مقاعد المتفرجين

مقاعد المتفرجين

مقاعد المتفرجين

 العراق اليوم -

مقاعد المتفرجين

بقلم - عمرو الشوبكي

باتت الفرجة مشهدا سائدا على المستويين الاجتماعى والسياسى، فستجد كثيراً من الناس يحدثونك بحماس وانشغال دائم عن المؤامرات الكونية على مصر وحرص الغرب والشرق على إسقاط دولتها، وحولوا الخرافة والخزعبلات إلى بطولات، وأغانى الشرف والشهداء إلى ابتذال ونفاق، ولم يتحمسوا لمواجهة أكوام القمامة المحيطة بمساكنهم أو فى مناطقهم، وينسوا أو يتناسوا أن تحسين أوضاعهم وأوضاع البلاد سيكون بالفعل الإيجابى ولو اجتماعيا بدلا من ترديد الخرافة والكلام الفارغ.

لم يعد هناك أى اهتمام يُذكر بأى قضايا ضمير تدفع المجتمع للانتفاض والتعبير عن رأيه فى جرائم عنف، مثلاً (مقتل الطفل يوسف العام الماضى فى مدينة 6 أكتوبر برصاص طائش دون أى رد فعل إلا من أهله والمقربين)، أو فى مواجهة «دعوة تليفزيونية» من محامٍ لاغتصاب أى فتاة ترتدى «بنطلون مقطع» واعتبر ذلك الفعل المشين «واجبا وطنيا»، ولم يحاسبه أحد لأنه من المحصنين!!.

أما الفرجة السياسية فقد صارت نمط حياة لكثيرين، المؤيدين والمعارضين، ففى الخارج أصبح العالم وأصبحنا معه نتفرج على ما يجرى فى فلسطين، سقوط ما يقرب من 30 شهيدا فلسطينيا برصاص جنود الاحتلال فى أقل من شهر لأنهم تظاهروا بشكل سلمى على الحدود الإسرائيلية، وبدا الأمر «عاديا»، واعتبر بعضنا أن التنسيق الأمنى مع إسرائيل مبرر لعدم إدانة جرائمها ضد حقوق الشعب الفلسطينى الأعزل والبطل.

أما فى الداخل فانتشرت ظاهرة الشعب المتفرج الذى انتقل قطاع واسع منه إلى مقاعد المتفرجين المريحة وترك الاشتباك فى الملعب الذى لا يعنى كما تصور البعض عقب ثورة يناير الاحتجاج والتظاهر اليومى، إنما يعنى الفعل الإيجابى والمشاركة والضغط ولو بخلق رأى عام مهتم بالشأن العام.

المؤكد أن قطاعا واسعا من المجتمع المصرى لم تعد تشغل باله قضايا التغيير والإصلاح السياسى وحرية الصحافة، والتى بدت ترفا بالنسبة للبعض، أو ليست أولوية بالنسبة للبعض الآخر فى ظل مشاكل الحياة اليومية، دون أن ننسى وجود قلة مؤثرة (نحمد الله أنها أصبحت قلة) ترى أن مبادئ الديمقراطية تضعف الدولة وتهددها ولا داعى لها، إما لأن بعض من فى الحكم يقولون ذلك أو لأن الشعب (الذى هم جزء منه) يُعتبر غير مهيأ للديمقراطية.

التيار الغالب من الشعب المصرى جلس فى مقاعد المتفرجين يشاهد ويترقب، وتحول جزء من المؤيدين عن قناعة وعقل إلى متفرجين أيضا أو «مؤيدين من منازلهم»، فى حين ابتعد الجزء الآخر عن الاهتمام بالمشاركة السياسية بكل صورها.

قد يرى البعض أن الجلوس فى مقاعد المتفرجين تم بفعل فاعل (أى السلطة السياسية)، فى حين أن القضية لم تعد فى الأسباب ومن المسؤول، إنما فى تحليل الواقع ومعرفة تداعياته ومستقبله، فإذا كانت غالبية الناس اختارت أن تتفرج وتترقب يبقى السؤال: ما هى نتائج هذا الاختيار؟ وهل يمكن اعتباره انتصارا للدولة، أم أن التفاعلات والصراعات غير المرئية التى تجرى فى المجتمع، ولن يكون أبطالها سياسيين أو صحفيين أو إصلاحيين (قد نتمنى وجودهم)، عادة ما تكون غير متوقعة وأكثر خطورة من المعلنة والشفافة؟

المصدر:جريدة المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاعد المتفرجين مقاعد المتفرجين



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:01 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

رباب يوسف تؤكد أن الطبيعة تجذب السياحية

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

سداسي براعم الشباب ينضمون لمعسكرين إعداديين

GMT 14:05 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

إتيكيت حجز الفنادق ومراعاة كافة شروط السكن فيها

GMT 10:13 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتماد إنشاء أكاديميتين للعربية والإنجليزية في نجران

GMT 04:55 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

طريقة عمل مكياج مكتمل ومثالي بدون "كريم أساس"

GMT 23:49 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

تسريب أول صورة لـ"لكزس ES 2019" الجديدة كليا

GMT 21:54 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

معتز هوساوي يوضح أسباب الخسارة من النصر

GMT 01:18 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

رباح يؤكد أن محاولات تصفية القضية الفلسطينية فاشلة

GMT 01:35 2016 الأربعاء ,20 إبريل / نيسان

الليمون علاج سحري للكثير من مشكلات البشرة

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحجار الياقوت الثمينة تُغلف عطر مايكل كورس الجديد
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq