بغداد ـ نهال قباني
يعتقد الكثير من المراقبين أن التفسير الوحيد الذي يكشف رفض رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، تأدية اليمين الدستورية كنائب في البرلمان، هو أنه ما يزال يطمح في القفز إلى رئاسة الحكومة مرة أخرى كبديل عن عادل عبد المهدي.
وتلمّح أوساط العبادي، الى أن الأخير ما زال يحظى بـ"دعم المؤسسة الدينية" في النجف، وقد يكون بديلا مناسبا اذا ما استقال رئيس الحكومة الحالي.
وجددت الانتقادات لحكومة عبد المهدي، خاصة فيما يتعلق بقضية حسم المناصب التي تدار بالوكالة، الامل في نفس العبادي بتحقيق حلمه السابق، لكن التحالفات التي تدعم حكومة عبد المهدي، ترى ان لا سبيل لرئاسة الوزراء السابقة للصعود إلى قمة السلطة مرة اخرى الا بـ"انقلاب" وهو امر شبه مستحيل.
اقرا ايضا
العبادي يؤكد أن الانتصار المتحقق في الموصل كان عراقيا دون أي جهد أجنبي
يكاد لا يمر يوم دون ان يكون للعبادي نشاط سياسي من خلال لقاء قادة كتل او سفراء او وفود أجانب، وهو ما يعتبره مراقبون بأنه محاولات حثيثة من الأخير لطرح نفسه لرئاسة الحكومة.
العبادي في نهاية أيار/مايو الماضي، وفي خطوة متأخرة، حاول كسب عطف الجمهور باعلانه تخليه عن المناصب في حزبه (الدعوة)، كما لا يزال يلعب على وتر التشكيك بقيادات الحشد الشعبي وانتقاد الكرد.
وقال العبادي في لقاء صحفي سابق إنه "كانت هناك رؤية للاستمرار بالولاية الثانية، لإيماني بقدراتي وإخوتي وفريقي على مواصلة الحكم وإدارة البلاد، وسأستمر بالعمل لوصول ائتلاف النصر (ائتلافه) إلى السلطة".
ربما لم ينجح العبادي فيما اعتبره البعض "خطة ذكية" للعودة الى الحكم عبر تشكيل كتلة جديدة تضم اجنحة الشيعة الكبيرة (الحكيم، المالكي، وربما مقتدى الصدر)، خصوصا وان سلفه نوري المالكي عاد الى قمة هرم الدعوة في المؤتمر الأخير للحزب الذي عقد قبل ايام.
ومعروف ان آلية تشكيل الحكومة في البلاد، وفق قرار سابق للمحكمة الاتحادية، يكون باعلان الكتلة الاكبر (الاكثر من حيث عدد المقاعد) في الجلسة الاولى للبرلمان.
كانت بعض القراءات قد ذهبت الى ترجيح انشاء تلك الكتلة بضم جناحي الدعوة في المؤتمر الاخير – الذي يبدو انه لم يحقق الهدف- للانطلاق بعد ذلك الى بقية الشركاء واقناعهم بان العبادي هو الخيار الامثل.
ويستثمر العبادي، الاتهامات الشديدة الموجهة مؤخرا الى حكومة عادل عبد المهدي في قضية عدم قدرته على تسمية وزيرة للتربية بعد رفض 3 مرشحات للوزارة، والتلويح باستجواب 4 وزراء في حكومته، هم (المالية، الكهرباء، الاتصالات، والنفط).
كذلك تقول بعض المصادر لـ(المدى) ان الاخير يعول ايضا على الحراك الشعبي في الجنوب ضد سوء الخدمات، الذي كان السبب في اسقاط الولاية الثانية عنه والتي عرفت حينها بازمة البصرة في صيف 2018، حين انقلب حلفاءه عليه.
من يدعم العبادي؟
يقول العبادي في تصريح صحفي آخر إن "هناك تواصلاً من نوع معين مع المرجعية الدينية"، في إشارة للمرجع الاعلى علي السيستاني.
وتقول النائب عن تحالف النصر الذي يتزعمه العبادي، ندى شاكر ان "المرجعية الدينية وجهات سياسية كثيرة تدعم العبادي، لكن هذا لا يعني انه يريد اسقاط الحكومة".
لم يعلن العبادي حتى الآن انه جهة معارضة، كحليفه في تحالف الاصلاح والاعمار عمار الحكيم، ويستخدم تحالفه (النصر) لفظة "معارضة تقويمية".
وتقول شاكر ان العبادي رفض بعض مطالب ائتلافه بان يكون معارضة، مضيفة: "نحن لسنا ضد الحكومة او انفصلنا عنها.. نحن معارضة تقويمية تبحث عن مصالح العراقيين وليس التخريب".
وغالبا ما يشن العبادي هجمات على الحكومة الحالية، آخرها كلامه عن وجود فساد من نوع آخر، وهو "بيع المناصب الذي كان في السابق سراً وبات اليوم في العلن، وكل شيء بسعره".
لكن النائب عن النصر تشير الى ان ائتلافها لا يحمل عبد المهدي كل مسؤولية الاخفاق في ادارة الحكومة. وتضيف قائلة "قال لنا عبد المهدي إن الفتح وسائرون هما من شكلا الحكومة ولست انا.. ولذلك نحن نقول إنهم شركاء في المسؤولية معه". وفي نيسان الماضي، بدى ان العبادي يقترب من تنفيذ مخططه للعودة الى السلطة، عبر اللعب على عدة حبال سياسية، منها عدم رضا المرجعية وواشنطن عن حكومة عبد المهدي، بحسب اوساط رئيس الوزراء السابق.
كما كان العبادي قد حاول اعادة زهو ائتلافه السابق، من خلال إعادة نوابه المنشقين، أو استمالة نواب من كتل أخرى، ولم ينجح في النهاية.
وتقول شاكر ان هناك متأرجحين في الكتلة، لكن عددنا هو 30 نائبا.
وكان النصر قد حقق 42 مقعدا قبل ان ينشق عنه نواب "عطاء" الكتلة التي يتزعمها فالح الفياض ونواب الحزب الاسلامي (نحو 28 نائبا)، بالاضافة الى اثنين آخرين اعلنا قبل أيام انضمامهما الى كتلة جديدة يسعى حزب المؤتمر الوطني الى انشائها.
لا فرصة لولاية ثانية
بدوره يقول عبد الامير المياحي، وهو نائب عن تحالف الفتح لـ(المدى) ان "الظروف الحالية لا تسمح بأي منفذ دستوري يمر من خلاله العبادي للعودة الى السلطة".
وبحسب النائب ان كل المناصب في العراق حتى درجة مدير عام لا تسند لصاحبها "بدون توافق سياسي" وهو ما يعتبره غير موجود الآن لدعم العبادي.
ويضيف المياحي ان "لا امل الآن للعبادي في ولاية ثانية ولا توجد فرصة لحدوث انقلاب عسكري او اي وسيلة اخرى غير شرعية".
قد يهمك ايضا
اشتعال أزمة سياسية جديدة بين مسعود بارزاني وحيدر العبادي
قوة حماية رئيس الحكومة العراقية تغلق مجمعاً يسكن فيه العبادي