دمشق - العراق اليوم
داخل استوديو إذاعي مجهّز بمعدات بسيطة وغرف ملونة بمدينة القامشلي الواقعة أقصى شمال سوريا، يعقد كادر إذاعة «بوير إف إم» اجتماعاً تحريراً لوضع خطة برامجية لشهر رمضان المبارك بالتوازي مع تغطية جائحة «كورونا» المستجد، فالأخيرة تحصد معظم البرامج والنشرات الإخبارية سيما بعد تسجيل أربع حالات إصابة بمدينة الحسكة من بينها حالة وفاة.
أثناء الاجتماع؛ تحدثت مديرة الإذاعة الإعلامية فنصة تمو عن خطة شهر رمضان الذي دخل أسبوعه الثاني، ولدى حديثها إلى صحيفة «الشرق الأوسط» قالت: «بقيت برامجنا الأسبوعية ثابتة لكن توقيتها تغير وهناك فقرة دينية يومية للحديث عن شهر رمضان»، وأضافت أنه ومنذ بداية انتشار جائحة «كورونا» المستجد بداية العام الجاري خصصوا: «برنامج (برنامج خاص) مدته 45 دقيقة للحديث عن الفيروس، وبرنامج آخر (صحتك بالدنيا) كم تم التركيز في مضامين البرامج والفقرات الأسبوعية بتغطية آخر تطورات انتشار الوباء ووسائل الوقاية والإجراءات الاحترازية».
وإذاعة «بوير إف إم» بثت أثير برامجها سنة 2017 وهي إحدى منصات مؤسّسة «بوير بريس» الإعلاميّة الثلاث، والأخيرة تقدم نفسها للجمهور على أنها مستقلة لا تتبع أي جهة سياسية أو حكومية، وتضم - إلى جانب الراديو - صحيفة ورقية طبعت منها 87 نسخة ورقية، وموقعا إلكترونيا ينشر محتواه باللغتين الكردية والعربية، إضافةً إلى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ويبلغ عدد متابعيها 100 ألف وتبث عبرها البرامج الصباحية لايف.
نقلت سلام عزيز معدة ومقدمة برنامج خاص أن البرنامج يعد من بين أكثر المواضيع التي يتفاعل معها الجمهور عبر الاتصالات أو الرسائل النصية، وقالت: «لأنه يتناول طرح القضايا التي تلامس مخاوف المستمع، كونهم يستفسرون عن فيروس (كورونا) وأبرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي بالمنطقة»، وأشارت إلى أنها تعتمد على دليل منظمة الصحة العالمية والإرشادات والنصائح التي تنشر يومياً، وتتم ترجمتها من الإنجليزية إلى اللغتين العربية والكردية، لكنها نوهت قائلة: «أكثر الأسئلة التي تصلنا تدور حول اكتشاف الدواء والعلاج ومتى سينتهي الحجر الصحي وحالة العزلة، بدورنا نقوم بتوجيه هذه الأسئلة إلى الجهات المعنية والسلطات المحلية».
أما همالين فرمان فتروي كيف بدأت العمل الإعلامي منذ سنة 2016 بداية كمراسلة متدربة لدى صحيفة «بوير» ولاحقاً في المجال الإذاعي بعد الإعلان عن راديو بوير، وكانت تجربتها الإعلامية الأولى وأعربت عن سعادتها لتقول: «شعور جميل التحدث مع الجمهور باللغة الكردية ومخاطبتهم بمفردات وجمل لغتي الأم، أستمع إلى شكواهم ومداخلتهم واتصالاتهم، حيث تغمرني السعادة لأنني بهذا المكان»، وأكثر فقرات الإذاعة متابعةً لدى الجمهور هو البرنامج الصباحي عطر الصباح بحسب مقدمة البرنامج همالين، إذ يمتد على مدار ثلاث ساعات متواصلة وتضيف: «أنا ومذيعة ثانية نقدم الفترة باللغتين العربية والكردية ونجيب على الاتصالات بحسب لغة المتصل».
