بغداد - العراق اليوم
أثار إعلان وزارة الدفاع العراقية أسماء المقبولين للدراسة فى الكلية العسكرية، الأربعاء، كثيرا من الجدل فى العراق بسبب احتواء ملفات القبول على خانة المذهب، على الرغم من أن وجود هذه الخانة ليس شيئا جديدا أو مفاجئا فى البلد الذى يحكم وفق نظام المحاصصة الطائفية منذ نحو عقدين، بحسب موقع " الحرة ".
وإثر الضجة التى أثيرت على مواقع التواصل العراقية، أصدر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمى أمرا بـ"رفع الإشارة إلى مذاهب المتقدمين للقبول فى الكلية العسكرية، وعدم العمل بهذه الآلية فى كافة مؤسسات الدولة".
وعلى الرغم من أن القرار الحكومى قوبل بأصداء إيجابية، لكن كثيرا من العراقيين شككوا فى إمكانية إلغاء النص الدستورى وسنوات التوافق السياسى على اعتماد نظام المحاصصة الطائفية بجرة قلم من قبل رئيس الوزراء.
ويقول مسئول سابق فى وزارة التخطيط العراقية لموقع "الحرة" إن "التقسيم الطائفى أو ما يعرف رسميا بالتوازن هو فى الحقيقة عملية رسمية إلى درجة أن الحكومات العراقية كانت تحتوى دائما مديرية مسئولة عن تقسيم المناصب والدرجات الوظيفية وفق المذهب والدين والعرق".
ويضيف المسئول الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن "المحاصصة الطائفية تبدأ من اختيار رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان ولا تنتهى إلى درجة مدراء الأقسام الصغيرة فى الدوائر الحكومية".
وبحسب المسئول فإن هناك دوائر حكومية "مغلقة طائفيا" على الرغم من أنها تمول من أموال الدولة، مثل الوقف الشيعى والوقف السنى والوقف المسيحي، التى لا تعين موظفين من خارج الطائفة.
ويضيف المسئول ذاته: "كلفنا هذا الكثير، كان من المفترض أن يكون هذا النظام ضمانة لتوازن ألفرص وتوزيع الرواتب بشكل عادل بين الطوائف، لكنه تحول إلى غول كبير"، مبينا "أصبح العراقيون بحاجة إلى الآنتماء الطائفى من أجل الحصول على وظيفة، وكلما كان انتماؤك الطائفى أوضح كانت فرصك فى الوظيفة أعلى، مما أدى إلى انحسار الشعور الوطني".
لكن عملية التقسيم الطائفى ليست وليدة النظام التى تأسس فى العراق بعد 2003، وإن كانت السنوات الـ17 الأخيرة شهدت ترسيخا كبيرا لهذا النظام واعترافا رسميا به.
ويقول المؤرخ عمر محمد إن "الطائفة كانت دائما عنصرا أساسيا بتحديد المستقبل فى العراق، منذ العهد العثمانى وحتى اليوم، بل وحتى قبل ذلك".
ويضيف محمد أن "فترة الملكية العراقية شهدت صعود أول رئيس وزراء شيعي، كما بدأ الشيعة يسيطرون على التجارة مقابل التخلى عن إدارة الدولة السياسية للسنة وبهذا نشأ توازن غير رسمى ولكن فعال، بدأ بالتغير مجددا بعد صعود حزب البعث للسلطة وخاصة خلال الحرب الإيرانية عندما بدأ صدام بإعدام التجار الشيعة وترحيل الأغنياء منهم".
ويرى محمد أنه بعد سقوط النظام، وتحت لافتة إعادة التوازن، "أدخل الشيعة عناصر ميليشيات إلى الجيش العراقى بحجة دمج الميليشيات فى الجيش، لكن الحقيقة هى أن النظام احتاج إلى ضباط شيعة ليوازنون التفوق العددى للضباط السنة فى الجيش".
ويعتقد المؤرخ العراقى أن "الخطأ أصلح بخطأ أكبر، وتحول الجيش إلى مؤسسة غير منضبطة قائمة على المحاصصة الطائفية مما أضعفها وأدى إلى دخول داعش وتغول الميليشيات الحالي".
ويقول الخبير القانونى ولاء العتابى إن "رفع رئيس الوزراء لخانة المذهب من استمارات القبول لا يعنى أن القوات المسلحة ستكون محايدة طائفيا"، مضيفا أن "المادة التاسعة من الدستور العراقية تنص صراحة على أن القوات المسلحة يجب أن تكون مكونة من مكونات الشعب العراقى بما يراعى توازنها وتماثلها".
وتعنى هذه المادة بحسب العتابى أن "الحكومة ملزمة بتطبيق المحاصصة الطائفية فى القوات المسلحة العراقية تحت شعار التوازن".
ويقول العتابى إن "المادة تعنى صراحة وجوب تخصيص نسب عادلة وفق التمثيل السكاني، بغض النظر عن مدى كفاءة المتقدمين أو ملائمتهم، بل وأحيانا مدى ولائهم للدولة".
ويقول الصحفى العراقى مظهر الناصر أن "الحديث عن إلغاء المحاصصة فى العراق يبدو غير واقعى فى ظل إن المناصب العليا للرئاسات ومناصب الوزراء توزع طائفيا منذ 2003، بل أن الحقيقة هى أن الآنتماء المذهبى هو عامل مهم فى اختيار العراقيين لممثليهم فى البرلمان".
وأضاف الناصر "الحكومة على سيئاتها هى صورة لواقع اجتماعي، فرضته سنوات من القهر الطائفى والمحاصصة والجهل وعدم العدالة فى توزيع ألفرص، والإصلاح المفترض هو أمر صعب فى بلد لا يريد أحد فيه التخلى عن مكاسب أو تحمل مسئولية إخفاق" .
وقد يهمك ايضا
الكاظمي يؤكد ضرورة التنسيق التام بين حكومتي بغداد وأربيل
برلماني يطالب الكاظمي بتصفية الاجهزة الامنية من العناصر المُسيّسة