لندن - العراق اليوم
يستمتع الزائر للعاصمة البريطانية لندن، بفرصة ذهبية للتعرف على بيت الشاعر الإنجليزي جون كيتس (1795 - 1821)، الذي يقع في منطقة هامبستد هيث، شمال غربي لندن، قريبًا من الغابة التي تحمل الاسم ذاته؛ ذلك البيت الذي عاش فيه الشاعر مدة عامين، هما فترة الإنتاج الأكثر غزارة في حياته القصيرة التي لم تستمر لأكثر من 25 عامًا، وعانى من مرض السل، وفارق الحياة متأثرًا به مثل أمه وأخيه الأعز "توم" من قبله.
وجون كيتس هو واحد من أهم شعراء الرومانسية في العالم، إن لم يكن أهمهم على الإطلاق، ولا تزال قصائده ورسائله موضع تحليل ودراسة حتى اليوم، مثل «نشيد العندليب» و«النوم والشعر» و«في أول نظرة على هومر تشابمان». وبذا تعد زيارة منزله تجربة مثيرة ورحلة ليس إلى عالم هذه الشاعر الرومانسي الحالم فقط، وإنما إلى زمانه، ولواعج قلبه، وأشيائه الأثيرة، والتراث الشعري الذي تركه رغم عمره القصير.
البيت الذي شهد قصة حبه وألمه وحرمانه
وتحول بيت الشاعر كيتس (Keats House) إلى متحف ومركز أدبي في عام 1925، وهو عبارة عن فيلا بيضاء اللون ذات طراز معماري جورجي يمكن أن تلفت انتباه المارين في الشارع الصغير الذي يحمل اسم الشاعر «كيتس غروف» (Keats Grove) وسط حديقة واسعة ومثمرة وجد الشاعر في أفيائها الإلهام والصداقة والحب والألم والحرمان. عند الدخول إلى البيت يجد الزائر نفسه أمام تفاصيل حياة الشاعر المثيرة، التي تحولت في عام 2009 إلى فيلم سينمائي بعنوان «Bright Star»، تناول السنوات الثلاث الأخيرة من حياته، التي قضاها في هذا البيت.
وتتوزع في أركان المتحف مقتنيات الشاعر وآثاره التي جُمعت بعناية، وتبرع ببعضها أحفاد مالكي البيت الأصليين، ومنها ملابسه وسريره ذو الأعمدة الأربعة الذي كان شاهدًا على مرضه ونزيف دمه، ونسخة من قناع موته، وكتبه، وغليونه، وأدوات الكتابة، واللوحات، وصور العائلة، وبعض القصائد والرسائل بخط يده. يمكن أيضًا الدخول إلى المطبخ الذي ما يزال محافظًا على ملامحه وزخارفه القديمة، والقبو الذي كان يزود البيت بالوقود، وكثير من تفاصيل الديكور والعمارة التي تعد وثيقة حية للمهتمين بتاريخ تلك الفترة الزمنية من حياة اللندنيين. وقد تم وضع هذا البيت في التصنيف الأول في لائحة حماية التراث البريطاني.
ولا تقتصر زيارة المتحف على التعرف على مقتنيات الشاعر، وإنما تتعدى ذلك إلى فرصة التجول في الحديقة والجلوس تحت شجرة التوت الأسود، التي كان يتظلل الشاعر تحتها وهو يكتب أجمل القصائد في سنوات عمره الأخيرة؛ ويقول مؤرخو سيرته إنه قد كتب تحت هذه الشجرة ملحمته الشعرية "قصيدة إلى العندليب"، كما جاء ذكر هذه الشجرة في رسالة كتبها في عام 1818.
ويلتقي الزائر بالعاملين والمتطوعين الذين يقابلونه بكثير من الود، ويبذلون جهودًا في سد أي ثغرة في معلوماته، ويقدمون له المطويات والمنشورات التي تضم كل النشاطات الفكرية والأدبية التي يحتضنها المتحف، ويشيرون إلى قاعة السينما في الطابق السفلي التي تعرض أفلامًا توفر تفاصيل كثيرة عن حياة الشاعر، خصوصًا علاقة الحب التي كانت تربطه مع الشابة «فاني» التي سكنت في الجزء الثاني من البيت، ولم تكن تفصلها عنه إلا أمتار قليلة.
