مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية

 العراق اليوم -

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية

بقلم : مكرم محمد أحمد

رغم توافق العديد من المصالح التركية والروسية التي تفرض قدراً من التنسيق والتعاون المشترك بين موسكو وأنقرة، خاصة ما يتعلق منها بالأزمة السورية التي جسدتها الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي أردوغان إلي موسكو ومحادثاته مع الرئيس بوتين، ورغم أن الطرفين يواصلان تعاونهما المشترك في إطار علاقات ثنائية جيدة، مكنتهما من تحقيق تعاون إستراتيجي مهم، تمثل في وصول الغاز الروسي إلي دول الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي التركية، الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة الأمريكية خطراً علي أمن أوروبا التي يتزايد اعتمادها علي الغاز الروسي ـ فإن تركيا لاتزال عاجزة عن حسم خيارها الإستراتيجي، حيث يتأرجح موقفها بين الروس والأمريكيين، وإن كان من المؤكد أن مساحات التباين والخلاف مع الولايات المتحدة تزداد اتساعاً، وزاد من عمق الأزمة التركية الأمريكية إصرار الرئيس أردوغان علي شراء منظومة الدفاع الجوي الروسي إس 400، بما يعرضها للعقوبات الأمريكية خاصة أنه منذ عام 2016 بات يربط بين الطرفين الروسي والتركي اتفاقية خط السيل التركي الذي ينقل الغاز الروسي إلي دول الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي التركية، وقد سبق هذه الاتفاقية عام 2010 تولي موسكو مشروع إنشاء المُفاعل النووي التركي لإنتاج الطاقة الكهربائية آك كويو بما جعل واشنطن أكثر ريبة في سلوك الرئيس أردوغان الذي تعتبره الولايات المتحدة طرفاً ضالعاً في إطار المشروع الإستراتيجي لروسيا، القائم علي استخدام الغاز الطبيعي كأداة ضغط علي الدول الأوروبية!. وعلي الصعيد الاقتصادي فإن حجم التبادل الاقتصادي بين الروس والأتراك تجاوز 38 مليار دولار، وتبادل الطرفان حجما ًمن الاستثمارات يزيد علي 10 مليارات دولار، وتعد روسيا المزود الأول لتركيا بالطاقة لا سيما الغاز الطبيعي، فيما يبلغ عدد السياح الروس القادمين إلي تركيا قرابة 5 ملايين سائح سنوياً، وتظهر المؤشرات الاقتصادية حجم الاعتماد الاقتصادي المتبادل الذي يوفر للبلدين فائدة مشتركة ساعد علي زيادتها توجه الطرفين إلي فصل المسار الاقتصادي للبلدين عن مسار الخلاف السياسي.
  
وبرغم هذا التوافق الضخم في المصالح الاقتصادية المشتركة، فإن ثمة خلافات فاعلة بين أنقرة وموسكو في ميادين عديدة، أبرزها خلافهما حول الملف الكردي، وملف جزيرة القرم، حيث تدعم أنقرة رؤية الغرب لعدم شرعية احتلال روسيا للجزيرة، والملف الليبي حيث تدعم روسيا موقف المشير حفتر بينما تدعم أنقرة حكومة فايز السراج في طرابلس، وملف شرق المتوسط حيث تتخوف أنقرة من مساندة موسكو للتحرك اليوناني، كما يشكل انتماء أنقرة لحلف الناتو مانعاً أساسياً يحول دون إقدامها علي المزيد من المشاريع الإستراتيجية مع روسيا فضلاً عن مصاعب خروجها من توجهات الولايات المتحدة الإستراتيجية ويكاد يكون الفصل بين السياسات الإقتصادية وعدم السماح للخلافات الأمنية والسياسية بإلقاء ظلالها علي مسار التنسيق المشترك بين الطرفين هو العامل المهم في استمرار الجانبين في تعاونهما المشترك في الجوانب التي يمكن أن تحقق لهما فائدة مشتركة، لكن ما لا تستطيع تركيا إغفاله، أن 72 في المائة من مجموع الإستثمارات المباشرة في تركيا تأتي من دول الإتحاد الأوروبي ، تُدر علي تركيا دخلاً غزيراً، وربما تكون أكثر حيوية من مشاريع نقل المواد الريعية الروسية، ويأتي الموقع الدبلوماسي لواشنطن كدولة عظمي تتحكم في مسار العلاقات الدولية، بما يضع حدوداً أمام قدرة أنقرة علي اللعب علي تناقضات توازن القوي الكبري، ويحفظ للتوجه الإستراتيجي الأمريكي حجم تأثيره الفاعل علي أنقرة، ويرسم حدوداً للتعاون بين الروس والأتراك يصعب أن تتخطي مصالح أمريكا الاستراتيجية، ومع ذلك كثيراً ما يشار إلي أن روسيا وتركيا طرفان أساسيان يتجهان لتأسيس علاقات إستراتيجية، تمكنهما من تحقيق توازن قوي ضد الغرب، ويزيد من عوامل التقارب الروسي التركي إدراك أنقرة وموسكو مدي التكاليف الباهظة التي يتحملانها بسبب استمرار الأزمة السورية, وأغلب الظن أن انتظار الروس والأتراك سوف يطول بعد أن وضح أن واحداً من أهم أهداف الولايات المتحدة هو استنزاف قدرة روسيا وتركيا بما يجعل الأزمة السورية عبئا يُثقل كاهل الطرفين.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية مصاعب العلاقات التركية ـ الروسية



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq