بغداد - العراق اليوم
تعاني شعوب كل بلدان القارة الأوروبية والشرق الأقصى تقريبا من الشيخوخة بشكل واضح، وهذا ما يجعلها تتقلص وتختفي تدريجيا، وفي تقريره الذي نشرته مجلة "ذي أميركان كونسيرفاتيف" الأميركية، قال الكاتب باتريك بوكانان إنه إذا طُلب من النخب الغربية تحديد أكبر أزمة تواجه البشرية، فستتمحور معظم إجابتهم حول أزمة التغير المناخي.
وأصبحت ناشطة سويدية شخصية العام لمجلة التايم، بينما تدمر الأعاصير مدن نيوجيرسي وبورتوريكو، وتلحق الفيضانات أضرارا كبيرة بالغرب الأوسط وبنغلاديش، ويجتاح الجفاف جنوب أفريقيا وتشتغل الحرائق في أستراليا والأمازون.
ورغم تسليط الضوء على تهديدات التغير المناخي فإن الصورة تبدو بالنسبة للعديد من بلدان ما يسمى بالعالم الأول مختلفة، وهناك مخاوف أكثر إلحاحًا، لعل من أهمها انخفاض عدد السكان. ففي حال لم ترتفع معدلات المواليد، سيواجه العديد من الشعوب الغربية الانقراض شبه المباشر بحلول نهاية هذا القرن.
أرقام مخيفة
وفي السياق، يشار إلى أن عدد المواليد في اليابان وصل في عام 2019 إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 1874، حيث بلغ 900 ألف. في المقابل، بلغ عدد الوفيات 1.4 مليون حالة. ومن المتوقع حدوث خسارة أكبر في عدد سكان اليابان هذا العام. ومنذ عام 2007، تقلص عدد سكان هذه الدولة عندما تجاوز عدد الوفيات المواليد لأول مرة بمقدار 18 ألف نسمة.
وفي ظل تجاوز أعمار 28% من سكانها 65 عاما وتراجع عدد المواليد كل عام، تستمر اليابان في التحول نحو مجتمع متقدم في السن.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، تختفي قرى بأكملها في جميع أنحاء اليابان، لأن الشباب يختارون عدم إنجاب أطفال أو الانتقال إلى المناطق الحضرية. وتقدر الحكومة أنه من المرجح أن يتقلص عدد السكان بنحو 16 مليون شخص، أو بما يقارب 13% على مدى ربع القرن المقبل.
أزمة وجود
ونوه الكاتب باتريك بوكانان بأن عدد المواليد يتقلص في كوريا الجنوبية، ومن المتوقع أن يبدأ عدد سكانها بالتراجع هذا العام. في المقابل، وصلت هذه الأزمة إلى مستوى متقدم جدا في بلدان أوروبا الشرقية. ففي نهاية الحرب الباردة، بلغ عدد سكان بلغاريا تسعة ملايين نسمة، وانخفض بحلول عام 2017 إلى 7.1 ملايين، مع توقعات تشير إلى أن العدد سيصل إلى 5.4 ملايين نسمة في 2050، أي أن البلاد ستشهد خسارة بنسبة 40%، بسبب تزايد معدلات الوفيات والهجرة منذ خروج بلغاريا عن الاتحاد السوفيتي.
وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تفقد كل من أوكرانيا وبولندا ستة ملايين شخص إضافي. وستخسر المجر 1.5 مليون شخص من العدد الإجمالي لسكانها. فضلا عن ذلك، شهدت ليتوانيا ولاتفيا خسائر جسيمة في عدد السكان منذ نهاية الحرب الباردة. بناء على ذلك، تحتل الدولتان المراتب الأولى بين الدول الأوروبية التي يتراجع عدد سكانها بوتيرة سريعة.
وأكد الكاتب أن ديمغرافيي الأمم المتحدة يتوقعون انخفاض عدد سكان روسيا من 145 مليونا إلى 121 مليونا بحلول عام 2050. ويتجاوز هذا التراجع معدل الخسائر التي عانت منها روسيا في عهد لينين وستالين وخلال الحرب العالمية الثانية. والجدير بالذكر أن الشرق الأقصى يعد موطنا لنحو ستة ملايين روسي يسكنون تلك المناطق الشاسعة الغنية بالموارد الطبيعية مثل الأخشاب والنفط والغاز.
وخلال مؤتمر استثماري عقد في فلاديفوستوك، قال الرئيس فلاديمير بوتين، "يستمر عدد السكان في الانخفاض في كل مكان تقريبا في الشرق الأقصى. وعلى الرغم من تزايد نسبة التدفق الداخلي على تلك المنطقة، فإنها لا تغطي عدد الأشخاص الذين يغادرونها".
من جانب آخر، تتجه قبائل أوروبا، وشعوب كل بلد من بلدان القارة العجوز تقريبا، نحو الشيخوخة بشكل واضح. وصرح رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش بأن الأزمة السكانية في أوروبا "وجودية".
انقراض طوعي
في مقابل الأرقام التي تدق ناقوس الخطر بالنسبة لمجتمعات غربية مهددة بالتناقص، يسعى نشطاء غربيون في اتجاه معاكس، مثل الكاتب "ليس نايت" الذي يرى أن أفضل الحلول بالنسبة لكوكب الأرض هو "التخلص التدريجي والطوعي من الوجود الإنساني".
ويبرر نايت فكرته الغريبة بأن البشر والحضارة الإنسانية تسببت في انقراض مئات الآلاف من الأنواع الحيوية والكائنات الحية، وفي المقابل سيؤدي اختفاؤهم لاستعادة النظم البيئية وتوقف القتال على الموارد، بحسب مقاله بصحيفة الغارديان البريطانية.
وبدأ نايت رحلته للدعوة لما يسميه "الانقراض الإنساني الطوعي" منذ وقت مبكر وتأثر بكتاب المؤلف بول إيرليك "قنبلة السكان" الذي يرى بدوره أن "الاكتظاظ السكاني من شأنه أن يؤدي إلى نقص الغذاء والمجاعة".
ورغم غرابة الفكرة فإن نايت يقول إنه يتحدث مع العديد من الناشطين الذين يشاركونه معتقداته من كل أنحاء العالم من الهند إلى المكسيك، وفي المقابل يرى كثيرون أن تناقص أعداد مجتمعات غربية وأخرى بالشرق الأقصى قد يمثل أكبر مشكلة لبلدان العالم المتقدم.
قد يهمك ايضا
مسؤول عراقي في وزارة التخطيط يكشف وجهًا جديدًا مُتطوِّرًا للفساد في البلاد