الشارقة - نور الحلو
ناقش باحثون ومختصون موضوع العولمة في بعديها الثقافي والحضاري، في قاعة الفكر، ضمن ندوات وفعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ33، وأكدوا أنه لا يمكن لأحد إنكار العولمة، وهي حاضرة بمختلف تفاصيل الحياة، سواء أيدها الإنسان أم عارضها، وكما لها إيجابياتها، لها سلبياتها أيضًا، حيث قد تساهم في طمس بعض ملامح الهوية الخاصة، خصوصًا لدى الثقافات الصغيرة.
وشارك في الندوة، الباحث يوسف زيدان، والدكتور رياض نعسان آغا، والمؤرخ والباحث جاستن ماروزي، مؤلف كتاب بغداد مدينة السلام، مدينة الدم، وأدار الندوة الدكتور السيد بخيت.
وفي التفاصيل، تحدث الباحث يوسف زيدان، عن محطات أساسية في العولمة، وبداياتها وكيفية التعامل معها من قبل المثقفين المصريين في أول مشوار العولمة، موضحًا أنَّ العولمة تيار جارف مفتوح، لا يمكن لنا التغاضي عنه، أو تجاهله، فهو حاضر في مختلف تفاصيل الحياة.
وعرض زيدان لمرحلة دخول القوات العراقية للكويت عام 1990، وما نجم عنها من أحداث وقضايا، وكيفية انقسام المثقفين العرب انقسامًاً حادًا بين مؤيد ومعارض.
وأكد أنه لا يمكن إنكار العولمة وحضورها ودورها، سواء كان المرء أو المثقف مؤيدًا لها أو معارضًا لها، فمسألة وجودها لا ترتبط بحقيقة ومدى تأييدنا أو معارضتنا لها، فمثل هذه المواقف لا تعني بأي حال من الأحوال أنها ليست موجودة، مضيفًا "لا ندافع عن العولمة ولا نهاجمها، وبكل الأحوال لا يمكن لنا أو لغيرنا إنكارها".
بدوره، بدأ الدكتور رياض نعسان آغا، مداخلته بالإشادة بعضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، كونه النموذج للمثقف الشامل، مشيرًا إلى أنَّ العولمة "قدرنا، بسلبياتها وإيجابياتها، وهي لم تستأذن أحدًا قبل أن تدخل بيوتنا، لكل من لا يريد العولمة عليه على الأرجح أن ينقطع عن العالم.
وتحدث آغا، عن إرهاصات العولمة وبدايتها، منذ دخول الكهرباء إلى بلداننا، واختراع الراديو مرورًا بالتلفزيون، ومن الفضائيات وصولًا إلى كل هذا التقدم التقني في عصر الإنترنت والفضاء المفتوح، لافتًا إلى أنَّ خوف العرب من بعضهم البعض في بدايات كل ذلك الانفتاح والتطور التقني، كان أكبر من خوفهم من الغرب.
وأشار إلى أنَّ أهم تجليات العولمة هو التجلي الفضائي الكوني ثم عصر الصورة ثم عصر الانترنت، موضحًا أن الإنترنت في البدايات قوبل بالرعب والرفض من قبل الأجهزة الأمنية العربية.
ومن جانبه، عرض الإعلامي والباحث جاستن ماروزي، بحثه وكتابه عن مدينة بغداد منذ عصور قديمة، مركزًا على بغداد في ظل الدولة الإسلامية العباسية ومدى قوتها وازدهارها، واستعرض تاريخ بغداد منذ تلك المرحلة وصولًا إلى أيام داعش التي تختلف كلية عما كانت عليه بغداد التي تميزت بالعلوم والأدب والترجمة والازدهار.
ففي كتابه بغداد: مدينة السلام، مدينة الدم، قرأ وحلل تاريخ عاصمة الدولة العباسية التي كانت في أوج مجدها ونهضتها، باعتبارها واحدة من أعظم المدن في العالم، فقد عانقت بغداد المجد بما بلغته من مكانة عظيمة كمنارة للعلم والمعرفة، غير أنها عرفت على مدى تاريخها الطويل الكثير من المآسي والكوارث التي لا تزال متواصلة حتى اليوم.
وركز المؤلف على مسيرة بغداد على امتداد ثلاثة عشر قرنًا، مبرزًا معالم نهضتها وإسهاماتها الثقافية والعلمية والمعرفية والفكرية والفنية، عدا اقتصادها الذي بلغ أوجهه.
ولفت إلى أنَّ بغداد عرفت مدينة تاريخًا آخر موازيًا من المآسي والآلام والكوارث والمجاعات والفيضانات والأوبئة والحروب والغزوات العسكرية التي أودت بحياة الملايين من العراقيين، وصولًا إلى الاحتلال الأميركي عام 2003، قائلًا "لقد عرفت بغداد باسم مدينة السلام منذ نشأتها الأولى تقريبًا، غير أنها اشتهرت أيضًا كواحدة من أعنف المدن على وجه الأرض".
وأشار إلى أنَّ بغداد هي المدينة التي أنجبت العشرات من علماء الفلك والأطباء والشعراء والموسيقيين والرحالة، كما أنها كانت قبلة للتجار من آسيا الوسطى والدول المطلة على المحيط الأطلنطي حتى أنها كانت تثير غيرة الشرق والغرب. ولفت إلى أنه لم يكن لها منافسون كثر، ولم تكن تطمح للهيمنة.