أهوار العراق جنة الله الجنوبية

أهوار العراق جنة الله الجنوبية

أهوار العراق جنة الله الجنوبية

 العراق اليوم -

أهوار العراق جنة الله الجنوبية

بقلم : حميد الموسوي

في اربعينيات القرن الماضي قام طبيب بريطاني بجولة سياحية في العراق شملت المناطق الأثرية , والمدن الدينية , والمصايف السياحية , ومعظم المدن العراقية وأريافها , لكنه وجد نفسه مشدودا بقوة لاهوار الجنوب العراقي مسحورا بطبيعتها الخلابة , مشغوفا بمياهها الواسعة الامتداد الصافية الزرقة محتضنة طيور الماء المهاجرة في رحلة ذهابها وايابها, غامرة كل اصناف المخلوقات المائية , ملوحة بأعواد القصب الاخضر المديد .مأخوذا بتصاميم بيوت القصب وزخارفها الفطرية , معجبا بكرم وبساطة وعادات وتقاليد سكانها سومريي السحنة والامتداد والجذور .

فلم تطاوعه قدماه الرحيل وقرر الاقامة الدائمة متعايشا مطمئنا من طيبة ناسها متلذذا بحليب الجاموس , وخبز0(السياح ،والطابق ) مع سمك الشبوط ،والبني. ولحوم طيور الخضيري ،والبش، والبط . مستأنسا بمواويل المحمداوي الشجية ، وابو ذيات الحزن الجنوبي الازلي، واغاني الصبايا في اماسي الاعراس ، والاعياد، والمناسبات .

طيلة اقامة هذا الطبيب ، الذي قدّم خدماته الطبية لمضيفيه والتي امتدت لعدة سنوات ، عكف على دراسة مجتمع الاهوار مستعينا بما كتب عن حضارة وادي الرافدين من دراسات عالمية، فتوصل الى نتائج اكيدة وثقت عمق هذا المجتمع وامتداده وارتباطه الوثيق بالحضارة السومرية مستعينا بالصور والاشكال القديمة وتطابقها مع سحنة واشكال المجتمع الحاضر .

لم يكتف بدراسة المجتمع بل امتدت دراسته الى عالم طيور الاهوار التي تجاوزت الستين نوعا ، وتعجب من دقة تشخيص سكان الاهوار من حيث وضع اسم خاص لكل نوع من تلك الطيور والاسماك والنباتات.

كانت علاقة الطبيب وثيقة برجال الدين في تلك المنطقة وخاصة ( السيد سروط ) وعائلته التي تتمتع بنفوذ واسع واحترام واجلال سكان الجنوب , وكذلك شيوخ العشائر والوجهاء , وقد وثق تلك المعلومات مصحوبة بصور ملونة جذابة في كتاب كبير صدر في سبعينيات القرن الماضي . كان الطبيب يطلق على الاهوار : جنة الله الجنوبية .

لقد فجعت جنة الاهوار في ثمانينات القرن الماضي حين امرت سلطات السابقة بتجفيف الاهوار!!.وهي سابقة لم يقدم عليها حاكم لتدمير بلاده وحرمانها من ثروة مائية زراعية حيوانية سياحية رصدت سلطت لذلك الاموال الطائلة مستعينة بالجهد الهندسي العسكري والمدني، مستنفرة كل الطاقات لإزاحة الاهوار  خوفا من تواجد المعارضة فيها .فجففت المياه، وقضت على الطيور والاسماك والجاموس والنباتات ،وهجرت السكان.

مع قدوم العهد الجديد استبشر سكان الاهوار الذين تشرّدوا في القرى القريبة ولم يستطيعوا التكيف والعيش فيها، استبشروا بأن تعيد السلطة الجديدة الحياة لجنة الجنوب وطيورها واسماكها . وهاهي تعود مبشرة بانتعاش الاهوار السومرية بانضمام الاهوار في لائحة التراث العالمي لحمايتها وديمومة الحياة فيها كونها معلما وتراثا وثروة تخص الانسانية جمعاء .

وكلنا أمل بان تجعل الحكومة العراقية من الأهوار قبلة للسياح من جميع انحاء العالم .

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهوار العراق جنة الله الجنوبية أهوار العراق جنة الله الجنوبية



GMT 16:26 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تجربتي في نزل فنان البيئي

GMT 09:23 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

اعرفْ وطنك أكثر تحبه أكثر

GMT 11:07 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

تنشيط السياحة.. والرياضة المصرية

GMT 09:35 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

ملتقى بغداد السنوي الثاني لشركات السفر والسياحة

GMT 19:29 2017 الخميس ,23 شباط / فبراير

أنواع السياحة

GMT 12:38 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

المهاجرون العرب بين التعايش والعزلة وأزمة الهوية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq