وداعًا أخي عبد الجبار

وداعًا أخي عبد الجبار

وداعًا أخي عبد الجبار

 العراق اليوم -

وداعًا أخي عبد الجبار

بقلم : بدر الدين الادريسي

أردت أن أغمس في محبرة المشاعر لأصوغ مرثية في حق من استعجل الرحيل، في من كنت أظن أن أيامي، أو ما بقي منها، لن تخلو من أريجه ومن نفحاته، فما وجدت قدرة على ذلك، فما أشد وطأة وقساوة الموت علينا، وهو يغيب وجوها ألفنا أن نراها كل يوم، ويحجب شمسا لا ضوء يبدد عتمة الطريق غيرها، ويجبرنا على أن نكمل المسير من دونها.

فجر الخميس الماضي رحل عنا الزميل عبد الجبار والزهراء بلا سابق إنذار، كانت آخر مرة سمعت فيها صوته، يوم هاتفني كما هي عاداته، ليهنئني بعيد الفطر السعيد، وليتلو علي تراتيله الجميلة التي تفيض حبا ومودة وكرما وسمو أخلاق، كنت أظن أن ما غيبه لفترة ما بعد العيد الأبرك، مساحة زمنية كان يأخذها مع نفسه بين الحين والحين، كما هي عادة الفرسان والمحاربين والمتأملين في حياة طووا بكل إيمان وكفاح سنواتها الطويلة وأزمنتها الجميلة.

إلا أن ما حمله لي الهاتف في تلك الساعة من صباح يوم الخميس بصوت الزميل محمد الجفال، كان بمفعول الصدمة، فقد أنبأني أن الزميل والأخ العزيز عبد الجبار والزهراء قد أغمض عينيه للأبد، أسلم الروح لبارئها وترجل عن جواده بعد عقود من الزمن، قضاها في ساحات الإعلام والتربية والتعليم، أمينا على الرسالة، مخلصا في أداء الواجب ومتحملا بكل صبر وأناة كل ما يكدر صفو المهنة.

موغلة في الزمن علاقتي بالراحل العزيز عبد الجبار والزهراء، فقد عرفته وهو يؤسس لشخصية إعلامية متفردة وهو من رعيل أساتذة التعليم ممن جاؤوا لخدمة الصحافة ورياضة الوطن، وما إن أشرت عليه بالإنضمام لأسرة «المنتخب» حتى لبى النداء بلا أدنى تردد لما كان يعزه وقتذاك في مؤسسة «المنتخب» من كبرياء مهني ومن أواصر إنسانية تربط أصحاب البيت فيما بينهم، وقد كان من أوائل من أطلقوا على مؤسسة «المنتخب» لقب «الزاوية» دلالة على كرم وأنفة وعزة ناسها.

ويوجعني اليوم أن أتوغل في ذاكرة الأيام، لأحصي ما كان للمرحوم عبد الجبار والزهراء من أفضال على جريدة «المنتخب» ومن خلالها على الرياضة الوطنية، لأن هناك محطات بالمئات، كلما وقفت في إحداها إلا ومزقني التذكر وآلمني أن والزهراء رحل عنا بلا رجعة، وللأمانة فإن الفقد موجع والمصاب جلل لأن من رحل عنا وجه يطفح بالبشاشة وقلب ينضح بحب الخير وجسد لا ينهكه مرض ولا داء، إذا ما كان ضروريا أن يؤدي ما تقلده من أمانة وما اضطلع به من رسالة إعلامية.

ومع جلل الفقد والمصاب، فإن الرياضة الوطنية فقدت أيضا مرجعا من مراجعها القوية، فما كنت يوما مغاليا وأنا ألقبه بذاكرة الرياضة الوطنية، لما يحفظه من أحداث رياضية ولما يجمعه من سير ذاتية لأبطال ورياضيين ونواد، فإن شق علينا حدث وأوجعنا تذكر تفاصيله، إسغثنا بعبد الجبار فأغاثنا بما وهبه الله من قدرة على توثيق الأحداث في عقله.

ولا يمكن إطلاقا أن أنسى ما ترجاه مني قبل ايام عندما طلبت منه أن يمدني بتوثيق كامل عن اتحاد طنجة ونحن نهيئ ملفا عنه بعد تتويجه بلقب البطولة الإحترافية، فقد قال لي: «أتمنى أن يطيل لي الله في العمر لأسعد بكتاب تصدره «المنتخب» عن التاريخ الكامل للبطولة الوطنية وللمنتخبات الوطنية، فلا أرى مؤسسة إعلامية هي أهل لذلك غير «المنتخب».

ليعذرني زميلي وأخي وعزيزي عبد الجبار والزهراء، أنني لم أوفه حقه كاملا في الرثاء، فما شعرت يوما أن الكلمات لا تطاوعني، كما هو حالي اليوم، ولعلها حالة الإنكسار والحزن لمرارة وفداحة الفقد.

وداعا يا من كنت أشعر دائما بحبه الأخوي الصادق يقيني ويحميني ويغمرني بجميل الأحاسيس، وداعا يا من كنت أتعلم منه شموخ الجبال وأنفة الرجال وأصالة أبناء البلد، وداعا عبد الجبار وأسأل الله أن نلتقي في فردوس الجنان.   

إنا لله وإنا إليه راجعون..

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعًا أخي عبد الجبار وداعًا أخي عبد الجبار



GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 06:15 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل لن يخذلنا

GMT 12:23 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

حبل الكذب قصير

GMT 12:50 2018 الخميس ,13 أيلول / سبتمبر

ميسور لك حبي واعتذاري

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 22:51 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أمير الكويت يؤكد علي أهمية الاقتصاد وتنويع الدخل

GMT 06:43 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تعلن التحول للطاقة البديلة بحلول عام 2050

GMT 00:58 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أحدث تصميمات ديكورات حدائق المنزل العصرية

GMT 11:09 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

بريطانية منعت الماء منذ 20 عامًا عن شعرها الطويل

GMT 09:20 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

بطلة فنون قتالية تُلقّن لصًا درسًا لن ينساه في البرازيل

GMT 14:15 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البولندي كوبيستا يعود لسباقات فورمولا-1 في 2019 من بوابة ويليامز

GMT 15:36 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السويسري شاكيري يكشف سبب رحيله عن بايرن ميونخ

GMT 13:21 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

شاكر يؤكّد تنفيذ مصر أوّل محطة نووية في الضبعة

GMT 08:13 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إندونيسيا تعلن تحطم طائرة ركاب في بحر جاوة

GMT 02:55 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على 6 محطات مهمة فى حياة الأميرة شيوه كار
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq