القاهرة ـ العرب اليوم
صدر مؤخرا للشاعر والكاتب الصحافي "محمود سيف الدين" إصداره الإبداعي الثاني "حكايات من بلاد البمبوزيا". والذي يتضمن سبعة عشرَ نصاً سردياً، اعتمد فيها أسلوب التداعي الحر والاجترار.. الكتاب صادر عن وزارة الثقافة المصرية، بسلسة "حروف".. وهو يتماس مع يُسمى كتابات عبر النوعية، رغم الملمح السردي الأصيل، واعتبار الحكاية بطلاً رئيساً في ملمح البناء اللُغوي.. وقد تخلى فيه "سيف الدين" عن جميع أشكال القيود المؤطرة لمثل هذه النماذج من الكتابات الحية، بحيث بدت جميع النصوص نابضةً بفكرتها المقصودة، وتحلَق حول افكار تابعة ومتداخلة، وهو التداعي الذي تجرأ فيه على الدفع بشخصياتٍ من واقعه المعيش، في مواقع وأزمنة متفاوتة، متأثراً إنسانيا، بالوجوه التي صادفها خلال عمله بمهنة الصحافة، ومتجاوزها إلى الذاكرة البعيدة يلتقطُ منها مرافئ لمراكبه التي تتوغل في محيطات البحث عن الحقيقة ربما، مازجاً بين الوعي واللاوعي بحرفيةٍ مُرهقة.. حكايات من بلاد البمبوزيا.. احتوى عناوين فارقةً منها "عراديب.. مقهى مجاور للحياة".. "عامود رخام في بهو المقهى".. "لأنه يحفر بالماء في جسدٍ منهك".. "تريدُ بمبوزيا أن تستريح".. "القنابل المسيلة للخنوع".. "من الجاني الذي قطف وردتي في غمرة الفلانتين".. "التطور الطبيعي للشجن البارد".. وغيرها من العناوين التي احتشد بها الكتاب، عبر كتابةٍ تتحررُ من قبضة الوعى، وترقص على تخوم الجد والحرية، الحقيقة والخيال، الهامش والمتن، بحثاً عن هويتها المتعبة بين شتيت اللهجات والرطانات، والمجازات والمعاني الملتبسة، كانها مرايا الذات المتكسرة، تبرق بيقين منفلت، وصور لعوب.. هي كتابة تنمو ببطء في منطقة ما من وعى متلقيها.. طافت بظلالها وجسدها على معانٍ عديدة.. مثل الغربة والاغتراب.. الموقف من الحياة، الموقف من المواقف الإنسانية النبيلة، الرهانات الخاسرة، ابتذال القيمة، تطابق الدال مع المدلول، معنى الصداقة.. كما طوّف المؤلف تطويفات موحية على الثورة المصرية واصدائها.. نافذا إلى ثورة الإنسان ذاته على بعض الثوابت الزائفة.. بحيث لا يكون هناك بطلاً صريحاً يتحمل تبعة هذه الكتابة الفضفاضة المغايرة.. صدر للمبدع والكاتب "محمود سيف الدين" قبل هذا الكتاب بعشر سنوات ديوانه الاول "قاطرة سوداء تدهمنا".. وكان ديواناً كاملاً لقصيدة النثر.. وبكتابه "حكايات من بلاد البمبوزيا" يكون قد وافق بين هذين المنهجين في الكتابة، ممسكاً بتلابيب القصيدة التى لم يتروع أن تحتل جزءاً من لغة السرد الشاعرة