قمة المكاشفة بين السيسى وترامب

قمة المكاشفة بين السيسى وترامب

قمة المكاشفة بين السيسى وترامب

 العراق اليوم -

قمة المكاشفة بين السيسى وترامب

بقلم : مكرم محمد أحمد

تأتى القمة السادسة بين الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب والرئيس عبدالفتاح السيسى فى البيت الأبيض اليوم وسط ظروف صعبة وتطورات مهمة تفرض على الرئيسين الصراحة والشفافية الكاملة أملاً فى أن يستكشف الرئيسان المسار الصحيح لعلاقة إستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر، تخدم مصالح الشعبين المصرى والأمريكى، وتُعزز العلاقات الأمريكية العربية بما يخدم أمن الشرق الأوسط واستقراره وسلامه، وتفتح الطريق لسلام عادل يفى بحقوق الشعب الفلسطينى فى دولة مستقلة تعيش فى أمن وسلام إلى جوار دولة إسرائيل فى شراكة عادلة لا تفتئت على ثوابت السلام ومرجعياته القانونية الصحيحة، وتضمن للشعب السورى حلاً عادلاً ينهى أزمته الداخلية ويحافظ على استقلال إرادته، ويحفظ لسوريا وجهها العربى الذى يرفض كل صور الطائفية، ويمكن هذه الفسيفساء البشرية من الحفاظ على تنوعها الثقافى والبشرى تحت مظلة الاعتراف بكل حقوق المواطنة للجميع دون تمييز فى الجنس أو اللون أو العرق أو الدين، وتقلص تدخل إيران فى الشأن العربى بعد أن أصبحت طهران أداة عدوان على العديد من الدول العربية، ابتداء من اليمن إلى لبنان وفلسطين وليبيا، مروراً بالمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات، تستثمر فى ذلك انتماء بعض المواطنين إلى الشيعة، تحاول تمزيق وحدة الدولة والتراب الوطنى، وقبل ذلك جميعاً إقناع الولايات المتحدة بأهمية وضرورة أن تكون أكثر توازناً فى موقعها من الصراع العربى الإسرائيلى، يدخل ضمن حقوقها الحفاظ على أمن حليفتها الإستراتيجية إسرائيل، لكن الحماية الأمريكية لا ينبغى أن تمتد لحماية الاحتلال الإسرائيلى للضفة والجولان ومزارع شبعا وكفر شوبا، لأن الأمم المتحدة أرست فى قرارها 242 واحداً من أهم المبادئ التى ينبغى الحفاظ عليها، التى تحرم على المعتدى أن يجنى ثمار عدوانه باحتلاله أراضى الآخرين، لأن فى الحفاظ على هذه المبادئ حفاظ على الأمن والسلم الدوليين.. الرئيس ترامب أكد انحيازه لإسرائيل عندما أعلن بقرار منفرد أحادى الجانب لم يستشر فيه أيا من العرب القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وزاد الطين بلة بقراره الأخير الاعتراف بضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل، وثمة ما يُشير إلى أنه يمكن أن يضم 60 فى المائة من الضفة الغربية، الأراضى التى جرى تخصيصها للمستوطنات إلى إسرائيل، لكن الجميع يعرفون أيضاً أن هذه القرارات منعدمة الأثر قانوناً، لا تُغير شيئاً من الواقع، ولا ترتب حقوقاً جديدة، فضلاً عن أن من واجب مصر ومسئوليتها أن تصطف إلى جوار الحقيقة، فالرئيس السيسى يذهب إلى واشنطن عقب قمة تونس العربية التى حضرها حشد غير مسبوق من قادة العرب، والتى أكدت بوضوح قاطع رفضها قرار ضم الجولان، كما أكدت رفضها قرار القدس عاصمة لإسرائيل.

 ومن المؤكد صدق المقولة الراسخة التى تؤكد صديقك من صدقك القول حتى وإن لم يسره القول الصادق، خاصة أن قرار ضم الجولان لإسرائيل يجعل سوريا أشد التصاقا بالموقف الإيرانى فى وقت تحتاج فيه سوريا إلى شجاعة القرار وشجاعة الاختيار، ورغم صعوبة مهمة الرئيس السيسى فالواضح للجميع أنه ليس هناك من طرف عربى مؤهل لحمل هذه الرسالة سوى الرئيس السيسى، خصوصاً أنه يذهب إلى واشنطن مرفوع الرأس والقامة، فضلاً عن أنه لا يحمل مشروعاً خاصاً أو أجندة تخصه، ولكنه يحمل تحذيراً عربياً من مغبة أن يخسر الأمريكيون صداقة العرب الذين يحرصون الآن على أهمية قيام سلام شامل وعادل فى الشرق الأوسط، ويؤكدون استعدادهم لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل على أُسس عادلة ومتكافئة، ومن المؤكد أن زيارة الرئيس السيسى لن تُفاجئ واشنطن بجديد، لأنه مع دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة الأمريكية لا تنقطع المشاورات بين الدولتين، وقبل هذه الزيارة السابعة التقى وزير الخارجية سامح شكرى فى واشنطن مع وزير الخارجية الأمريكية بومبيو ومستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون وكبار مساعدى الرئيس، حيث تم الاتفاق على جدول أعمال لقاء البيت الأبيض الذى تتصدره 4 ملفات رئيسية، القضية السورية بمضاعفاتها العديدة، ابتداء من ضم الجولان إلى تسوية الأزمة السورية، ومستقبل القضية الفلسطينية فى ضوء إصرار إسرائيل على ضم 60 فى المائة من أرض الضفة، والموقف المتفجر الآن فى ليبيا بصراع حفتر والسراج على إنهاء دور الميليشيات التى تحكم معظم مدن الغرب الليبى.

ومن المؤكد أن مباحثات البيت الأبيض سوف تشمل تدخل إيران وتركيا السافر فى الشأن العربى، لأن مصر لا ترى فى محاولة تركيا إقامة منطقة عازلة شمال سوريا أكثر من أنها محاولة احتلال أراضِِ سورية، أما إيران فتغوص أياديها عبثاً بالأمن القومى العربى، وبالطبع سوف يكون لقضايا الشراكة الإستراتيجية مع مصر وتعميق علاقات البلدين، وتعزيز الاستثمارات الأمريكية فى مشروعات التنمية المصرية محل اهتمام الرئيسين السيسى وترامب بعد النجاح الكبير الذى حققه الإصلاح الاقتصادى فى مصر، والذى تعززه شهادات الأمم المتحدة ومؤسساتها وهيئاتها المتخصصة فى مجالات التمويل والتصنيف الاقتصادى والتجارة الدولية وبعد التحسن الواضح الذى طرأ على مناخ الاستثمارات فى مصر، وما من شك فى أن المسار الطويل للعلاقات الأمريكية المصرية على امتداد السنوات الخمس الماضية قد أكد للأمريكيين قدرة مصر المتزايدة على أن تمسك بزمام المبادرة، وحرصها الواضح على معالجة المشكلات من جذورها دون الاكتفاء بظاهراتها العرضية وسعيها الدءوب لإقامة علاقة شراكة متكافئة تتسم بالندية والفهم العميق المتبادل لمصالح كل من الطرفين، وبالتالى سوف يكون لقضايا الشراكة الإستراتيجية وتعميقها النصيب الأكبر فى جلسات القمة الثنائية بين الرئيسين السيسى وترامب، ويزيد من أهمية ذلك اقتناع إدارة الرئيس ترامب بأن مصر هى رمانة الميزان التى تضبط استقرار الشرق الأوسط، وتُعزز أمنه دون أن تنطوى أجندتها السياسية على الرغبة فى الإضرار بمصالح أى دولة شقيقة أو صديقة، لأن هدف مصر الأسمى أن يعُم السلام الشرق الأوسط وأن تتفرغ شعوب المنطقة لتحسين جودة حياة إنسانها، وأن تنجح شعوب المنطقة فى قهر التخلف والتطرف والإرهاب، وأراد الرئيس السيسى أن تكون زيارته للولايات المتحدة هذه المرة جزءاً من برنامج أوسع شمل زيارة عدد من الدول الإفريقية ضمت غينيا وكوت ديفوار والسنغال بما يؤكد أن العالم أوسع كثيراً من الولايات المتحدة، وأن مصالح الجنوب مع الجنوب ينبغى أن تحظى بالأولوية، وأن إفريقيا هى الحاضر والمستقبل، وأن تطابق المصالح مع الولايات المتحدة يمكن أن يكون صعباً ومتعذراً، لكن الخلاف معها مشروع، وربما يكون ضرورياً فى بعض الحالات، إن أردنا تصحيح المسار بما يضمن الندية والتكافؤ، ومن المهم أن نعرف كيف نُدير هذا الخلاف بما يحول دون أن يصبح الخلاف صداماً، نقلل من مخاطره قدر ما نستطيع حفاظاً على مصالحنا، ونوسع نطاق التعاون إن لاحت فرص التعاون خاصة أن هناك تاريخاً مشتركاً من التعامل الناجح مع إدارة ترامب، فضلاً عن الكيمياء المشتركة التى تعزز علاقات الثقة المتبادلة بين الرئيسين، والدور الرئيسى الذى تلعبه مصر فى الحرب على الإرهاب، والقدرة الذاتية المتنامية لمصر التى تملك ثامن جيش فى العالم وحجم الإنجازات الهائلة الذى حققه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال فترة رئاسته الأولى، والدور الطليعى الذى تلعبه مصر فى إقامة أخوة إنسانية صحيحة مع سائر العقائد والديانات، وتصحيح العلاقات بين أقباط مصر ومسلميها بما جعل الجميع جزءاً من العائلة المصرية، ويسبق كل ذلك حرص مصر الإستراتيجى على أمن الشرق الأوسط واستقراره وسلامه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة المكاشفة بين السيسى وترامب قمة المكاشفة بين السيسى وترامب



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq