عمرو الشوبكي
تلقيت رسائل كثيرة حول قضية التطبيع مع إسرائيل مختلفة فى الفكر والتوجه، اخترت منها رسالة الدكتور محمد إبراهيم بسيونى، العميد السابق لكلية طب المنيا، لعرضها، وجاء فيها:
ظلت تجربة الأربعين عاما من العلاقات المصرية- الإسرائيلية فى جوهرها، عند الحد الأدنى لها. فقد كانت إسرائيل هى الطرف الساعى للتطبيع وتوسيع العلاقة، وكانت مصر هى الطرف المتحفظ فى ذلك الاتجاه. حتى استطاعت مصر أن تفوز بعودة سيناء بالكامل إليها، مقابل إنهاء حالة الحرب معها. وبداهة، فإن تلك المكاسب المعنوية لم تكن كافية للإسرائيليين وكان إصرارهم على دعمها بمكتسبات مادية كجزء لا يتجزأ من اتفاقية السلام، ويعنى ذلك أن التطبيع كان مطلبًا إسرائيليًا لذاته.
حقًا لقد حصلت مصر على سيناء، لكن ليس هناك ما يثبت الاستفادة من القنوات العديدة التى فتحت للتوغل فى المجتمع الإسرائيلى والاقتراب أكثر منه، وفحصه ودراسته عن كثب.
تنامى الفتور (بل الرفض) الشعبى إزاء إسرائيل، وإن العداء («الرسمى) القديم لمصر إزاء إسرائيل، فى ظل الانقطاع عن أى اتصال بها (والذى ساد بقوة فى الفترة الناصرية)، استبدل به الآن رفض شعبى حديث فى ظل الاتصال المباشر بإسرائيل. وهناك العديد من الأسباب التى تدعونا إلى الاعتقاد بأن هذا الرفض الأخير أكثر تجذرًا وفاعلية، وإنْ كان أقل صخبًا وضجيجًا.
القول إن العداء الشعبى لإسرائيل هو سبب فتور العلاقات معها غير دقيق، إنما هو نتيجة رفض التطبيع من الداخل، وظهر ذلك فى رفض الأحزاب والقوى السياسية والنقابات والاتحادات المهنية والهيئات الثقافية.
ويمكن أيضًا القول إن هذا المناخ العام كان سببا فى تنمية العلاقات المصرية- الإسرائيلية، ويفسر ذلك أن السياحة بين مصر وإسرائيل سارت عمليًا فى اتجاه واحد، أى من إسرائيل إلى مصر، وظهر ذلك فى قرار الأنبا شنودة بوقف حج الأقباط إلى القدس.
كما أفلحت حملات المثقفين المصريين غالبًا ضد اشتراك إسرائيل فى المعرض السنوى للكتاب فى القاهرة، وضد مشاركة الخبراء الإسرائيليين فى المؤتمرات العلمية، وحوصرت مظاهر النشاط الثقافى لإسرائيل فى القاهرة، وتعقبت حملات الإدانة العناصر التى دمغت بالتعاون مع إسرائيل.
الخلاصة أن علاقات مصر مع إسرائيل على الرغم من اتفاقية السلام إلا أنها لم تتحول إلى أمر عملى داخل الحياة اليومية للشعب المصرى.