لم يكره أعداءه

لم يكره أعداءه

لم يكره أعداءه

 العراق اليوم -

لم يكره أعداءه

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

هل يمكن أن تحارب عدواً سلبك حقوقك الوطنية والعامة والخاصة دون أن تكرهه؟ السؤال يبدو غريباً لأن كراهية الأعداء أمر معتاد ومألوف فى أى صراع، بل يعتبر طبيعياً لدى كثيرين.

لكن الأمر ليس كذلك حين يتعلق هذا السؤال برجل سيظل رمزاً للنضال من أجل التحرر الوطنى والاجتماعى، وليس للكفاح ضد التمييز العنصرى فقط، مثل نلسون مانديلا الذى تحل الذكرى المئوية الأولى لميلاده بعد أيام.

لم يكره مانديلا الأقلية البيضاء التى هيمنت على جنوب إفريقيا، ومارست أشد أنواع الاضطهاد فى حق السود أصحاب البلد والأرض، وأقامت نظام فصل عنصرى أبارتيد يُضرب به المثل فى ظلمه وقسوته.

من يقرأ سيرة مانديلا، التى نقلتها إلى اللغة العربية باقتدار د. فاطمة نصر، يعرف أنه لم يكره الرجل الأبيض، بل نظر إليه فى شبابه بشىء من الإعجاب. ولم تكن تجربته مع البيض فى شبابه من النوع الذى يدفع إلى كراهيتهم، فضلاً عن أن تكوينه الشخصى المنفتح والمتسامح يجعله من البشر الذين لا يحملون ضغائن تجاه الآخرين. وكثيراً ما تحدث عن أنه لم يحمل عداء تجاه أشخاص بيض، بل إزاء نظام ظالم. كما رأى أن ظلم هذا النظام طال البيض بدورهم لأنه جعلهم مكروهين0

قدم مانديلا نموذجاً نادراً فى الكفاح من أجل التحرر، وختمه بالترحيب بمبادرة دى كلارك آخر رئيس أبيض لجنوب إفريقيا فى فبراير 1990، وكانت نقطة البداية باتجاه هدم نظام الفصل العنصرى، والدخول فى مفاوضات أصر على مواصلتها رغم بطء حركة شركائه البيض فيها. وسعى إلى إقناع المتشددين من أبناء وطنه السود بمنح فرصة للسلام، وإحباط التصعيد المتبادل، إلى أن تم الاتفاق فى أبريل 1994 على إجراء أول انتخابات وطنية غير عنصرية تقوم على أساس صوت لكل مواطن، وحصل حزبه (المؤتمر الوطنى الإفريقى) على أغلبية أتاحت انتخابه رئيساً للبلاد.

وحدد مهمته فى تلك المرحلة، بأن يعمل من أجل التوفيق وبناء الثقة فى مجتمع مزقه التعصب، وأحدث فيه جروحاً غائرة. وكانت رسالته للسود أن يغفروا دون أن ينسوا، وللبيض أن يبقوا فى جنوب إفريقيا ويطمئنوا على حياتهم وحقوقهم وممتلكاتهم. ولذا، ترك أحد أفضل النظم فى مجال العدالة الانتقالية على المستوى الدولى.

المصدر" الأهرام
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضروروة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لم يكره أعداءه لم يكره أعداءه



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:01 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

رباب يوسف تؤكد أن الطبيعة تجذب السياحية

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

سداسي براعم الشباب ينضمون لمعسكرين إعداديين

GMT 14:05 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

إتيكيت حجز الفنادق ومراعاة كافة شروط السكن فيها

GMT 10:13 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتماد إنشاء أكاديميتين للعربية والإنجليزية في نجران

GMT 04:55 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

طريقة عمل مكياج مكتمل ومثالي بدون "كريم أساس"

GMT 23:49 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

تسريب أول صورة لـ"لكزس ES 2019" الجديدة كليا

GMT 21:54 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

معتز هوساوي يوضح أسباب الخسارة من النصر

GMT 01:18 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

رباح يؤكد أن محاولات تصفية القضية الفلسطينية فاشلة

GMT 01:35 2016 الأربعاء ,20 إبريل / نيسان

الليمون علاج سحري للكثير من مشكلات البشرة

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحجار الياقوت الثمينة تُغلف عطر مايكل كورس الجديد
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq