المنتجات الزراعية في قطاع غزّة

يهدّد احتباس الأمطار، والتباين الكبير في درجات الحرارة ليلاً ونهاراً، العديد من المنتجات الزراعية في قطاع غزّة المحاصر، منذ المنخفض الجوي الأخير، حيث تشهد المنطقة احتباسًا للأمطار منذ أكثر من خمسين يومًا. وأوضح المزارع طلب أبو طعيمة أنّ "محاصيل هذا الموسم من القمح والشعير والبازلاء وغيرها تضرّرت كثيراً بسبب احتباس المطر"، لافتاً النظر إلى أنّ "المناطق الشرقية للقطاع هي المورد الأساسي لهذه المحاصيل، وفيها نقص حاد". وأشار أبو طعيمة إلى أنّ "قطاع من المزارعين أصبح يقوم بسقي المحاصيل عبر مياه التفتوف، والنفارات، حتى لا يخسر الموسم، ويستطيع الحفاظ على المحاصيل من الجفاف، والموت المبكر". من جانبه، بيّن المزارع عبد الحليم الناقة، من خزاعة شرق خان يونس، وهو صاحب دفيئات زراعية، أنّ "زراعة الدفيئات الزراعية تعرضت، كغيرها من المحاصيل الأخرى، في هذا الموسم لخسائر بسبب نقص كميات الأمطار"، مشيراً إلى أنّ "المزارعين يحاولون تجميع مياه الأمطار عند هطولها في بركة تجميع خاصة، والاستفادة منها في ري مزروعات الدفيئات الزراعية".
وأكّد الناقة أنّ "كمية الأمطار التي تجمع لا بأس بها، وتساعد المزارعين في استمرار ضخ المياه لأراضيهم، في ضوء نقص كميات المياه الآتية من البلدية، والآبار، بسبب انقطاع التيار الكهربي، ونقص كميات الوقود لتشغيل المضخات".
وأضاف أنّه "مع شح الأمطار واحتباسها فإن المزارع يقع تحت رحمة ضخ المياه من البلدية، أو حتى الآبار، لساعات معدودة، لا تكفي للمحاصيل الزراعية، فتكون كمية الإنتاج محدودة".
وعبّر نائب مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة المهندس نزار الوحيدي عن قلق وزارته من استمرار احتباس المطر عن المحاصيل الزراعية، مؤكّداً أن الخسائر ستكون كبيرة في القطاع الزراعي في غزّة.
ولفت الوحيدي إلى أنّ "الموسم ما زال في بداياته، ولا نستطيع الحكم على الموسم كاملاً خلال هذه الفترة"، مشيراً إلى أنّ "هذه الفترة لا شك مهمة في النضج الخضري للمحاصيل، بغية أن يتم لها النضوج الثمري، وكله متوقف على الأمطار والري".
وأوضح الوحيدي أنه "من الصعب الوصول إلى كمية ونسبة الخسائر في المحاصيل الزراعية في القطاع"، مؤكّدًا أنّ "الوزارة تعكف على إعداد التقارير اللازمة لذلك في نهاية كل موسم".
يذكر أنّ الجانب الزراعي في قطاع غزة من أهم الروافد المدرّة للدخل على الأسر في القطاع، ويشغل ما نسبته 10% من الأيدي العاملة في القطاع، وقد تعرض لخسائر مباشرة، خلال المنخفض الجوي الأخير، وجراء اعتداءات الاحتلال على أراضي المواطنين، خلال التوغلات في المناطق الشرقية من القطاع، المحاذية للشريط الحدودي.
يذكر أنّ آخر يوم ماطر، خلال العام الجاري، كان في الثاني والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي، أي قبل ثلاثة أسابيع، وإضافة إلى قلة سقوط الأمطار، شهدت الأسابيع الأخيرة موجة ارتفاع في درجات الحرارة، قوية نسبياً مقارنة مع مثيلاتها خلال الأعوام الماضية، وهو ما أثر سلباً على نسبة نمو العديد من المزروعات.
