الاعتراضات على قرار فرض حصار جوي على سورية
بيروت ـ جورج شاهين
أفادت مصادر لبنانية مطلعة، أن شخصيات سياسية وأمنية بريطانية جالت على دول الجوار السوري، لإقناعها بالتزام قرار دولي، قريب، ينصّ على "فرض حصار جوي على سورية خارج مجلس الأمن"، بهدف تعجيل إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد خلال 6 شهور، فيما استحدثت "الاستخبارات البريطانية أخيراً،
مكتباً لها في العاصمة الأردنية عمان، غايته متابعة إقناع دول الجوار بهذا القرار ، إضافةً إلى مهمة مواكبة قريبة للوضع السوري في هذه المرحلة الحاسمة"، في حين أفادت مصادر خاصة لـ"العرب اليوم"، أن هذا الطلب سبق أن تقدمت به الحكومتان البريطانية والفرنسية، به إلى لبنان، لكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نجح في شرح سياسة بلاده القائمة على "النأي بالنفس، والتي تجنب البلاد من تجاذبات المنطقة"، وذلك بعد زيارته للعاصمة البريطانية لندن.
وكشفت المصادر، أن وفدًا بريطانيًا زار لبنان، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، التقى خلالها مسؤولين، لـ"جسّ نبض" إمكانية مشاركة لبنان في تطبيقات خطة سيُعلَن عنها بدايات العام المقبل، تتعلق بـ"فرض حظر جوي مدني دولي على سورية"، فيما أشارت المصادر، لصحيفة "الأخبار" اللبنانية أن "الوفد الذي ضمّ ضباطاً من الاستخبارات البريطانية، كشف لمسؤولين لبنانيين، عن أنّ هذا الإجراء، يمثل خطوة متقدمة في مسيرة فرض العقوبات الدولية من خارج مجلس الأمن ضد سورية، وأنّ التوافق عليه جرى بين دول من أصدقاء الشعب السوري خلال اجتماع المعارضة السورية الأخير في الدوحة، والهدف منه تعجيل إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وفق مدى زمني متوقع، هو 6 أشهر".
وأكد الوفد البريطاني لبعض محادثيه من المسؤولين اللبنانيين، أنّ مجيئه إلى لبنان "يأتي ضمن جولة تقوم بها شخصيات مشتركة من وزارة الخارجية والاستخبارات البريطانية، على دول الجوار السوري، لإقناعها بتقديم تعهّد مسبق بأنها ستلتزم بموجبات قرار دولي سيعلن قريباً، ينصّ على فرض حصار مدني جوي على سورية:.
وبحسب المعلومات المستقاة من تسريبات منسوبة إلى أعضاء الوفد البريطاني، فإنّ لندن تقود نيابة عن دول "أصدقاء الشعب السوري"، متابعة ملف إعداد هذه الخطوة وإنجاحها، بوصفها إحدى الحلقات المتقدمة في مسار فرض الضغوط على النظام السوري لتعجيل إسقاطه.
وتريد بريطانيا "ضمان عدم فشل تنفيذ هذا القرار بعد إعلانه، وذلك من خلال الحصول مسبقاً على موافقة دول جوار سورية بأنها سوف تلتزم به، لحظة خروجه إلى النور". وبمقتضاه، سيكون على دول جوار سورية، الالتزام بأمرين اثنين أساسيين. الأول: "عدم السماح لأيّ طائرة تقلع من مطار دمشق أو تتوجّه للهبوط فيه من عبور أجواء دول جوار سورية. وهذا يعني، عملياً، أنّه "على هذه الدول إغلاق أجوائها السيادية في وجه حركة الطيران المدني من سورية وإليها.
الأمر الثاني: هو امتناع مطارات دول جوار سورية، عن استقبال أيّة طائرة آتية من مطار دمشق أو أيّ طائرة ستقلع منها إلى مطار دمشق، سواء برحلة مباشرة أو حتى غير مباشرة. وفي الحالة الأخيرة، يتعيّن على سلطات الملاحة في دول جوار سورية، ضمان صرامة تنفيذ الحظر من خلال إعلانها حرمان أيّ شركة سفر جوي، تستخدم مطاراتها، على نحو غير مباشر، للوصول إلى مطار دمشق عبر بلد ثالث، من استخدام مطاراتها في المستقبل.
وأفادت المصادر أنّه لغاية الآن، فإن كلاً من لبنان والعراق، من بين دول جوار سورية، رفض الالتزام بالمقترح البريطاني، وذلك لا يعني أنّ لندن لن تعاود المحاولة مرة ثانية وثالثة معهما، بغية حملهما على تعديل موقفهما، بدليل أنّ "الاستخبارات البريطانية استحدثت، أخيراً، مكتباً لها في العاصمة الأردنية عمان، غايته متابعة هذا الملف وإنجازه، إضافةً إلى مهمة مواكبة قريبة للوضع السوري في هذه المرحلة الحاسمة".
وأكدت المصادر أنّ "مكتب الاستخبارات البريطانية المستحدث في الأردن، مخطط له أن يؤدي دوراً مهماً في متابعة تنفيذ جملة إجراءات أقرّت على هامش اجتماع الدوحة، ذات صلة بتشديد هجمات المعارضة المسلحة على المدن السورية الرئيسة، وأيضاً، الإشراف على دقّة التزام دول جوار سورية بتنفيذ قرار الحظر الجوي المدني بعد اتخاذه.
وبحسب هذه المعلومات، فإنّه خلال الشهرين الماضيين واجهت عمان حملة ضغوط غربية وخليجية عربية غير مسبوقة، من أجل تعديل قرارها بتقنين استخدام أراضيها من قبل المعارضة السورية لإدخال السلاح والعناصر إلى الداخل السوري.
وكان الأردن، طوال الفترة الماضية، حرص بتوصية من مؤسستي الجيش والاستخبارات، على تقنين منسوب إسهامه في الجهد الدولي والعربي الميداني لإسقاط النظام. ويقف خلف هذا السلوك، "تخوّف" المؤسسة الأمنية الأردنية، من أن "تعاظم قوة الإسلام السياسي، وخصوصاَ الإخوان المسلمين في سورية، سيكون له تبعات مماثلة داخل الأردن".
ونقلت مصادر دبلوماسية وقائع ضغوط ومفاوضات جرت خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة بين بريطانيا والسعودية، ومع الملك الأردني عبد الله من جهة ثانية، لثنيه عن موقفه تجاه الحدث السوري، وانتهت بـ"رضوخه" لمطلبهما. وكشفت المصادر أنّ "عمان أبلغت كلاً من بريطانيا والسعودية أنّها تخشى على أمنها الداخلي"، لو استجابت لطلبهما بإنشاء مخيّمات إضافية للنازحين وللمعارضة السورية فوق أراضيها.
وقالت المصادر:" لقد تذرّع الملك الأردني، آنذاك، بأنّ استخباراته لديها معلومات أنّ الأمن السوري سيدسّ بين النازحين والمعارضين خلايا نائمة تابعة له، لتقوم بتنفيذ عمليات تصفية داخل الأردن ضد معارضين، ولنقل الفوضى من سورية إلى الأردن لتخفيف الضغط عن النظام. كذلك رفض الأردن، لاحقاً، طلباً آخر من الجهات عينها، لفتح مراكز تدريب وجمع سلاح للمعارضة السورية، بإشراف الأخيرة، فوق أراضيه"، فيما أوضحت المصادر، أنه "في مقابل هذا الرفض، واجه الأردن خلال الأسابيع الماضية الأخيرة، حملة ضغوط غير مسبوقة، سواءٌ لجهة نوعية مضمونها ولجهة الدول التي قامت بها. فلقد أبلغ الأردن أخيراً، عبر القنوات الرسمية، "غضب كل من دولتي الكويت والإمارات"، بسبب توافر معلومات لديهما عن أن "الاستخبارات الأردنية ترعى خلايا تخريبية في أراضيهما"، فيما أرسل الملك عبد الله، إثر تلقيه هذه الشكاوى، نهاية الشهر الماضي، "وفداً من وزارة الخارجية والاستخبارات الأردنية إلى الدولتين لدحض الأمر، لكنّ الوفد فوجئ بتشبث الدولتين عند اتهاماتهما"، ما جعل الملك يستنتج أنّ ما يحصل هو حرب ضغوط لإرغامه على الانخراط لوجستياً في أجندة دعم الحملة العربية والغربية لإسقاط الأسد. وتأكد لملك الأردن ذلك أكثر، بعدما رفعت بريطانيا غطاءها عن التوازن الداخلي الذي كانت قد أمنته له، لضمان بقاء ملكه، وقوامه جعل السلفيين الأردنيين يستمرّون في التحالف معه بوجه معارضة الإخوان.وأدّى انسحاب كلّ من بريطانيا والسعودية، من استمرارهما في دعم هذا التوازن، إلى نشوء جبهة إسلامية ضدّه. وهو أمر سيظلّ مستمراً كورقة ابتزاز، لضمان توجهه نحو دعم جهود إسقاط النظام السوري، وخصوصاًَ في هذه المرحلة التي يعتبرها دول "أصدقاء الشعب السوري" بأنها حاسمة.