بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته

بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته

بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته

 العراق اليوم -

بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته

الدكتور مصطفى يوسف اللداوي
بقلم : الدكتور مصطفى يوسف اللداوي

يعيش رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هذه الأيام كوابيس مزعجة كثيرة، ويعاني من أحلام كئيبة مخيفة، ويخشى مما تحمله الأيام القادمة، لكنه يتمنى ألا يطول ليله البهيم، وألا تتأكد أحلامه وأماني منافسيه، ويرجو أن يصحو بسرعةٍ من نومه المخيف، ليحافظ على مكانته تحت شمس كيانه، ويكمل مشروعه الذي بدأه، ويتم حلمه الذي عمل من أجله طويلاً وقدم في سبيله كثيراً، ليكون ملك إسرائيل وطالوتها المنتظر، ويستعيد الهيكل الثالث ويبني دولة اليهود الجديدة، التي لا وجود فيها لغيرهم، ولا ينازعهم على الأرض المقدسة سواهم.

 

استشعر نتنياهو الخطر، وأدرك أن منيته هذه المرة باتت قريبة وربما أكيدة، فلبس قلنسوته "الكيباه"، وزار حائط المبكى خاشعاً يتبتل، يدعو ربه ويتوسل إليه، ويسأله تجاوز المحنة والخروج بسلامٍ من الأزمةِ، إلا أنه بات متأكداً من أن الأيام القادمة لا تحمل له الخير، ولا تبشره بما يحب، بل إنها تنذره بالأخطر، وتحذره من الأسوأ، وقد بدت ملامحها وظهرت نذرها، وفرح الخصوم بها واستبشروا، وحزن المريدون بسببها واغتموا، فما كان ينقصهم هذا التحدي الجديد، ولا كانوا يأملون هذه الأزمة الكبيرة، إذ كان يكفيهم ما يلاقي زعيمهم من أهوال المحكمة وشبح الاتهامات، التي كانت تنذر بسقوطه وتهدد بخسارة عرشه، ولكنه كان يخطط بذكاءٍ وحنكةٍ للنجاة منها، فهو سيد المسرح السياسي وثعلب الأحزاب التي لا تقوى على الخلاص منه.

 

لكنه اليوم بات في مواجهة الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة، وأصبح ملزماً بالتعامل المباشر مع الرئيس الذي أهانه عندما كان نائباً للرئيس، وأساء إليه وإلى رئيسه أوباما وتحداهما في عقر دارهما، وحرض عليهما وأوشى بهما، وتسبب لهما في أزماتٍ متكررة مع مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، وعرضهما لغضب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وتصرف في بلادهما كما أنه الابن المدلل وصاحب الكلمة الأولى التي لا ترد، فدخل بلادهما دون إذنٍ منهما، وجال فيها على فعالياتها ومؤسساتها دون أن يلتقي بهما أو أن يستأذن منهما، ولم يكترث بالحرج الذي تسبب به للإدارة الأمريكية التي لوى ذراعها واستخف بها.

 

يدرك نتنياهو عظم ما اقترفت يداه، وسوء ما قام به في الدورة الثانية لباراك أوباما ونائبه جوزيف بايدن، وقد أصبح وجهه مسوداً وهو كظيم، أيعتذر لهما وهو مهينٌ، أم يصر على سلوكه المشين في حقهما وهو لعينٌ، إذ ما كان يتوقع أن نائبه سيفوز، وسيسكن البيت الأبيض، وسيصبح سيد واشنطن ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وربما يبقى رئيساً لدورتين متتاليتين كرئيسه السابق، وهو الذي ظن أنهما سيرحلان دون أن يبدي أحدٌ على رحيلهما أسفٌ أو ندمٌ، ولكنه اليوم بات لزاماً عليه أن يواجه بايدن وجهاً لوجه، وهو يعلم مدى حنقه وحجم غضبه عليه، وليس أدل على ذلك من امتناعه عن الاتصال به أسوةً بغيره من قادة ورؤساء دول العالم وحلفائه الكبار، الذين سارع بالاتصال بهم والتنسيق معهم.

 

نتنياهو اليوم في وضعٍ لا يُحسدُ عليه، فهو في مأزقٍ حقيقي، وعليه أن يواجه الحقيقة بنفسه، فبعد أيامٍ قليلة سيخوض معركة الانتخابات البرلمانية الجديدة للمرة الرابعة على التوالي، وقد وطن نفسه على الفوز فيها بعد أن صرع خصمه وشريكه في الحكومة بيني غانتس، وعراه أمام جمهوره وجرده من مؤيديه، وجعل فوزه في الانتخابات متعذراً وعصياً، وكذا حال بقيه خصومه القدامى والجدد، فهو مطمئنٌ إلى هزيمتهم والانتصار عليهم، وسيحصل وحزبه وائتلافه اليميني على ما يمكنه من الفوز وتشكيل الحكومة.

 

لكن بايدن وإدارته الجديدة أداروا له ظهورهم، وانقلبوا على بعض ما وعدهم به الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث صرح وزير خارجيته الجديد أنتوني بلينكن عن تمسك الإدارة الأمريكية بحل الدولتين، وعزمها على إعادة دعم وتمويل السلطة الفلسطينية، وفتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والدعوة إلى عقد مؤتمرٍ جديدٍ للسلام يؤسس لحل الدولتين ويؤكد عليه، بالإضافة إلى تأكيده على أن مسألة القدس متروكة للحل النهائي، ولا يحق لطرفٍ أن يقرر في مصيرها منفرداً.

 

يحاول نتنياهو صد الهجمة الأمريكية عليه، والدفاع عن نفسه، والرد على الإدارة الجديدة من نفس البوابة التي دخل فيها البيت الأمريكي متجاهلاً إدارته، فلجأ إلى نفس السلاح الذي استخدمه قديماً آملاً أن ينجح فيه مرةً أخرى، فأمر رئيس أركان جيشه برفع الصوت والتهديد، والتلويح بإمكانية استخدام القوة من طرفٍ واحدٍ، وطلب من بعض الكتاب والإعلاميين الذين يؤيدونه ويؤمنون به، التركيز على مخاطر سياسة إدارة بايدن فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وأنها سياسة تضر بهم وتهدد مستقبلهم، وتهدد السلم والأمن الدوليين، وتعرض مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية للخطر، وأن على إدارة بايدن أن تصغي إلى المخاوف الإسرائيلية وأن تتفهم دوافعها الموضوعية.

 

يدرك الإسرائيليون أن مرحلة الانتقام من نتنياهو قد أزفت، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تريده، ولا ترغب في أن يكون هو رئيس الحكومة الإسرائيلية القادم، مع التأكيد على أنها لا تتخلى عن الكيان الصهيوني، ولا تتحلل من التزاماتها تجاهه، ولا تتراجع عن ضماناتها التقليدية التاريخية له، بل ستستمر في دعمها وتأييدها وحمايتها لهم والدفاع عنهم، ولكنها لا تريد أن يستمر تعاونها مع كيانهم من خلال شخص نتنياهو، الذي يفضل مصالحه الخاصة على مصالح شعبه و"بلاده"، وكأنهم بهذا يدعون الناخب الإسرائيلي إلى استبداله والتصويت لغيره، وعدم التجديد له أو الثقة فيه، فهو يضر بالعلاقات التاريخية العميقة التي تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية و"دولة إسرائيل"، فهل يسقط بايدن نتنياهو انتقاماً ويستبدله ثأراً، ويعلمه وغيره درساً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته بايدن يهددُ نتنياهو ويعجلُ في نهايته



GMT 20:24 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

GMT 22:45 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

GMT 22:43 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

المنسي في وادي الملوك

GMT 10:32 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

تكاملُ اللامركزيّةِ والتدويل في لبنان

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 20:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 03:12 2012 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

الشوكولاته البديل الأمثل للنساء عن الجنس

GMT 12:46 2015 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

10 أفكار لترتيب أكواب الشاي في المطبخ بشكل أنيق

GMT 23:47 2021 الأحد ,14 شباط / فبراير

توجيه جديد خمن وزير الصحة لعلاج فناني العراق

GMT 12:45 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

ديكورات حمامات ضيوف فخمة

GMT 02:22 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

طلائع العبري تتدفق على أسواق محافظة وادي الدواسر

GMT 04:31 2016 الجمعة ,21 تشرين الأول / أكتوبر

كورتني كارداشيان تستعرض ساقيها في ثوب أسود مثير

GMT 19:46 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

والدة خاميس رودريجيز قررت الهجوم على زيدان

GMT 14:28 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

امطار رعدية على مرتفعات الطائف وجنوب مكة والباحه وعسير

GMT 11:33 2013 الأحد ,19 أيار / مايو

"إخوة يوسف" للجزائري أحمد شنة قريبًا

GMT 00:40 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

خبراء يذكرون 5 فوائد للجنس غير بقاء البشرية

GMT 06:56 2016 الإثنين ,07 آذار/ مارس

مجمع ترفيهي روماني قديم تحت الأرض في القدس

GMT 05:24 2015 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

النجمة ياسمين صبري تستعد للمشاركة في "جراب حواء"

GMT 22:23 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

دليلك لتجهيز شنطة سفر البيبي للخارج

GMT 21:59 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

تجاهل علاج ارتفاع ضغط الدم يحوله إلى "قاتل صامت"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq