم بأسلحة كيماوية في سورية، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية "المملكة المتحدة واضحة في أن استخدام الأسلحة الكيماوية أو نشرها سيستدعي ردًا جادًا من المجتمع الدولي، وسيضطرنا لإعادة النظر في موقفنا حتى الآن"..
ميدانيًا، استولى الجيش "الحر" المعارض على مركز كتيبة مدفعية في النعيمة في محافظة درعا الجنوبية بعد معارك عنيفة انتهت بانسحاب القوات النظامية مع الدبابات الموجودة في الكتيبة، التي دخلها مسلحو المعارضة، وفقًا لما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في هذه الأثناء أفادت مصادر بسقوط 3 قذائف على مدينة جديدة عرطوز وهي من المناطق الهادئة في ريف العاصمة السورية.
وجنوبًا، سيطر مقاتلو المعارضة السورية، على مركز للهجانة "حرس الحدود" قريب من الحدود الأردنية، بعد انسحاب القوات النظامية منه، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وجاء ذلك غداة يوم دام في سوريا قتل فيه بحسب المرصد السوري161 شخصًا، في أعمال عنف في مناطق مختلفة من سورية.
وقالت مصادر المعارضة السورية أن مناطق في محافظة ريف دمشق، منها مدينة داريا، قد تعرضت للقصف من قبل القوات الحكومية، فجر الثلاثاء، كما دارت اشتباكات في محيط حاجز سيدي مقداد العسكري، ومحيط حاجز مفرق المؤتمرات، ومحيط حاجز مساكن نجها، رافقها قصف من قبل القوات النظامية على مناطق في بلدتي الذيابية والبحدلية، ومخيم الحسينية، كما دارت اشتباكات عنيفة أخرى في منطقة السيدة زينب، رافقها أصوات انفجارات عنيفة, كما تعرضت مناطق في مدينة حرستا وأطراف مدينة يبرود للقصف من قبل الجيش السوري، فجر الثلاثاء، واستشهد أربعة مواطنين أحدهم مقاتل من الكتائب المعارضة، خلال اشتباكات مع القوات النظامية في بلدة العتيبة، ورجل مجهول الهوية استشهد برصاص قناص في بلدة ببيلا، ومواطنان اثنان من مدينة داريا، أحدهما استشهد متأثرًا بجراح أصيب بها جراء القصف على منطقة أشرفية صحنايا منذ يومين، والأخر طفلة استشهدت جراء القصف على المدينة، كما تعرضت مدن وبلدات المعضمية، والمليحة، ويلدا، والسبينة، وبيت سحم، والمزارع المحيطة بمدينة حرستا للقصف من قبل القوات النظامية، ما أدى إلى سقوط جرحى واستشهاد سيدة في بلدة المليحة.
وفي محافظة دمشق سقطت قذائف على الأحياء الجنوبية، وتجدد القصف من قبل القوات النظامية على مخيم اليرموك، ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا كما تعرض حيي الحجر الأسود وبرزة للقصف من قبل القوات النظامية، ما أدى إلى أضرار مادية.
وتعرضت مدينة السفيرة في ريف حلب للقصف من جانب القوات النظامية، فيما سقطت قذيفة على بلدة حيان، ما أدى إلى أضرار مادية، كما تعرض محيط مطار منغ العسكري للقصف بالطيران الحربي، وأكدت مصادر طبية عن مقتل ما لايقل عن 26 شخصًا، بينهم 16 من القوات النظامية، و10 يعتقد انهم مدنيين، كما أصيب العشرات بجراح إثر سقوط صاروخ على بلدة خان العسل في ريف حلب.
وفي محافظة درعا تعرضت مناطق في بلدة أم ولد في الريف للقصف من قبل القوات الحكومية صباحًا، مما أدى إلى سقوط جرحى وسيطر مقاتلون على كتيبة للقوات الحكومية في بلدة النعيمة بعد انسحاب جنودها منها، كما تعرضت مناطق في بلدات بصرى الشام والغارية الغربية والنعيمة ومحجة والحارة للقصف، وقُتل مقاتل من المعارضة من ريف دمشق خلال اشتباكات مع قوات الجيش السوري في قرية جملة، وفي دير الزور قتل كذلك أحد القادة الميدانيين في لواء مقاتل للكتائب المعارضة خلال اشتباكات في حي الرشدية، كما تعرض حي الحويقة في المدينة للقصف دون أن ترد معلومات عن خسائر بشرية، وتعرضت مدينة الرقة للقصف بالطيران الحربي صباحًا، وفي محافظة حماة تتعرض مناطق في بلدتي كفرزيتا وكفرنبودة للقصف من قبل القوات السورية التي تشتبك مع مقاتلين من المعارضة في محيطهما، أما في محافظة إدلب فقتل مقاتل وأُصيب آخر بجرح خلال اشتباكات عنيفة، وتعرضت بلدتي معرة مصرين، وكنصفرة في ريف إدلب للقصف من قبل القوات النظامية، ما أدى إلى أضرار مادية، وأنباء عن سقوط جرحى.
