امستردام - العرب اليوم
حصل الهولندي يوهان دي ويت "Johan De Witt"، عام 1653، على منصب المتقاعد الأكبر في هولندا، وهو المنصب الذي يُعادل حاليًا منصب رئيس الوزراء.
ونال دي ويت هذا المنصب الذي يعد الأهم في البلاد، وهو في الثامنة والعشرين من عمره، لذلك توقع الجميع مستقبلًا سياسيًا زاهرًا ومليئًا بالإنجازات لهذا الشاب الطموح، الذي أُعيد انتخابه كمتقاعد أكبر ثلاث مرات.
وينحدر يوهان دي ويت من أصول عريقة، حيث عمل العديد من أفراد عائلته في المجال السياسي، ولعل أبرزهم والده، الذي شغل منصب عمدة مدينة دودريخت "Dordrecht".
وحصل يوهان دي ويت نظرًا لعراقة عائلته ومركز والده، على تعليم جيد، واكتسب تدريجيا منذ طفولته مهارة في مجال الرياضيات، سمحت له بإدارة الشؤون الاقتصادية لبلاده لاحقا.
محنَّك أنهى الحرب الهولندية الإنجليزية
ولُقِّب دي ويت بالدبلوماسي المحنك والذكي، لنجاحه في إنهاء الحرب الهولندية الإنجليزية بعد سنة واحدة من تعيينه عام 1653.
وتولى هذا الدبلوماسي منصب المتقاعد الأكبر خلال فترة عرفت خلالها هولندا عصرها الذهبي، إذ صنفت حينها ضمن قائمة القوى العظمى، لامتلاكها العديد من المستعمرات في كل من أميركا وآسيا، وللحركة التجارية غير المسبوقة التي عاشتها الموانئ الهولندية في حينه، إذ توافدت يوميا على البلاد العديد من السلع كالذهب والتوابل والحرير، عبر الطرق التجارية التي امتلكتها شركة الهند الشرقية الهولندية.
صراع سياسي وحروب مع إنجلترا
وعاشت هولندا في المقابل، وبالتزامن مع تجارتها المزدهرة، على وقع صراعي سياسي بين التجار الجمهوريين من جهة وأتباع النظام الملكي الموالين لسلالة أورانج "Orange"، التي تعرف أيضا بناساو "Nassau" من جهة ثانية.
وخلال تلك الفترة عُرف عن عائلة "دي ويت" أنها كانت من أشد معارضي الملكيين.
وعاشت القارة الأوروبية مع حلول منتصف ستينيات القرن السابع عشر، على وقع خلافات مستمرة بين الهولنديين والإنجليز، حيث تنافست القوتان التجاريتان على المستعمرات والطرق التجارية، لذا شهدت المنطقة اندلاع حرب بين الطرفين في حدود سنة 1665، دافع خلالها يوهان دي ويت عن وطنه بشراسة.
وعرفت هولندا مع بداية عام 1672، أسوأ سنواتها فخلال تلك الفترة اندلعت حرب ثالثة حيث أقدمت كل من إنجلترا وفرنسا ومونستر "Münster" وكولونيا "Cologne" على إعلان الحرب على الهولنديين، ما عجّل بسقوط يوهان دي ويت.
سحل وتنكيل بجثة
وخلال تلك السنة عرفت هولندا عامًا كارثيًا حمل اسم Rampjaar حيث تقدمت القوات الفرنسية بشكل سريع داخل الأراضي الهولندية، وبسبب ذلك تراجعت شعبية يوهان دي ويت، كما تزامن ذلك مع عودة الأمير ويليام الثالث "William III" والذي سرعان ما تحول إلى بطل قومي في أعين الكثيرين.
وعزل يوهان دي ويت من منصبه، في صيف سنة 1672، كما أجبر شقيقه كورنيليس "cornelis de witt" على التنازل عن جميع امتيازاته قبل أن يسجن بتهمة الخيانة العظمى والتآمر على الأمير ويليام الثالث.
واتجه يوهان دي ويت يوم العشرين من شهر آب/أغسطس سنة 1672، لزيارة شقيقه كورنيليس المتواجد بسجن لاهاي "the Hague"؛ إلا أن مجموعة من الأهالي الغاضبين الذين شككوا في حقيقة وهدف تلك الزيارة، أكدوا على وجود مؤامرة تحاك ضد الدولة، واحتشدوا وسط المدينة.