بغداد - نجلاء الطائي
اتهم تقرير رقابي دولية وزارة الصحة العراقية بصرف مليارات الدولارات والدنانير لمشاريعها في المحافظات العراقية بنسب إنجاز في بعض المشاريع صفر، والآخرين لا يطابقون المواصفات القياسية المعتمدة عالميا، كاشفا وجود سلف مالية في ذمة الوزارة لم تتم تسويتها.
وكشف المدقق الدولي لشركة "أرنست ويونغ" لمراقبة عمل الوزارات العراقية، وجود أربعة مشاريع لوزارة الصحة بمبلغ 39 مليار و339 مليون دينار في الميزانية الاستثمارية العام 2013 نسبة الإنجاز فيها "صفر%"، حتى زيارة المدققين في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
وبيَّن التقرير أن "هناك عقدين موقعين في العام 2011 لبناء مستشفيين تعليميين في محافظتي المثنى وكربلاء بمبلغ 249 مليون و980 ألف دولار وأقصى تاريخ إنجاز قرر لهما في آذار/مارس 2015، بينما كانت نسبة تنفيذ أحدها 26% والآخر 29% حتى أيلول/ سبتمبر 2015.
وأضاف مدقق شركة أرنست ويونغ، أن "خمسة عقود موقعة مع إحدى الشركات التركية وآخر مع شركة ألمانية في العام 2009 بمبلغ 898 مليون و500 ألف دولار لإنشاء مستشفيات تعليمية في محافظات البصرة وذي قار وبابل وكربلاء وميسان والنجف كانت نسبة المدد الإضافية الممنوحة للشركات المتعاقدة أزيد من 100% من مدة التنفيذ"، مشيرا إلى أنه "رغم ذلك لم يكتمل إنجاز تلك المستشفيات حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2015 بسبب المعوقات التي واجهت المشاريع من عدم جاهزية موقع العمل إلى تأخر نتائج فحص التربة وعدم توفير مصادر الماء والكهرباء".
وأوضح المدقق الدولي أن "هناك فرق بمبلغ 1278967841967 دينار عراقي في الميزانية التشغيلية للوزارة منذ العام 2013 لم تتم مطابقته مع وزارة المالية لغاية تاريخ زيارة المدقق"، لافتا إلى أن "هناك سلف بذمة الوزارة بمبلغ 4259098801779 دينار عراقي لم تتم تسويتها لغاية انجاز التدقيق".
وأفاد المدقق الدولي أن "الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية (كيماديا) لديها أربعة عقود موقعة في الأعوام 2006 و2007 و2008 لم تنفذ حتى العام 2015؛ ثلاث منها بسبب تلكؤ الشركات المتعاقدة وإحدها بسبب فقدان ستة أجهزة من مخازن الشركة (كيماديا) بعد استلامها"، مؤكدا أنه "تم أدراج اثنين من الشركات في القائمة السوداء ورفعت دعوى قضائية ضدها ولم يتم إطلاق مستحقات الشركة الأخرى، وتم تشكيل لجنة تحقيقية بأمر من المفتش العام للتحقيق في فقدان الأجهزة".
وتابع المدقق، أن "(كيماديا) تعاقدت في العام 2014 وبداية العام 2015 على توريد أجهزة بمبلغ 41241250 دولار بمدة تنفيذ هي 12 شهرا لأجهزة الطب النووي و150 يوما للرنين المغناطيسي و180 يوما للمفراس الحلزوني"، موضحا أن "العقود تأخر تنفيذها حتى تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2015 بسبب تعاقد الشركة (كيماديا) قبل تحضير المباني والمختبرات التي يجب أن توضع فيها الأجهزة".
وأشار المدقق الدولي إلى أن "عقد آخر موقع في كانون الأول/ ديسمبر العام 2014 مع شركة لإنتاج الأدوية، من القطاع الخاص، بمبلغ 579792864 دينار، فقد أغلق أحد خطوط الانتاج فيها بأمر من وزارة الصحة بسبب ظهور تلوث أكثر من الحد المسموح به من قبل الوزارة نفسها، علما أن نسبة التجهيز حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2015 كانت 57%".
ولفت مدقق شركة أرنست ويونغ، أن "عقدي شركة (كيماديا) مع شركة بايونير البالغة قيمتهما 734881560 دينار عراقي فهناك خلاف عليها بسبب نشوب حريق في مخازن شركة كيماديا في آب 2014 حيث لا تمتلك كيماديا اي وثائق تثبت أن الشركة المتعاقدة قد جهزت المواد او تم استلامها اما فواتير شركة بايونير فتحمل تسلسل لا يمثل السياق المتبع من قبلها في باقي الفواتير"، مؤكداً أن "عقد كيماديا الآخر الموقع في العام 2009 مع شركة بريتانيا مديكا ليمتد بمبلغ 6010000 دولار فأن تجهيزه لم يكتمل حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2015 رغم إرسال كيماديا كتب إنذار إلى الشركة".
وذكر المدقق الدولي أن "عقد (كيمياديا) الموقع في العام 2012 مع شركة غاتووري مديكال سبلاي بمبلغ 1273434 دولار بمدة تنفيذ ستة أشهر من تاريخ التبليغ بفتح الاعتماد، فقد استلمت الشحنة الأولى منه في آذار/ مارس 2013 وأرسلت للفحص في آيار/ أغسطس 2013، وتم خلال هذه الفترة استلام الشحنة الثانية وقد أظهر الفحص أن المواد المجهزة في الشحنة الأولى غير مطابقة للمواصفات، ما سبب استلام شحنة ثانية غير مطابقة للمواصفات بسبب تأخر فحص الشحنة الأولى".
وأكد مدقق شركة أرنست ويونغ، أن "عقد شركة (كيمياديا) مع شركة تايشي اليابانية الموقع في العام 2007 بمبلغ 1099607 دولار بمدة تنفيذ ثلاثة أشهر، فقد ظهر أن مستلزمات الكلى الصناعية المجهزة من الشركة اليابانية غير صالحة سريريا وغير مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة عالميا، على الرغم من قيام (كيماديا) بفحصها مختبريا وتأكيد صلاحيتها السبب الذي بموجبه تم دفع 80% من قيمة العقد إلى الشركة المجهزة حسب شروط العقد، مما اضطر شركة (كيماديا) إلى رفع دعوى قضائية على شركة تايشي".
وتابع المراقب الدولي، أن "عقد تجهيز منظومة مختبر التطابق النسيجي لمركز نخاع العظم في مدينة الطب الموقع في شباط 2009 مع شركة داله بمبلغ 1349226 دولار أميركي بمدة تنفيذ ثلاثة أشهر، فقد تم تجهيز مواد تنتهي صلاحيتها خلال سنة واحدة مما ادى إلى انتهاء الصلاحية قبل استخدام المواد".
وأوضح مدقق شركة أرنست ويونغ، أن "عقدي شركة كيماديا مع شركة باكستر الموقعين في العام 2004 و2007 بمبلغ 724778 دولار وبفترة تجهيز 3 و4 أشهر لاستيراد اجهزة الغسيل البريتوني المنزلية لمرضى الفشل الكلوي وعدم الدقة في دراسة جدوى العقود والتأكد من فاعليتها، فقد تبين عدم امكانية استخدام الاجهزة دون توفر المحاليل والمستلزمات الضرورية".
وأبلغت دائرة الدواء والغذاء الأميركية السفارة العراقية بأن شركة باكستر قد تكون صدرت للعراق أجهزة للفشل الكلوي فيها خلل يؤدي إلى وفاة المريض عند استخدامها أو إلى مضاعفات مرضية وتم سحب الأجهزة في نيسان/ أبريل 2011 ولم يتم إعادة تجهيزها حتى فترة التدقيق في العام 2015، ما أدى إلى انتهاء صلاحية المحاليل والمستلزمات الأخرى المشغلة للأجهزة من دون استخدامها.
ويحتل العراق دائما مراتب متقدمة في المؤشرات العالمية للفساد؛ إذ يشكل الفساد تحديا "لا يقل خطرا" عن الإرهاب الذي يواجهه منذ العام 2003، على الرغم من إعلان الحكومات المتعاقبة أن مكافحة الفساد من أولويات عملها.