جنود إرتريين قرب أسمرة
الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
يخيم الغموض على الأوضاع الراهنة في اريتريا بعد احتجاج بعض ضباط الجيش على سوء أوضاعهم المادية، وطول فترة الخدمة العسكرية، فيما تتابع الحكومة السودانية، التطورات في أسمرا عن كثب، غير أنها لم تصدر تعليقا على تلك التطورات التي أشارت بعض التقارير إلى احتمال أن يكون
هناك انقلاب عسكري ضد الرئيس أسياسي أفورقي.
واعتبر مسوؤل حكومي سوداني، ما جرى مساء الاثنين، في اريتريا، وكذلك ما يجري "أمرًا اريتريًا داخليًا"، وفي تعليق له عن تطورات الأوضاع في اريتريا يقول الخبير في الشأن الاريتري عبد الله موسى (أحد قيادات حزب مؤتمر البجا السابق) أن اريتريا تكاد تكون دولة مغلقة، ويصعب الحصول في مثل ظروفها الحالية على معلومات، لكنَّه عاد وقال لـ"العرب اليوم" إن الصراع الذي كشف عنه هو صراع قديم بين جنرالات الجيش، رغم أن العملية الأخيرة أقرب إلى الاحتجاج من المحاولة الإنقلابية، بالنظر إلى أنه شارك فيها حوالي مائتي فرد وفقًا لما هو معلن حتى الآن، فهناك من يعتقد أنه آن الأوان لأن ينفتح النظام الحاكم على العالم الخارجي، ويبني مؤسسات حكم ديمقراطية، ويتيح قدرًا من الحريات.
في المقابل هناك من يعتقد - بحسب عبد الله موسى - أن الوضع الراهن هو الأفضل ولم يحن الوقت بعد لإجراء تحولات سياسية، وكشف موسى في تصريحاته عن تداول أسماء جنرالات كبار ضمن المجموعة التي قادت العملية الأخيرة، من بينهم قائد سابق لحرس الحدود، هو الجنرال دخلي منقريوس، وهناك أسماء لقيادات سياسية لكن من غير المعروف من الذي يسيطر على الوضع في ظل شح المعلومات وتضارب الأنباء.
ويقول مصدر فضَّل عدم الكشف عن اسمه لـ"العرب اليوم" إن المعلومات المتوفرة حتي الآن مصادرها المعارضة الاريترية التي وصفها بأنها تمتلك وزنًا منظمًا ولديها خبرة طويلة في العمل العسكري المنظم حيث تسلمت الجبهة الشعبية الحكم في اريتريا بعد رحلة طويلة من العمل المسلح.
وأضاف المصدر أن التحرك الأخير، يقوده كبار جنرالات الجيش الاريتري، وهناك تقارير غير مؤكدة تتحدث عن مقتل بعض قادة المحاولة من بينهم شخصية عسكرية مهمة في الجيش الذي تفيد بعض التسريبات بأنه يطالب بتنحي الرئيس أسياسي أفورقي.
وأشار المصدر إلى محاولات سابقة جرت لكن النظام الحاكم سرعان ما سيطر عليها دون ضوضاء، وأكد أن هذه المحاولة تعد الأولى التي ظهرت للعلن، مما يشير إلى أن الحركة وراءها قيادات عسكرية من العيارالثقيل.
من ناحية أخرى كشف الناطق الرسمي باسم هيئة الطيران السودانية عبد الحافظ إبراهيم لـ"العرب اليوم" أن رحلات الطيران بين البلدين عادية ولم تتوقف، حيث استقبل مطار الخرطوم، رحلة قادمة من أسمرا، وعادت رحلة من مطار الخرطوم إلى أسمرا مساء الأربعاء.
ويقول الخبير في شوؤن القرن الافريقي اللواء معاش السر العمدة إن الذي يحدث في اريتريا نتاج طبيعي لسياسات أفورقي ونهجه في الحكم، مضيفًا في تصريحات لـ"العرب اليوم" أن مجموعة كبيرة من القيادات التاريخية التي رافقت أفورقي خلال فترات العمل المسلح، إما معتقلين أو خارج دائرة السلطة، مشيرًا إلى أن مطالب المجموعة تتحدث عن إطلاق سراح المعتقلين في السجون، كما أن أفورقي بدأ في تسليح المواطنيين الاريتريين لكسب الولاء الشعبي بعد أن اتهم الجنرالات بالتواطؤ مع جهات خارجية، في إشارة إلى إثيوبيا، التي يعتبرها خصمًا له، كما أن تردي الوضع الاقتصادي - بحسب العمدة - قد يكون من بين أسباب ارتفاع أصوات المعارضة المطالبة برحيل أفورقي، فمعظم الشباب خارج اريتريا الآن هربًا من الخدمة العسكرية.
ويقول مصدر حكومي في شرق السودان أن الحركة على الحدود السودانية الاريترية عادية، فيما يشير الصحافي الزبير عثمان أحمد إلى أن علاقات السودان باريتريا مرت بمراحل عدة منذ تسلم الرئيس أفورقي الحكم ووصلت قمة تدهورها عندما فتح أفورقي أراضي بلاده لما كان يعرف بالتجمع الوطني المعارض للحكومة السودانية، الذي كان يترأسه زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني، وينوب عنه زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق دي مابيور، كما تدهورت العلاقات مرة أخري أثناء الحرب الإثيوبية الاريترية، لكنها بدأت تتحسن في أعقاب طرده للمعارضة السودانية.
وأصبح أفورقي وسيطًا بين الحكومة وبعض فصائل المعارضة من بينهم الصادق المهدي وموسي محمد أحمد مساعد الرئيس البشير الحالي الذي كان يترأس جبهة الشرق المعارضة، وبعد توقيع اتفاق سلام الشرق في العام 2006، بين الحكومة وجبهة الشرق المعارضة لها لم تشهد العلاقات توترًا وظلت على حالها منذ ذلك التاريخ، وأصبح أفورقي حليفًا ووسيطا في قضايا السودان.