واشنطن ـ يوسف مكي
أشار الباحث في مجال الحريات المدنية وقضايا الأمن القومي الأميركي غلين غرينوالد في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى ما أسماه "الحماقة الإستراتيجية"، التي ترتكبها إدارة أوباما في الشرق الأوسط، عن طريق هجمات الـ"درون"، التي تشنها بطائرات من دون طيار. حيث أكد أنها تكشف بالتفصيل عن كيفية دعم الولايات المتحدة للديكتاتورية في اليمن، كي تكذب على شعبها في كل مرة تقوم الولايات المتحدة فيها بقتل مدنيين يمنيين بطائرة من دون طيار. كما أكد الباحث أن مثل هذه الهجمات تدفع بالكثيرين في اليمن إلى تأييد تنظيم "القاعدة"، ونذر أنفسهم لمعاداة النزعة العسكرية الأميركية، و يستشهد الباحث في ذلك بمقال في صحيفة "واشنطن بوست"، يشير إلى أن عائلات الضحايا والناجين من الهجمات الأميركية أعربوا عن رغبتهم في تأييد أو القتال إلى جانب تنظيم "القاعدة" والمليشيات العسكرية، في حربها ضد الحكومة اليمنية والولايات المتحدة. حيث يقول أحدهم أنه إذا كانت الولايات المتحدة هي المسؤولة عن مقتل المدنيين، فإنه لا يملك سوى التعاطف مع "القاعدة" لأنها تحارب أميركا. بل و يهدد أحد الناجين المصابين بحروق بالانتقام، باختطاف جنود والانضمام إلى "القاعدة"، ما لم يكن هناك قصاص له. كما يستشهد الباحث أيضًا بمقال لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" التي تنسب إلى خبير في المليشيات الإسلامية قوله أن هجمات الـ"درون" لم تقتل قادة "القاعدة" الحقيقيين، وإنما زادت من كراهية أميركا، ودفعت بالشباب إلى الانضمام إلى تنظيم "القاعدة" للانتقام. و يخلص الباحث في هذا السياق إلى القول بأن التاريخ سوف يسجل أن واحدًا من أغبى الأسئلة التي تطرحها أميركا هو سؤال "لماذا يكرهوننا؟". فالرسالة التي تبعث بها أميركا إلى المنطقة تقول بأنه إذا كنت حليفًا للولايات المتحدة فإنك تستطيع أن تنتهك حقوق الإنسان دونما قلق. ولا أدل على ذلك -كما يقول الباحث- من التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال عام 2009، عندما قالت "أنا في واقع الأمر أعتبر الرئيس مبارك وزوجته السيدة سوزان مبارك أصدقاء لأفراد عائلتي". ثم ينتقل الباحث بعد ذلك إلى التصريحات التي أدلى بها مراسل "الجزيرة" في برلين أكثم سليمان، بشأن استقالته من العمل مع "الجزيرة" أخيرًا، والتي قال فيها أن النظام في قطر الذي يملك شبكة "الجزيرة" يرسم سياسة الشبكة الإخبارية، و يملي عليها كيفية تغطيتها للأحداث، لخدمة مصالح الحكومة القطرية، ويستشهد على ذلك بتغطية الشبكة للصراع في كل من ليبيا وسورية، وتشويهها للصراع بصورة منتظمة ومنهجية، بهدف تبرير الحرب التي تشنها قطر ضد كل من القذافي والأسد، اللذان لا تكن لهما أي مودة. كما أكد أيضًا أنه "مع كون القذافي ديكتاتورًا، إلا أن الطريقة التي قتل بها غير مقبولة على المستوى الإنساني"، وأضاف قائلاً "تعرض الكثيرين للقتل في ليبيا على هذا النحو، إلا أن قناة الجزيرة تغض الطرف الآن عن ذلك، وهذا في حد ذاته لا يمكن أن يكون إعلامًا محترفًا. وفي سورية انقسم المجتمع ما بين مؤيد ومعارض للأسد، وعندما تقوم الجزيرة بتصوير فريق بأنه قاتل وحشي وتصور الفريق الآخر بان قديس وملاك فإنها تعمل بذلك على زيادة حدة الصراع، كما أنها تصور الموقف في سورية بطريقة تفتقد إلى التوازن والحيدة، لاسيما وأن كلا الطرفين يرتكب أعمال قتل وحشية". كما يؤكد الباحث كذلك على افتقاد مثل هذا الإعلام إلى توضيح الحقائق في بلدان مثل العراق وسورية وليبيا، ولجوئه إلى التبسيط والتشويه، و يشير إلى ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" من وثائق تكشف قيام الـ"إف بي آي" باستخدام عملاء مكافحة الإرهاب لتقصي حركة "احتلوا وول ستريت" الاحتجاجية، والتجسس على اتصالات أعضائها، لمعرفة ما يخططون له، و تكشف كذلك مدى تورط السلطات الفيدرالية في التجسس على نشطاء الحركة، وذلك على نحو يتناقض تمامًا مع مبدأ الحريات المدنية، حيث يتم استخدام أساليب مكافحة "الإرهاب" في احتواء حركات الاحتجاج المحلية والاضطرابات الداخلية. ثم يشير الباحث بعد ذلك إلى الجدل الدائر بشأن ترشيح تشوك هاجيل لتولي منصب وزير الدفاع الأميركي، وسياسية الولايات المتحدة تجاه إيران وإسرائيل، وكذلك إلى الانتقادات التي نالها فيلم "Zero Dark Thirty" الذي يتناول قصة مقتل بن لادن، ومبررات التعذيب بحجة مكافحة "الإرهاب"، حيث يلقي الضوء على مقال في "لوس أنجلوس تايمز" يدين الفيلم، وأساليب الاستجواب التي كانت تتبعها الـ"سي آي إيه".