وأعلن الجيش الحرّ "المعارض"، أنه أطلق قذيفتين على القصر الجمهوري، واستهدف المربع الأمني في كفر سوسة بقذائف، وأنه أسقط 24 صاروخًا على مطار دمشق الدولي الثلاثاء، فيما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قبل قليل، أن "5 قذائف هاون سقطت على أماكن مختلفة في غرب دمشق، وحددت الأماكن في حديقة تشرين ومحيط مستشفى المواساة، ومن المعروف أن المكانين قريبين من القصر الجمهوري، وأنه لم تقع أي إصابات، وأن قوات الجيش السوري اقتحمت المدينة الجامعية في دمشق، واعتقلت عددًا من الطلبة فيها وقطعت الكهرباء عن الجامعة".
وقال بعض الطلاب في المدينة الجامعية في دمشق، فإن هذا الاقتحام جاء على خلفية توزيع منشورات تدعو إلى الحرية وإسقاط النظام في كليات جامعة دمشق، لاسيما في كلية الهندسة المدنية والهندسة المعمارية والعلوم.
وأفاد ناشطون، أن "القوات الحكومية في حالة استنفار كاملة في العاصمة دمشق، وقامت بإغلاق طريق قاسيون والربوة المؤدي إلى دمشق، وقد قامت الحواجز بإرجاع القادمين إلى العاصمة، وترافق ذلك بانتشار أمني كثيف، كما تم إغلاق مدخل المزة بساتين والتي تؤدي إلى منطقة كفر سوسة".
وقد أحصت الهيئة العامة للثورة السورية، عدد المساجد التي استهدفتها القوات الحكومية في المدن السورية الثائرة خلال عامين منذ بداية ولادة الثورة وحتى اليوم، وقدرت عددها بحوالي 748 مسجدًا، منها مساجد سويت بالأرض، ومساجد لم تعد تصلح لأداء الصلاة فيها، وضمت القائمة عددًا كبيرًا من المساجد الأثرية، والتي يعود تاريخ بناؤها إلى أكثر من 1000 عام، فيما تحوي بعض المساجد مدارس شرعية إعدادية وثانوية، وتوزعت المساجد المستهدفة على 149 جامعًا في حمص، و126 في ريف دمشق، و10 في إدلب، و71 في درعا، و62 في حماة، و52 في دير الزور، و54 في دمشق، و32 في الساحل السوري "بانياس وطرطوس واللاذقية"، و2 في الرقة، و2 في القنيطرة، موضحة أن "عدد الأئمة والمؤذنين الذين قتلوا على يد الجيش السوري، بلغ 23 إمام مسجد، منهم 5 قتلوا تحت التعذيب، و9 مؤذنين منهم 3 قتلوا تحت التعذيب، وتوزعوا 10 في دمشق وريفها، و6 في حمص، و5 في إدلب، و3 في درعا، و3 في حلب، و3 في دير الزور، و1 في كل من حماة واللاذقية".
وأكد وزير المصالحة السوري علي حيدر، في حديث صحافي له، أنه "مستعد للحوار مع رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب وغيره من المعارضين، وأن دمشق ترفض الشروط المسبقة بضرورة تنحي الرئيس بشار الأسد لبدء الحوار، لكننا قلنا منذ بداية الأزمة إن كل المسائل منوطة بطاولة الحوار، ولا مانع من طرح ذلك على طاولة الحوار مقابل آخرين سيطرحون خيارات أخرى".
وفاز المعارض السوري الكردي غسان هيتو، بمنصب رئيس وزراء الحكومة الموقتة المكلفة بإدارة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وذلك خلال اجتماع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في إسطنبول، حيث حصل هيتو على 35 صوتًا من أصل 53 صوتًا شاركوا في عملية التصويت، التي كان من المفترض أن يشارك بها 62 عضوًا، وحصل منافسه أسعد مصطفى على 7 أصوات، تلاه وليد الزعبي بصوتين.
وجاء ذلك الفوز بعد جلسات استمرت ساعات عدة، جمعت 60 عضوًا من أعضاء الائتلاف، الذين شاركوا بدورهم في عملية التصويت، وستعمل الحكومة الموقتة داخل الأراضي السورية، وذلك كشرط أساسي قدمه الائتلاف لكل الأعضاء المرشحين قبل إجراء عملية الانتخاب.
وأكد هيتو، في أول مؤتمر صحافي له كرئيس للحكومة، أن "أولى مهام الحكومة الموقتة هي استخدام كل الوسائل والأساليب لإسقاط نظام بشار الأسد، ولا حوار مع النظام".
وتابع هيتو أنه "سيتم اختيار الوزراء وفق معايير الكفاءة والمهنية، وبموافقة قوى المعارضة والائتلاف الوطني، وستبدأ الحكومة من المناطق المحررة، وستمهد للشعب بالتعاون مع الائتلاف الطريق نحو مؤتمر وطني عام"، و أضاف قائلاً "نحن ضد كل فكر دموي، ونحن مجتمع متسامح."
وأكد رئيس حكومة المعارضة السورية أن "بسط سيطرة الدولة السورية الجديدة في المناطق المحررة سيكون بالتعاون الوثيق مع قيادة أركان الجيش الحر، والكتائب، عن طريق إرساء الأمن والقانون ومكافحة الجريمة".
وأضاف هيتو أنه "سيتم تفعيل القضاء والمؤسسات الإدارية، والتحكم بالمعابر الحدودية المحررة، واعتبارها المنافذ الوحيدة لدخول الإغاثة"، منوهًا بأنه "سيتم إعطاء الأولوية لتأمين الدعم المالي والعسكري للجيش الحر".
وعن اللاجئين والنازحين السوريين إلى خارج سورية قال هيتو "إن الحكومة الموقتة ستحاول جهدها، بغية أن يعود السوريون إلى المناطق المحررة".
ودعا هيتو "جنود وضباط الجيش النظامي إلى إلقاء السلاح والانحياز للشعب"، مؤكدًا أن "الشعب السوري لن يغفر لمن أوغل في دمائه، ولن يرحم الدول الداعمة للأسد"، مشيرًا إلى أنه "من الضروري أن يستعيد الشعب السوري الأموال المجمدة في البنوك".
وقد تبوأ الكردي غسان هيتو أو "رجل التوافق" كما يصفه أعضاء في الائتلاف الوطني السوري، خلال حياته التي أمضى قسمًا كبيرًا منها في الولايات المتحدة، مناصب عالية في شركات عالمية للتكنولوجيا والاتصالات، وكان ناشطًا منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في الولايات المتحدة في المجالين الإنساني والسياسي، فيما قال أعضاء في الائتلاف إن "رئيس الحكومة الموقتة يحظى باحترام الإسلاميين في المعارضة، وبقبول من الليبراليين بالنظر إلى مساره المهني الناجح في الولايات المتحدة".
وحصل هيتو، المولود في دمشق عام 1963، على شهادتي البكالوريوس في الرياضيات وعلوم الحاسب الآلي من جامعة بورديو عام 1989، ونال درجة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA) عام 1994، وعمل مديرًا تنفيذيًا في شركة "إينوفار" لتكنولوجيا الاتصالات لكن في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ترك منصبه فجأة لينضم إلى الثورة السورية، فقد شارك في تأسيس "تحالف سورية الحرة" في الولايات المتحدة، وتولى منصب نائب الرئيس منذ 2011، وهدف التحالف إلى "دعم تطلعات الشعب السوري في تحقيق الحرية والعدالة والحريات المدنية واحترام القانون"، كما شارك في تأسيس "هيئة شام الإغاثية" في الولايات المتحدة في 2011 وتولى منصب نائب الرئيس، وتعمل الهيئة على "دعم الشعب السوري ورفع المعاناة عنه بالاضافة إلى تأمين الحاجات الاساسية له"، بحسب ما جاء في الإعلان عنها، وبعد انضمامه إلى الثورة، عمل هيتو على تأسيس وإدارة "وحدة تنسيق الدعم الإغاثي والإنساني في الائتلاف الثوري لقوى المعارضة والثورة السورية" التي تعمل عبر الحدود السورية التركية وتوصل مساعدات إلى الداخل السوري، وهو عضو مؤسس في جمعية "الدعم القانوني للجالية العربية والمسلمة" التي تأسست في الولايات المتحدة في 2001، وتهدف إلى "الدفاع عن الحريات الشخصية والمدنية ومكافحة التمييز ضد العرب والمسلمين والآسيويين"، كما كان عضو مجلس إدارة في مدرسة "برايتر هوريزونز اكاديمي" المسلمة في تكساس.