القاهرة – العرب اليوم
التتويج بلقب الدوري الإنجليزي يجذب الأنظار والأموال دائماً، البطل في أحد أقوى منافسات الدوري حول العالم دائماً ما يحصل على الثناء والمجد والإشادة وفي الغالب يحصل على عشاق جدد، لكن ما فعله ليستر سيتي تخطى كل ما سبق ذكره، فالأمر لا يتعلق هنا بالمال أو الإشادة أو الاستمتاع، القصة أعمق من ذلك بكثير تتعلق في كيفية قهر الصعاب للتفوق على كلمة “مستحيل” في دروس وعبر لمختلف المجالات في الحياة.
ليستر لم يكن ينظر إلى أكثر من البقاء ضمن مصاف أندية الدرجة الممتازة في إنجلترا كيف لا وهو الذي وجد نفسه في المركز الأخير في البريميرليج في معظم فترات الموسم الماضي ليكون على مشارف الهبوط للدرجة الأولى، لكن كلاوديو رانييري ورجاله عملوا بروح جماعية واحدة، بدون فوارق، بدون نزعة فردية، وفي بوتقة انصهر خلالها الجميع منتجين قالب يوصف بكلمة واحدة “استثنائي”.
وفي الحقيقة حكاية ليستر لا تتوقف عند حاجز الفريق كمجموعة والنادي كتاريخ بل تتخطى ذلك إلى الأفراد، فالمدرب رانييري لم يسبق له التتويج بلقب الدوري المحلي في أوروبا بل كان دائماً يحتل المركز الثاني، ولطالما تعرض للسخرية والانتقاد من قبل وسائل الاعلام، كما لم يخلص من لسان جوزيه مورينيو في تشيلسي الذي سخر منه طويلاً بعد أن خلفه في تدريب البلوز قبل 12 عام.
لكن هذا هو حال كرة القدم كلاوديو أثبت أنه مدرب كبير بل وكبير جداً في عامه الرابع والستين واستطاع حصد لقب البريميرليج في الوقت الذي يبحث خلاله جوزيه عن عمل طالباً ود مانشستر يونايتد وغيره من الأندية!
ولا تقل حكاية نجمنا الجزائري العربي “الأعجوبة” رياض محرز ابهاراً للمتابعين عن حكاية مدربه، ابن الصحراء تحول من نجم مغمور لم يحقق النجاح المطلوب في دوري الدرجة الثانية الفرنسي مما دفع جماهير ليستر للسخرية منه فور إعلان التعاقد معه لدرجة جعلت البعض يتساءل باستهزاء “من هذا؟ ” إلى نجم عالمي مطلوب في برشلونة وغيره من الأندية، بل تحول إلى اللاعب الأفضل في الدوري الإنجليزي على الإطلاق باعتباره أكثر من ساهم في تسجيل الأهداف ليكون العنصر الرئيسي في طريق حصد اللقب.
جيمي فاردي هو الآخر قدم لنا حكاية فريدة تدل على الكفاح ورفض الفشل والإخفاق ومواصلة العمل حتى لو تعرض الشخص لنزوات ومحطات سيئة في حياته، فاردي بعد أن كان يلعب في دوري الدرجة الثامنة قبل 6 أعوام فيما قضى عقوبة بالسجن أصبح أحد أفضل المهاجمين في العالم ومرشح قوي لحصد جائزة هداف البريميرليج والعنصر الحاسم في تتويج ليستر سيتي باللقب.
نادٍ ألماني يلعب في الدرجة الثانية رفض التعاقد مع فاردي قبل عام فقط والآن عليه أن يتحسر وهو يرى النجم الإنجليزي يحمل المجد على كتفيه.
قصص كفاح أفراد كتيبة ليستر سيتي سندونها اليوم، سنسجلها، وسننقلها جيل وراء جيل لكي يعرف كل شخص يائس، لا يعتقد بأنه قادر على تطوير قدراته كم هو ظالم لنفسه ولمن هم حوله، رياض ومحرز ورانييري بل والفريق بأكمله يؤكدون بأن المستحيل يسقط تحت أقدام الرجال الذين لا يعترفون سوى بلغة العمل والمثابرة والاجتهاد وعدم اليأس أو القنوط.