برازيليا - العرب اليوم
أوضحت تاتيانا ديليما، التي حكم عليها بالسجن 12 عامًا في البرازيل "لوهلة، لم أتعرف على نفسي في يومي الأول في زنزانتي الجديدة، انتابني شعور غريب، عندما تسنت لي فرصة النظر إلى نفسي في المرآة ثانية"، حيث عرف عن السجون في البرازيل بأنها تضم أكبر عدد من النزلاء مقارنة مع الدول الأخرى، ومن المعروف أنها تفتقر للشروط والمعايير الأساسية مع اكتظاظها برجال العصابات الميالين للعنف.
ووفقًا لموقع "بي بي سي" بالعربي، لكن تاتيانا، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 26 عامًا، نُقلت من تلك السجون إلى سجن آخر، تديرها جمعية حماية ومساعدة المدانين "أباك" في ولاية ميناس جيرايس، وتقول النزيلة الجديدة تاتيانا "يختلف هذا السجن عن باقي السجون السائدة التي تسرق أنوثة المرأة"، ففي أباك، يُسمح لها بارتداء ملابسها الخاصة، ويمكنها وضع مساحيق التجميل وصبغة الشعر. الفرق كبير جدًا وغير قابل للمقارنة مع السجون السائدة.
لا وجود للحراس
ومقارنة مع باقي السجون، يُنظر إلى سجون آباك على أنها أقل تكلفة وأكثر إنسانية وأمانًا. وقد أفتتح مؤخرًا فرعًا جديدًا له في روندونيا شمالي البلاد. حيث تنعدم ظاهرة وجود الحراس والأسلحة، أما استقبال الزائرين، فيتم من قبل إحدى السجينات التي تقودهم إلى سجن النساء الصغير.
شروط السجن
يجب على جميع النزلاء في سجن أباك أن يكونوا قد قضوا وقتًا في السجون العادية وإظهار الندم على ارتكاب الجريمة، إلى جانب إبداء الاستعداد لمتابعة نظام السجن الصارم الذي يتضمن العمل والدراسة اللذين يعدان من أسس فلسفة نظام السجن.
ويُسمح للنساء بقضاء خلوة زوجية مع أزواجهن أثناء زيارتهم لهن في غرف خاصة، وهذه الغرف تكون ذات ألوان زاهية ومزينة مع وجود سرير مزدوج في كل غرفة، وبعد قضاء الخلوة، تأخذ السجينة الزوار إلى صالة بيع في السجن، تُعرض فيها عبوات من الصابون من صنع أيدي النزيلات.
نشأتها
أسست مجموعة من الأفراد الكاثوليك عام 1972 سجون آباك، التي تلقى الدعم من جمعية "آفسي" الخيرية الإيطالية بالتنسيق مع جمعية الإخاء البرازيلي لمساعدة المحكومين، ويقول نائب رئيس جمعية آفسي، إن الحب والعمل من أولويات نظام هذا السجن، ويتابع "هنا، لا نستخدم أرقامًا أو ألقابًا كانوا قد اكتسبوها خلال فترة ارتكابهم للجرائم، بل نناديهم بأسمائهم باحترام".
الإصلاح
يُعرف السجناء هنا باسم " المتعافون"، وهذا يعكس تركيز السجن على إعادة تأهيلهم من جديد، أي يجب أن يدرسوا ويعملوا في بعض الأحيان مع المجتمع المحلي خارج السجن. وإن فرّوا ولم يعودوا، سيكونوا قد عرّضوا أنفسهم لخطر العودة إلى نظام السجون السائد في البلاد من جديد.
ويقول ساباتييللو، أحد المشرفين على إدارة السجن، إنه بالرغم من وجود بعض المشاجرات والمشاحنات في السجن، إلا أنه لم تسجل أي حالة قتل في آباك. ويضيف بأن "غياب الحراس يقلل من حالة التوتر بينهن، وبرغم وجود نساء ارتكبن جرائم بشعة ومحكومات بالسجن مدى الحياة، إلا أن الجو هادئ تمامًا هنا".
وتكشف أغيومارا كامبوس، التي ترأس مجلس السجون والمنسقة لها "ما زلت أحاول ان أنسى رقم سجني القديم".
وكان قد حُكم على كامبوس بالسجن لمدة أربعة أشهر في السجون السائدة في البلاد، بعد ضبط كمية من الكوكائين في منزلها مع زوجها، وإدانتها بتهريب المواد المخدرة، وتقول "لقد ألقينا جميعًا معًا في السجن، كنا 20 سجينًا، ننام جميعًا على فرشات قذرة مرمية بشكل عشوائي على الأرض، وكان الطعام غير صالح للأكل، وكانت قريباتي يُفتَشن بطريقة مزعجة في كل زيارة لي".
مجرمون ميالون للعنف
يقول الخبراء إن النساء غالباً ما يقعن ضحية في الجرائم عن طريق أحد شركائهن الذكور، ثم يلقين في زنزانة مليئة بالمجرمين المخضرمين". وهذه هي إحدى أسباب ارتفاع عدد السجينات في البرازيل في السنوات الأخيرة.
وأردفت كامبوس "لم أكن أعلم شيئًا عن الجرائم عندما سُجنت، لكن جريمة السجينة التي كانت معي في نفس الزنزانة هي قطع رأس جارتها وحملها في حقيبة!".
والآن، أم الطفلين تاتيانا، تحرز تقدمًا في سجنها شبه المفتوح، من خلال العمل والدراسة، ويقول القاضي أنطونيو كارفالو بأن نظام العمل والدراسة موجود في أنظمة السجون العادية أيضًا، لكن قلّ ما تنفذ هذه القرارات.
حب وراء القضبان
في الوقت الراهن، تعيش تاتيانا في سجن نظامه شبه مفتوح، مع امتيازات قليلة، ولتنتقل إلى نظام السجن المفتوح الذي يسمح للسجينات بالخروج من السجن مرة في الأسبوع، يتوجب عليها أن تحرز المزيد من التقدم في العمل والدراسة. ورغم وجود تاتيانا داخل السجن، إلا أنها وجدت حبيبًا لها في سجن آباك للرجال بعد تبادل الرسائل مع بعضهما البعض عن طريق إدارة السجن.
ويقول رئيس جمعية الإخاء البرازيلي:" نعم، نود أن نجمع الناس معًا، نريدهم متعافين ومرتاحين وهذه هي رسالة آباك، لا أحد يفر من الحب".