ويمكن التعرف على حياة جون كيتس أيضًا من خلال لوحات المعلومات المثبتة في سلسلة متتالية من الغرف التي تتميز عن بعضها بطابعها الخاص، وهي تضم القطع الأثرية والمخطوطات الأصلية من تراث الشاعر، وهناك مساحة واسعة للجلوس تتيح للزائر فرصة القراءة، وهو جالس أو مستلقٍ على واحدة من الأرائك الطويلة. ولعل الجزء المثير للاهتمام في البيت هو الممر الذي يوصل بغرف الأصدقاء الذين كانوا يشاركونه العيش في هذا البيت الكبير، وهم أول من عرف بمرض كيتس عندما استيقظوا على صوت سعاله القوي، واحتضنوا جسمه النحيل عندما كان يشعر بالقشعريرة، وأمام عيونهم ظهرت أول نقطة دم تنذر بالمرض.
نشاطات شعرية وفنية
متاحة للجميع
يقيم المتحف كثيرًا من النشاطات الأدبية والثقافية والأمسيات والمسابقات الشعرية والندوات التي تقام كل ثلاثة أسابيع على مدار السنة. كما أن هنالك غرفة تعليمية رئيسية تبدو مثل حديقة شتوية عند النظر إليها من الخارج تضم بيانو قديمًا يمكن العزف عليه، وهنالك أيضًا لوح مغناطيسي مع طيف واسع من الكلمات الإنجليزية التي يمكن رصها على اللوح، وتجربة كتابة أبيات من الشعر مستوحاة من أجواء المكان الذي سبق أن ألهم الشاعر قصائده. المكتبة هنا يديرها متطوعون، وحاليًا يحتفل القائمون على هذا المتحف بالذكرى المئوية الثانية لوجود الشاعر في هذا البيت؛ احتفالية بدأت في عام 2018 وتستمر حتى عام 2021، وتتضمن إقامة منبر للشعراء الشباب للكتابة والربط بين تجربة الشاعر القديمة والتجارب المعاصرة، وتقديم عروض مسرحية مستلهمة من قصائده ومنهاج حافل من النشاطات المجانية المتاحة للجميع.
السير بخطوات جون كيتس
كانت منطقة هامبستيد هيث على مدى قرون ملاذًا لسكان لندن، الذين يسعون للهرب من الزحف العمراني، وبقيت هذه المنطقة على مر السنين مصدر إلهام لكثير من الشعراء والفنانين الذين التجأوا إليها، منهم الشاعر جون كيتس، الذي رغم أنه لم يعش فيها طويلًا، كان يطلق عليها اسم «الوطن». ومن أجل التعرف على خفايا وأسرار هذه المنطقة، يقيم المتحف فعالية ثقافية تتضمن السير على خطى الشاعر، والنظر إلى المنطقة بعيونه هو من خلال القراءات الشعرية واقتباس بعض مقولاته ورسائله. وإذا كان الطقس مناسبًا، فإن الرحلة تتضمن أيضًا التنزه في الغابة القريبة من البيت.
تفاصيل الرحلة
البداية: التجمع في محطة هامبتسد (خط القطارات الشمالي ذا اللون الأسود).
ختام الرحلة: بيت الشاعر في «كيتس غروف» (Keats Grove).
مدة الرحلة: 2 ساعة و30 دقيقة تقريبًا.
قيمة المشاركة: 10 جنيهات إسترلينية.
ملاحظة 1: يفضل انتعال حذاء قوي وصالح للمشي.
ملاحظة 2: لا تلغى الرحلة في حال كان الجو ماطرًا أو شديد البرودة، ولكن قد تلغى في حال تساقط الثلج.
ما تبقى من مواعيد الرحلات لعام 2019
في العشرين من شهر يوليو (تموز) الساعة 11 صباحًا.
في الرابع عشر من شهر سبتمبر (أيلول) الساعة 11 صباحًا.
في التاسع عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الساعة 11 صباحًا.
في الرابع عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) الساعة 11 صباحًا.
كيفية الوصول إلى متحف
إما عن طريق ركوب القطار الواصل إلى «Hampstead Heath Rail Station»، أو المترو الواصل إلى «Hampstead tube station» (الخط الشمالي الأسود) من أي مكان في العاصمة، أو ركوب إحدى الحافلات من وسط العاصمة بأرقام: رقم 168 ورقم 24، أو أخذ سيارة أجرة إلى العنوان: Keats House، 10 Keats Grove، Hampstead، London NW3 2RR.
تذكرة الدخول للكبار: 6.50 جنيه إسترليني
الصغار: مجانًا
أوقات الدخول:
يوم الاثنين: مغلق
يوم الثلاثاء: مغلق
يفتح في بقية الأيام، ومن ضمنها عطلة نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية التي تصادف يوم الاثنين: من الساعة 11 صباحًا وحتى الخامسة مساءً.
قد يهمك أيضًا
عنترة بن شداد ينشد أشعاره بالإنجليزية والرومانسية الأوروبية تخاطب العربية