جانب من اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي الـ 33 في المنامة
جانب من اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي الـ 33 في المنامة
المنامة ـ طارق الشمري
ناقش قادة دول الخليج خلال أعمال قمتهم السنوية العادية في المنامة، مساء الاثنين، قضايا داخلية تتركز على التكامل الاقتصادي والأمن والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى الاوضاع السيئة في الجوار المضطرب. وقال خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، الإثنين، إن إنجازات مجلس
التعاون الخليجي في الظروف الدقيقة الراهنة لا ترقى إلى مستوى الطموحات، فيما اعتبر أمينه العام عبد اللطيف الزياني أن المجلس اثبت قوته أمام مساعي البعض التدخل في شؤونه الداخلية.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن الملك السعودي، قوله في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمام قمة مجلس التعاون الخليجي في المنامة، إن هذه الدورة "تنعقد في ظروف بالغة الدقة تتطلب منا التمعن كثيرا في مسيرتنا الخيرة التي بدأتها دولنا منذ اكثر من 31عاما ومساءلة انفسنا بكل صدق وتجرد، هل وصلت مسيرتنا الى ما نتطلع اليه وتتطلع اليه شعوبنا" .
وأضاف "اصارحكم القول ان ما تحقق من انجازات لا يرقى الى مستوى الآمال والطموحات المعقودة.. ان الأمانة العظيمة التي وضعها المولى عز وجل في أعناقنا تستوجب منا العمل الدؤوب لتحقيق تطلعات شعوبنا".
واكد الملك السعودي على أن القرار الذي اتخذ في الدورة السابقة والترحيب باقتراحه الانتقال من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد في كيان واحد "يحقق الخير ويدفع الشر لدى شعوب دولنا، وقد اكد ذلك تقرير الهيئة المتخصصة الذي تضمن التوصية بالإعلان عن قيام الاتحاد وتحديد أهدافه ووضع تصور للأجهزة اللازمة لقيامه".
بدوره، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، إن المجلس تمكن خلال مسيرته من تحقيق العديد من المنجزات الحضارية الرائدة والمكتسبات التنموية على مختلف المستويات حتى أصبح "كياناً راسخاً وقوياً يهدف إلى تطور الإنسان الخليجي وتقدمه، ويسعى إلى بناء علاقات متينة مع الدول الشقيقة والصديقة حفاظاً على أمن المنطقة واستقرارها، وتعزيزاً للأمن والسلم الدوليين".
وأضاف ان مجلس التعاون اثبت "قوته وتماسكه أمام التحولات والمتغيرات المتسارعة في محيطه الإقليمي والعربي، سواء كانت سياسية أو إقتصادية، ومساعي البعض للنيل من مكتسباته واستقراره وأمنه والتدخل في شؤونه الداخلية".
واعرب الزياني عن يقينه بأن "حكمة أصحاب الجلالة والسمو.. إزاء تلك الأحداث، حصّنت دول المجلس من آثارها وحمتها من سوء عواقبها وحافظت على مكتسباتها واستقرارها وأمنها".
اما امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح الذي تشهد بلاده اضطرابات فاشار إلى "الظروف والمتغيرات المتسارعة في الشرق الاوسط مما يتطلب استمرار التشاور لمراجعة ما تم اتخاذه من تدابير لمواجهة هذه الظروف".
وعن الاتحاد الخليجي، قال دون توضيحات "هناك صيغ عدة لعملنا المشترك".
وكان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة افتتح، الإثنين، الدورة الـ 33 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في البحرين، مؤكداً أن المسؤوليات التي تواجهها هذه الدول حالياً تتطلب منها العمل المشترك بسياسة موحدة وخطط تكامل دفاعي وأمني واقتصادي.
ونقلت وكالة أنباء البحرين عن آل خليفة قوله في كلمته الافتتاحية إن "البحرين.. تود التعبير مجدداً على تقديرها لدعمكم ولمواقفكم المشرفة، والتي عبرت عن عمق الروابط الأخوية بين دولنا، الأمر الذي يؤكد بأن ما نواجهه من مسؤوليات يتطلب منا العمل المشترك بسياسة موحدة، وخطط عملية للتكامل الاقتصادي والدفاعي والأمني تحقيقاً للمواطنة الخليجية الكاملة الأمر الذي يعبر عن تماسكنا وسياستنا الثابتة".
وأضاف أن من شأن ذلك "تقوية العمل العربي المشترك من أجل مستقبل أفضل لأمتنا العربية، ودعم الحقوق العربية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف"، وإقامة عالم خال من الصراعات والحروب ومكافحة الإرهاب والقرصنة، والأخذ بمبدأ التعايش والتسامح بين مختلف الأديان والثقافات والحضارات .
وقال ان قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان بداية تاريخية أحيت طموحات مواطني دول المجلس نحو غد أفضل، وقدمت مثالاً جديراً للتعامل الناضج في العالم العربي الذي يموج بتغيرات وتقلبات عدة.
واعرب عن ثقته بأن مجلس التعاون الخليجي بفضل حكمة وتوجيه قادة دوله، "سيواصل مسيرته الناجحة صفاً واحداً كالبنيان المرصوص للتعامل مع التحديات الكبيرة التي تواجه دوله ".