وتعمل في المناطق ذات الغالبية الكردية شمال شرقي سوريا أكثر من عشر إذاعات كردية، تبث أثيرها عَبر موجات الـ(FM) أو مواقع الإنترنت إلى جانب منصات التواصل الاجتماعي، ويستمع إليها جمهور ينتشر غالباً في مدينتي القامشلي والحسكة والبلدات التابعة ويصل أثيرها إلى محافظتي الرقة ودير الزور شرق البلاد، في محاولة إيصال رسائل تحد وكسر لاحتكار الحكومة السورية لوسائل الإعلام السمعية والبصرية.
يقول برزاني فرمان مدير القسم الكردي في المؤسسة، إن المحتوى العربي يترجم بالكامل إلى الكردية على جميع منصات بوير بريس وأعرب أنها «مهمة شاقة نظراً لأن الكثير من المصطلحات جديدة يتلقاها المستمتع، لذلك نبحث عن أصل الكلمة وترجمتها الدقيقة».
ويعمل في مؤسسة بوير بريس وتعني بالعربية «الحدث» مجموعة إعلاميين من ذوي الخبرة اختاروا العمل في مجال الصحافة الرقمية، والاعتماد على منصات السوشيال ميديا للإطلالة على الجمهور ومتابعي صفحاتها، وتعتمد برامج مختلفة منها المجتمعية والسياسية والفنية والثقافية والاقتصادية وبعضها يهتم بالمجال الإنساني، كما تغطي مجريات الأحداث عبر شبكة مراسلين موزعين في مدن وبلدات المنطقة.
غير أنّ تجارب كثيرة نجحت بالعمل الإذاعي واحتلّت حيّزاً من الاهتمام، وراكمت خبرة وتجربة خلال عملها وانطلاقها، وأسست أرضية يمكن البناء عليها والإفادة منها، بحسب هافانا محمد والتي تعمل محرّرة في موقع «بوير» وتدير القسم العربي، اكتسبت خبرات عديدة خلال عملها مع الراديو وتعلمت الكتابة الإذاعية، وتقول هافانا: «العمل ممتع وتندمج خلاله في الحياة اليومية، فمن خلال كتابة مواد خدمية ومواد اجتماعية وغيرها من التقارير المنوعة التي تقدم الفائدة وإضافة جديدة لقراء ورواد الراديو».
وفي 22 من شهر أبريل (نيسان) الماضي، أضاءت الصحافة الكردية الشمعة الثانية والعشرين بعد المائة لميلاد أول جريدة كردية، إذ استطاع الأمير مقداد مدحت بدرخان إصدار جريدة «كردستان» من العاصمة المصرية القاهرة في 22 أبريل عام 1898، وتم طباعة أعدادها الخمسة الأولى في القاهرة، وبعد ذلك أصبحت الجريدة تصدر من جنيف بسويسرا، ثم عادت طباعتها مرة أخرى من القاهرة، وصدر منها (31) عدداً لتتوقف بعد هذا العدد نهائياً في عام 1902. وبدأت الصحافة الكردية في سوريا من خلال إصدار صحيفة «هاوار» عام 1932 على يد الأمير جلادت بدرخان، بينما اليوم ظهرت العشرات من الإذاعات الكردية والصحف والمجلات المطبوعة والدوريات الخاصة في سوريا، لتؤسس إعلاماً محلياً موجهاً للجمهور باللغتين الكردية والعربية، إحداها صحيفة «بوير بريس»، حيث انطلقت منتصف 2014 وصدرت 87 نسخة ورقية تم توزيعها في معظم مدن وبلدات شمال شرقي سوريا.
وأكد أحمد أبي آلان مدير عام مؤسسة بوير الإعلامية أنهم يعملون على تثبيت اللغة الكردية حتى تصبح لغة صحفية موجه للجمهور بلغته الأم، وقال: «واجهتنا الكثير من التحديات أبرزها أنها لغة جديدة لذا نلاقي صعوبة أثناء انتقالها بين العامية ومخاطبة المجهور، لكن إصرار كادر الفريق والتشجيع من الجمهور ساهم في إنجاح التجربة»، واختتم حديثه قائلاً: «بعد احتلال تركيا وفصائل سورية موالية على أجزاء من سوريا، وتصاعد التهديدات من الحكومة السورية باستعادة المنطقة عسكرياً، نتساءل ماذا سيكون مصير هذه التجربة التي سهرنا عليها لأيام وليال».
قد يهمك أيضًا
تقرير يكشف طريقة تجنب الإصابة بـ"كورونا" خلال قراءة الجرائد الورقية