دمشق ـ ريم الجمال
استخدمّت روسيا والصين حق "الفيتو"، في مجلس الأمن الدولي، لمنع مشروع قرار فرنسي بإحالة الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية، وردًا على ذلك نشرت وكالة أنباء "الأناضول" التركية، مساء اليوم الخميس، صورًا جديدة تُظهر تعذيب النظام السوري، والقتل الممنهج للمعتقلين الذين قُتلوا تحت التعذيب أو تُركوا ليموتوا جوعًا في أقبية المعتقلات السورية, وتبيّن الصور الجديدة جثثًا لمعتقلين تحمل أرقامًا شوهت بفعل عمليات التعذيب لأطفال، وشباب، ومسنين، عذب البعض منهم بأدوات حادة، وصورًا ثانية تظهر قلع أعين عدد آخر من المعتقلين، وأظهرت صورٌ أخرى جثثًا وقد صفت بجانب بعضها البعض بأرقام متتابعة، مما يؤكد بالأدلة القاطعة ارتكاب النظام السوري، جرائم حرب بحق المدنيين.
وفي وقت سابق نشرت مجموعة من الصور تثبت مقتل ١١ ألف سوري جوعا وتعذيبا في أقبية سجون الأسد سُربت من منشق عن الشرطة العسكرية التابعة للنظام السوري، كان مكلفا بتصوير المعتقلين المعارضين الذين قُتلوا تحت التعذيب مع وجود رموز مكتوبة على وجوه القتلى وأجسادهم تشير إلى تنفيذ الجنود السوريين لأوامر عسكرية، وترك رموز على جثث القتلى لإثبات تعذيب وقتل الضحايا لمسؤوليهم. حيث تم التأكد من عدم وجود أي تلاعب في الصور في مختبر بريطاني. وتعرض الأشخاص للتعذيب الممنهج والخنق بالأسلاك والحبال والأحزمة.
وبمبادرة من المدافعين عن حقوق الانسان من المعارضة السورية، شكلت لجنة تحقيق خاصة، عن طريق مكتب حقوقي في لندن يدعى “Carter-Ruck and Co.”، كما شارك في اللجنة فريق من الأطباء حقق في صور التعذيب والإعدام، في مراكز الاعتقال السورية، و انتقلت لجنة التحقيق إلى دولة شرق أوسطية لتمارس عملها وبدأت بتدقيق الصور وجرى فحص بعض الصور المختارة في مركز " Acume Forensics" حيث أكد المركز صحتها.
وشارك عدد من الحقوقيين والخبراء الدوليين، الذين كلفتهم الأمم المتحدة بمهمات في قضايا سابقة، في لجنة التحقيق بجرائم الحرب المرتكبة في سورية.
وقد أصدرت اللجنة تقريرا تفصيليا بعد أن وصلتهم الصور من ضابط سوري أطلقت عليه اللجنة اسما كوديا “سيزار”
سبق و أن قام بالتعاون مع زملائه، بالتقاط وتوثيق 55 ألف صورة، توضح جانباً من الجرائم التي ارتكبها النظام، أثناء الحرب الأهلية التي تشهدها بلاده، ونقل "سيزار" الذي سيذكر اسمه بشكل كبير في المستقبل كشاهد عيان، إلى لجنة التحقيق الخاصة، كل التفاصيل التي شاهدها بأم عينه، فيما لم توضح لجنة التحقيق أي معلومات عن شاهد العيان، سوى اسمه الحركي، وأنه أحد عناصر الشرطة العسكرية السورية.
وخدم سيزر 13 عاماً في سلك الشرطة العسكرية السورية، كانت طبيعة عمله تتمثل بتصوير جثث الأشخاص، الذين قضوا في الحالات والحوادث الجنائية العادية، وإرسالها إلى القضاء، كما كان أحد أعضاء الفريق الذي يخرج لمعاينة مواقع الجرائم.
