غضب المتظاهرون العراقيون

جيل العراق الجديد من الشباب الذي ولد ما بعد 2003 قد تحرر من نطاق الاجيال الاقدم التي كانت تقنع بأي شيء تقدمه الحكومة لهم، انه يعلم ان الحكومة تجني ما فيه الكفاية من موارد النفط المالية ولكنها لا تنفق شيئا لتحقيق الرفاهية لهم.

وإلى أن تلبي الحكومة ما قطعته من وعود، فليس هناك نهاية لاحتجاجات العراق.

مناطق كثيرة من العالم شهدت خلال الاشهر القليلة الماضية احتجاجات عنيفة انطلقت في العراق ولبنان وهونغ كونغ وتشيلي، مع ذلك فان احتجاجات العراق تصدرت الاخريات من حيث العنف المفرط فيها، حيث تسببت اجراءات امنية حكومية بمقتل ما يزيد على 400 متظاهر مع جرح آلاف آخرين في أعنف تظاهرة يشهدها البلد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

متظاهرون القوا باللائمة على حكومات متعاقبة لتسببها بتفشي بطالة على نطاق واسع بين ابناء الشعب مع فساد مستشرٍ مع قلة خدمات رغم الموارد المالية الضخمة التي تحصل عليها الحكومة بسهولة من مبيعات النفط. رغم ذلك فان السلطات تدعي بان العراق لم يتلق حصته الوفيرة من منظومة سوق النفط العالمية المعقدة ليتمكن من احياء اقتصاده المتهرئ.

غالبية الشعب تفتقر لرعاية صحية كفوءة وتعليم جيد ومدارس او توفير خدمات اساسية مثل مياه شرب صالحة وكهرباء، حيث بقيت الوعود التي قدمتها حكومات متعاقبة لتطوير تلك القطاعات بدون تنفيذ. واستنادا لتقرير اصدره البنك الدولي فان ما يقارب من ثلاثة اخماس نفوس العراق المؤلف من 40 مليون شخص يعيشون على اقل من 6 دولار باليوم.

المحتجون العراقيون، القسم الاعظم منهم من الطبقة الفقيرة، يعبرون عن غضبهم ضد طبقة سياسية بذيئة ومنتفعين نهبوا ثروات البلاد ويدفعون الشعب نحو مزيد من الفقر.

رد سلطات البلد على الاحتجاجات باستخدام قوة مميتة كان ردا صادما جعل الامور اكثر تعقيدا. المرجعية الدينية العليا في البلد كانت قد دعت السلطة الحاكمة الى اجراء اصلاحات سياسية كبرى.

واكدت على ضرورة ان تكون الاحتجاجات سلمية وخالية من كل انواع العنف والتخريب، كما اكدت على حرمة الدم العراقي وعلى القوى السياسية ان تستجيب لمطالب المحتجين الشرعية.

التظاهرات الاخيرة تعكس استياء الشعب العراقي المتزايد تجاه الاحزاب الدينية التي حكمت البلد على مدى 16 عاما، انه تغير يحمل انذارا لنخب حاكمة بانه عليهم ان يصغوا لصوت الشعب. وهو توجه شعبي نحو فكرة العدالة الاجتماعية وتحقيق المواطنة.

رغم استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فان الشعب ما يزال غاضبا وان الاحتجاجات ستستمر لحين ادخال اصلاحات سياسية واقتصادية جديدة. ولكن ما سيحصل بعد هذه التظاهرات لن يكون مشابها لما مضى. العراق يمر عبر مرحلة استثنائية. المعارضة الجديدة التي تبرز الآن يمكن ان تلعب دورا مهما يقود الوضع الراهن نحو التغيير. وعلى السلطات ان تبادر بعملية تغيير بنيوي وان تصغي لمطالب المحتجين الشرعية.

قد يهمك ايضا

صحيفة أجنبية توضح دور مدينة الصدر في احتجاجات العراق

اجتماع لرئاسة البرلمان العراقي وقادة الكتل لحسم مقترحات قانون الانتخابات