وأعرب المزارع شعبان سلمي، من حي الزيتون في مدينة غزة، عن خشيته من استمرار انحباس الأمطار، متوقعاً حدوث انهيار في القطاع الزراعي، إذا ما استمر الانحباس في الفترة المقبلة.
وأكّد أنّه "لم يشهد كمزارع ارتفاعاً للحرارة وقلة للأمطار منذ عشرات الأعوام"، موضحًا أنّ "ما يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة للمزارعين هو أنهم استغلوا مساحات واسعة من الأراضي في الزراعة، خلال العام الجاري، مقارنة مع الأعوام الماضية، وذلك بعد انسحاب قوّات الاحتلال الإسرائيلي، وزوال خطر تجريف الحقول والمزروعات، بعد أن كانت جرافات الجيش الإسرائيلي تقتلع كل نبتة زراعية، كبيرة أو صغيرة، خلال فترة الانتفاضة، لاسيما في المناطق والأراضي المتاخمة لحدودها، أو حدود المستوطنات".
وتابع سلمي "المواطنون قرروا زراعة أراضيهم، بعد الانسحاب مباشرة، بمزروعات تعتمد على مياه الأمطار كالقمح، والشعير، والبطاطا، وغيرها من المزروعات الموسمية".
واشتكى من قلة المياه الجوفية الصالحة للري، كما اشتكى من ارتفاع تكاليف المياه، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، لاسيما السولار، الذي يستخدم في تشغيل الآبار الجوفية، مشيراً إلى أنّ "المزارع، في حال اعتمد على المياه الجوفية في ري أرضه ومزروعاته، فهو بلا شك معرّض للخسارة".
وطالب بتعويض المزارعين عن أيّة خسارة قد تلحق بهم جراء عدم سقوط الأمطار، وذلك عن طريق إعطائهم كميات من الوقود لاستخدامها في تشغيل الآبار الجوفية.
وشهدت مساجد وساحات وجامعات قطاع غزة، خلال الأيام الماضية، "صلوات الاستسقاء"، بعد أن شعر المواطنون أن موسم سقوط الأمطار قد تأخر.
من جهتها، توقعت دائرة الأرصاد الجوية الفلسطينية أن تشهد نهاية الأسبوع الجاري سقوط كميات وفيرة من الأمطار، وتحديداً خلال يوم الجمعة المقبل.
وأشار مسؤول في الدائرة إلى أنّ "منخفضاً جوياً عادياً سيدخل إلى الأراضي الفلسطينية، ابتداءً من بعد ظهر الخميس المقبل، يصاحبه انخفاض ملموس في درجات الحرارة، وهبوب رياح قوية بين الحين والآخر"، لافتًا إلى أنّ "الأربعاء والخميس سيشهدان أيضاً انخفاضًا في درجات الحرارة".
وأرجع المسؤول انحسار سقوط الأمطار، خلال الفترة الماضية، إلى وجود مرتفع جوي تمركز فوق جنوب تركيا لفترة طويلة، الأمر الذي أدى إلى إعاقة دخول المنخفضات الجوية إلى منطقة جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط، والتي تعتبر فلسطين جزءاً منها، وبالتالي حرمان المنطقة من الأمطار، ما يعني دفع كل المنخفضات الجوية المقبلة من أوروبا إلى شمالها.
ونوّه إلى أنّ الأراضي الفلسطينية، والمنطقة، تعرضت لحالة مماثلة في أعوام 1997و1998، لافتاً إلى أنّ المرتفع الجوي بدأ بالتحرك عن الجنوب التركي، وبالتالي فسح المجال أمام المنخفضات الجوية لتتقدم نحو شرق المتوسط.
وعن الكميات الهاطلة من الأمطار، منذ بداية الموسم الجاري، على مدينة غزة والشمال، أوضح أنها بلغت 76 مليمترًا، مقارنة مع نحو 90 مليمترًا في الفترة نفسها من العام الماضي، ويبلغ معدل سقوط الأمطار على قطاع غزة سنوياً نحو 446 مليمترًا مكعبًا.