من جهته، قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، إن بلاده "ليست جدارًا واطئًا"، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها نائب وزير الخارجية الإيراني في روسيا أخيرًا، اتهم فيها البحرين باستخدام السلاح الكيميائي في قمع الاحتجاجات، مضيفًا في مقابلة خاصة له "حين سئل نائب وزير الخارجية الإيراني عن استخدام السلاح الكيميائي في سورية، قال إن استخدامه مأمون، ولكن هناك استخدام للسلاح الكيميائي في البحرين، وإن بلاده لا تقبل مثل هذا الكلام، فهذه جرائم تم محاكمة دول وأشخاص عليها".
وتابع آل خليفة "إن كلامًا مثل هذا يذكرنا بالمثل: رمتني بدائها وانسلت، ويذكرنا أيضًا بكيفية تعامل الحكومة الإيرانية مع شعبها بمختلف قومياته،فلا يتهمونا بشيء وشعبهم يعاني من الأوضاع السيئة، ولم نثر هذا الموضوع احترامًا لعلاقات حسن الجوار، لكن لا نسمح لأحد أن يغلط علينا، أو أن يتهمنا اتهامات باطلة، لأننا نحن لسنا بالجدار الواطئ لكي يغلط فينا أحد"، مشيرًا إلى أن "التدخل الإيراني في الشؤون الخليجية لم يتوقف منذ عقود"، مضيفًا "نحن نعاني من التدخل الإيراني، ولكن ليس لدينا أي عقدة من إيران كدولة أو شعب، فالخليج تعايش مع إيران في عهد محمد رضا بهلوي (آخر شاه حكم إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979)، الذي كان يسمى شرطي الخليج، وإن يد البحرين ممدودة لإيران باعتبارها دولة مهمة في المنطقة وجارة، لكن التصريحات اليومية والمواقف الإيرانية كأن لها مصلحة بعدم الاستقرار في دول مجلس التعاون".
وفي ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، قال وزير الخارجية البحريني، "هذه مسألة ليست مسؤولية مجلس التعاون بقدر ما هي مسؤولية دوليةن نحن في مجلس التعاون ندعم الجهود الدولية لإخلاء المنطقة من السلاح النووي سواء في إسرائيل أو إيران أو أي مكان، وإن أقرب مفاعل نووي إيراني من منطقة مجلس التعاون يقع على بعد 130 كم من الكويت، فضلاً عن وجود
خطط بإنشاء مفاعلات أخرى، وأن خطر هذه المفاعلات كبير جدًا حتى في حالة السلم".
وبخصوص قمة مجلس التعاون المنعقدة في المنامة، وصف آل خليفة القمة بأنها "مهمة بالنسبة لتوقيت انعقادها، والأحداث التي تجري في المنطقة العربية، سواء بالأمن أو التحولات التي تحدث في عدد من الدول العربية أو العالم ككل"، مضيفًا أن القمة ستناقش قضايا عدة أبرزها"تطوير العمل العسكري المشترك بين الدول الست، وأخذه إلى أبعاد جديدة مهمة جدًا، بالإضافة إلى تفعيل خطط التكامل الاقتصادي، والإسراع في تطبيقها باعتباره الأساس لأي تكامل لأي مجموعة، وأن القمة ستركز على الحماية البيئية لمنطقة الخليج، فهناك أخطار عدة تهددنا من ناحية وجود مفاعلات نووية قريبة جدًا من دولنا، فمن حقنا أي يكون لنا رأي من سلامتنا وسلامة شعوبنا".
وقال آل خليفة: إن الانتقال بالمجلس الخليجي من حالة التعاون إلى الاتحاد يتطلب وضع آليات تنفيذية صحيحة تأخذ في الاعتبار الاهتمامات المختلفة والتفاوت في بعض المجالات بين دول المجلس سواء كانت سياسية أو اقتصادية".
وتحدث في هذا الصدد عن هيئة تسمى "هيئة الاتحاد"، تضم ثلاثة أعضاء من كل دولة، حيث عقدت الهيئة اجتماعين إلى الآن منذ أن تشكلت قبل 6 أشهر، ولا تزال تعكف على وضع الهياكل التنظيمية والآليات التي تحقق تطوير العمل بين الدول الخليجية الست.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر عددا من المواضيع من بينها تعديل النظام الداخلي للاتحاد ومناقشة موازنة الاتحاد للعام 2013 والجداول الملحقة بها واقرارها وسبل دعم التعاون بين اعضاء الاتحاد اضافة الى عدد من الامور والشؤون المالية.
فيما يجمع المراقبون على ان القمة تعقد في ظل اوضاع تزداد صعوبة في بعض الداخل والمحيط المباشر مع الاتهامات المستمرة لايران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس والازمة السورية التي تشهد تصعيدا داميا.
ويشكل الامن واخماد العنف همًا طاغيا في الخليج الذي تعيش مجتمعاته حالة من الرخاء الاقتصادي نسبيا بفضل عائدات النفط ابقتها بمنأى من حركات الاحتجاج الشعبية.
من جهته، اعتبر المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني، ومقره الكويت، ان "الشعوب في الخليج والعالم العربي لم تعد كما كانت، فقد خرجت من وضع الاستكانة، فالعرب على مفترق طرق فاما التحول الديموقراطي او الفوضى"، وأضاف "لكن الاهم يبقى استخلاص الدروس الصحيحة لتجنيب خليجنا كارثة كبرى".