وأوضح سيزار خلال حديثه إلى اللجنة، أن عمله بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، بات التقاط صور للمعتقلين الذين قتلوا، بدلاً من تصوير الأشخاص الذين قضوا جراء حوادث جنائية عادية، وأنه كان يصور ويوثق مع زملائه جثث الأشخاص الذين قضوا في سجون النظام على مدى عامين، ثم يقومون بإرسال تلك الصور إلى رؤسائهم في العمل.
بحسب التقرير، يجري قتل المعارضين المعتقلين، بوسائل تعذيب مختلفة، في مقرات المخابرات، أو الأبنية العسكرية، ثم ترسل جثثهم إلى أحد المستشفيات العسكرية، فيما يقوم "سيزار"، بالتقاط أربع أو خمس صور للجثث، بحضور طبيب وممثل للقضاء.
وتظهر الصور، التي تضمنها التقرير، جثث القتلى وقد تعرضوا لعمليات تجويع متعمدة، كما تبدو عليها أثار تعرضهم للضرب بقسوة، وأثار الخنق، وأنواع أخرى من التعذيب والقتل.
ومن مجموعة ضمت 150 صورة تم تحليل تفاصيلها بواسطة الخبراء، تبين أن 62 في المائة من الجثث وقد بدا عليها هزال شديد، مما يشير إلى أنهم تعرضوا لعمليات تجويع قسرية، وغالبية الضحايا من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاماً.
وكان يعطى لكل شخص يُقتل وهو رهن الاعتقال، رقمين، الأول رقم يعود للقسم المسؤول عن الضحية، اعتبارا من اعتقاله، وحتى قتله، ما يعني أن المخابرات وحدها كانت تعرف هذا الرقم، وهوية الشخص، وكان يُكتب الرقم أحيانا يدويا، على جسده، أو جبينه.
كما يعطى الرقم الثاني، عند وصول الجثة، للمستشفى العسكري، لتزوير وثيقة تفيد بوفاته في المستشفى، بسبب "أزمة قلبية"، أو "قصور تنفسي"، وكانت تعطى الوثيقة المزورة لأسر القتلى، عند سؤالهم عن مصير ذويهم.
وبعد التقاط الصور من قبل "سيزار"، وإعداد الوثائق المزورة اللازمة، كانت تنقل الجثث إلى منطقة ريفية مجهولة، لدفنها.
قال سيزار"إنه أخذ يشبه المكان الذي هو فيه، بـ"المسلخ"، والتقط صورا للجثث بشكل جماعي، ليثبت ذلك، ولم يستطع التحمل أكثر، وبدأ يعطي الصور التي يلتقطها، بسبب القلق العميق لديه نتيجة ما يجري، إلى شخص يثق به".
وبعد ذلك، قام سيزار بنقل هذه الصور، إلى خارج سورية، عبر أحد أقاربه في صفوف المعارضة، الذي يتمتع بعلاقة مع منظمات حقوق الإنسان الدولية. وجرى نقل الصور إلى خارج البلاد، بشكل منتظم، اعتبارا من أيلول/سبتمبر 2011.
بعد فترة، وبعد ان اصبحت حياته مهددة، تم إخراج سيزار، وعائلته من سورية، بطريقة سرية وبتاريخ 12 و13 و18 كانون الثاني/يناير 2014، قدم سيزر إفادته للجنة التحقيق وأجاب على جميع الأسئلة الموجهة له، وقد سجلت اللجنة، في تقريرها، أن سيزار كان شاهدا موثوقا وغير متحيز وموضوعي.
وكان من اللافت اعتراف سيزار باستقامة ودون مبالغة بـأنه لم يشهد أي عملية إعدام أو تعذيب بل فقط كان يلتقط صور القتلى.
ووصف أحد المحامين الثلاثة الذين شاركوا في إعداد التقرير، هو السير ديزموند دي سيلفا، والذي كان أحد محققي الادعاء بالمحكمة الخاصة لجرائم الحرب في سيراليون أيضاً، الصور بأنها أقرب إلى صور الناجين من "الهولوكوست."