بيروت ـ وكالات
مجموعة الشاعر العراقي عقيل صاحب شويع "ابجدية اخرى للخراب" تحمل شعرا رمزيا يحفل بالمجردات والمطلقات ويأتي على طريقة قصيدة النثر. وترد اسطر قصائد المجموعة سيالة الواحد منها تلو الاخر في حركة تدفق دائم قليلا ما يسيطر عليها هدوء يجمدها او يحد من حركتها ويجعلها تستكين. الا ان القارىء لابد من ان يلاحظ هذا الفيض القوي المتتابع من المجردات والمطلقات. التشبيهات القليلة والمجازات الكثيرة تتداخل وتتشابك وتشق طريقها نحو رمزية واضحة. لكن هذه السمات ربما جاءت احيانا على حساب الحرارة العاطفية التي يفترض بأن تكون دم الشعر وحياته وحركته الحية. اما الحركة التي تقوم على ارجاء مجموعات من المجردات فتبعد هذه الحرارة وتجعل برودة ميكانيكية تحل محلها احيانا. ومع ذلك ففي القصائد كثير من الشعر والجمال. هناك بعض اخطاء لغوية تتكرر ولعل عقيل صاحب شويع قد اجازها لنفسه عن تصميم بحجة ما قيل من انه يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره. وردت المجموعة في صفحات بلغ عددها 201 وضمت ما لا يقل عن 44 قصيدة مترواحة في الطول اي بين طويلة ترد في صفحات وقصيرة ترد في اسطر. صدرت المجموعة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان. في البداية يقول الشاعر في قصيدة طويلة عنوانها "اول قولي وآخر ما ابوح به للثريا" موردا سيلا من المجردات والمطلقات والمجازات "اؤثر شفير النهاية خلف لهاث الشمس/ على ان ابدأ في ظلام يلعق دبق العتمة/ وهل لصرخاتي عنوان غير الرفض؟/ خزائن عرق مسفوك/ تجاعيد زمن كرسها الخشوع/ قبائل لا تنشد منابع الاسئلة بأسراب التاريخ/ ألغام تبتر المرتدين عن جبهة الحزن". وفي قصيدة "صدف وأقدار" حشد من المجازات والمجردات والرموز اذ يقول الشاعر "افوّه عراء جمجمتي/ اتحايل على مربط الفرس/ اسقط الضوء على ندوب الزمن/ ندبة ندبة/ فلا اجد سوى سلالات من الصدف/ وأجيال من الاقدار/ اتراني/ بعد ان ازحت عن كاهلي/ شبهات الخيوط وعناكبها/ اتأرجح طويلا بين خصوبة الشك. ويضيف "اؤثر رجاء غيم اصم/ على ان ادل الحقل للينابيع/ ثمة من يسأل جلدته عن القدر/ فتفصح:/ قدر الموت ان يظل رداء العدم/ ان يتسع في الرؤوس كفجوة معنى/ قدر القيامة/ ان تظل في مرامي الظنون/ قدر الريح ان تخون الجهات". وفي قصيدة "توثب" يقول الشاعر "اشبه بطفولات المكائد/ كسرّ/ كمسجد مهجور/ السماء صامتة/ الافق رحيق سراب ابدي/ الافق شتيمة الغرابيب المعتمة في وجه النهار/ اذ ثمة من يقود القدر الى جهة/ ليسرج في خيام الغيب هناك/ قنديلا للمعنى". في قصيدة "مدن السراب" يقول الشاعر "في المدن المندرسة تحت قبورها/ المدن التي تطوف حول الاضرحة/ او تطوف الاضرحة حولها/ الدروب عثرات لخيل الحلم/ والمراكب مصاطب للزهد/ ثمة مساء متخثر كحقد معتق/ ونسيم يتعثر بخطى ثملة".