مقاومة متنامية للهجوم على المدرسة والجامعة

مقاومة متنامية للهجوم على المدرسة والجامعة

مقاومة متنامية للهجوم على المدرسة والجامعة

 العراق اليوم -

مقاومة متنامية للهجوم على المدرسة والجامعة

بقلم : المريزق المصطفى

عندما ننظر إلى مستقبل المغرب على نطاق واسع، فإنه يمكن القول بأن من آثار نظام ضرب الخدمة العمومية في المغرب، تقويض الحق الدستوري في الاستفادة من المدرسة والجامعة العموميتين، لاسيما المحاولات الرامية إلى تحقيق المساواة بين بنات وأبناء الشعب، وقد تدخلت الكثير من الحركات الاجتماعية للتخفيف من معانات التلاميذ والطلبة وأسرهم، والحد من دوافع ابتزازهم وإرساء قواعد الحوار المجتمعي حول كل ما يتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، والتشجيع على الفكر والتدريس، وربط نهضة المستقبل بالمعرفة والثقافة وفلسفة التسامح، وتفعيل ما نص عليه دستور 2011 بخصوص تنوع الموروث الثقافي والروحي للمملكة.

ومن الواضح أن أية حكومة كيفما كانت تركيبتها لا يمكنها منع أفراد المجتمع من حقهم في التكوين والتعليم والتربية، إرضاءً ليس فقط لتوصيات المؤسسات المالية الدولية، بل ل "اللوبي المغربي" المهيمن على سوق اقتصاد التعليم الخصوصي، ولا يمكنها تبضيع التعليم الوظيفي الذي ينشئ شرائح مجتمعية قادرة على كسب رزقها من خلال العمل في إحدى المهن التي يجيزها ويسمح بها القانون، وقادرة على التزود بالوسائل الممكنة من اكتساب المعرفة وقدرات أخرى متعلقة بممارسة حق المواطنة الشامل والكامل، وبالتالي فإن على الدولة واجبًا قانونيًا ودستوريًا واضحًا لضمان حصول جميع أبناء الشعب على الحق في التعليم و احترام منظماتهم النقابية والجمعوية والثقافية والاجتماعية.

ولعل ما يدبر اليوم ضد منشأة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب "أوطم" لإقبار 60 عامًا من الكفاح ومواجهة القمع والمحاكمات والحظر، يؤكد النية المبيتة للقضاء على التربية والتكوين والتعليم العالي، وتحطيم مشعل النضال الوطني الديمقراطي في بلدنا.

وتعتبر منظمة أوطم رمز الدفاع عن تعليم جامعي عمومي مجاني وجيد، قائم على قيم ومبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، وحاضنة لحركة طلابية خرج من صلبها قيادات وزعامات، سمحت لأبناء المغرب العميق " من الريف وجباله والأطلس، ومن الشرق والصحراء" بالانخراط في مساهمة بناء وعي جديد يقوم على تغيير العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسات الاجتماعية والتربوية المعروفة "الأسرة-المدرسة- الحزب"، وداخل مؤسسات انتاجية، ثقافية أو اقتصادية.


ولعل المسيرة الوطنية التي احتضنتها العاصمة الرباط يوم الأحد 25 ديسمبر، إلا تعبيرًا صارخًا على إدانة كل المتربصين باستصدار حكم يسعف كل من له مصلحة في إقبار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، واجتثاث مقره التاريخي، الذي يعتبر تراثًا مغربيًا يحتضن ذاكرة نضالية مشتركة، ويختزن تاريخ أفراد وجماعات وأحداث ووقائع لا زال التاريخ يتذكرها، ولا زالت الحركات الاجتماعية الحالية تتغذى من تجاربها وطاقاتها المتجددة.

كما تأتي مسيرة الأحد في سياق متزامن مع ما أصبحت تعيشه الجامعة المغربية من أزمة بنيوية على كافة الأصعدة، ومن غياب الأفق الاستراتيجي الأكاديمي والعلمي والتربوي، ومن سوء تدبير وتنزيل المخططات التي تفتقد أصلًا لروح الانتاج والإبداع والتطوير

وإذا كانت الدولة اليوم تنحو أكثر فأكثر نحو التخلي عن تأمين الحاجيات الضرورية للبحث العلمي، فإن أي حديث عن التنمية في مجالاتها الصناعية والطبية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية، لن يكون إلا لغوًا لغويًا

 إن هذه القضايا، باتت تعبر عن طموحات وتطلعات لحركات عميقة تتخلل المجتمع، ففي الوقت الذي تتأكد فيه مهام البناء الوطني الديمقراطي كمهام تحظى بالأولية، تبقى قضية التعليم في بلادنا قضية وطنية، تفرض إشراك كل القوى الحية المؤمنة بالتقدم والحداثة والنهضة العلمية للقيام بثورة هادئة تجعل من التعليم غاية ووسيلة للرقي الحضاري ولمحاربة الجهل والفقر، وإشاعة السلم والتآخي بين المغاربة وكافة الشعوب.

وبالرغم من ضرورة وجود أساس نظري، منطقي وعلمي لأي إصلاح، فما لا شك فيه أن السيل بلغ الربى، وأن صوت الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والطلابية والشبابية، وكل المناضلات والمناضلين، ما لبث يطالب بحوار مفتوح حول عدالة قضية التعليم ووقف كل هجوم على المدرسة والجامعة ورموزها وفي مقدمتها رد الاعتبار لمقر أوطم، وإطلاق مبادرة وطنية من أجل المصالحة العاجلة وجبر الأضرار الناتجة عن تبضيع الخدمة العمومية في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاومة متنامية للهجوم على المدرسة والجامعة مقاومة متنامية للهجوم على المدرسة والجامعة



GMT 06:21 2019 الأحد ,09 حزيران / يونيو

الثانوية الكابوسية.. الموت قلقا

GMT 08:34 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

المُعلم الكشكول!

GMT 10:35 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

الباشوات والبهاوات في الجامعات

GMT 06:17 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

أبي حقًا

GMT 09:30 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تقييم رؤساء الجامعات

GMT 06:35 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ

GMT 14:17 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

الرد على الإرهاب بالعلم والعمل

GMT 15:55 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم لعزل القيادات الجامعية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq