حذارِ نقل المعركة الى «الساحة المسيحــية»
أخر الأخبار

حذارِ نقل المعركة الى «الساحة المسيحــية»؟!

حذارِ نقل المعركة الى «الساحة المسيحــية»؟!

 العراق اليوم -

حذارِ نقل المعركة الى «الساحة المسيحــية»

جورج شاهين
بقلم : جورج شاهين

في موازاة الحديث عن احتمال التغيير الحكومي، هناك سَعي غير بريء لحصر المواجهة في الساحة المسيحية بالقول إنّ الاعتصامات المؤذية هي بين جل الديب والبترون، وليس في الباقي منها أي مشكلة. عدا عن الاتهامات الواهية عن التسلّح ونَصب الحواجز والترويج للحرب الأهلية. وهو ما يدفع الى التحذير من هذا المنطق الذي لا يبرّر الفشل في معالجة الوضع.
على رغم الإطراء لمنظّمي الانتفاضة الشعبية التي توزّعت على مساحة لبنان تحت راية العلم اللبناني وحده مرفوعاً في ساحاتها ومسيراتها وحَظر رَفع أيّ علم حزبي، وبعد الإشادة بكسر المتظاهرين الحواجز الطائفية والمذهبية، هناك مَن سعى في الأيام القليلة الماضية للتصويب على الانتفاضة ومحاولة تصوير الأزمة وكأنها صارت محصورة بالساحة المسيحية من دون غيرها، وأنّ الطرق ما زالت مقطوعة فقط ما بين نهر الموت وشكا مروراً بجل الديب والزوق وجونية وجبيل والبترون، وتحميل «القوات اللبنانية» المسؤولية، وهي التي خرجت متأخّرة من الحكومة والسلطة، وبدرجة أقل الى قيادة حزب «الكتائب اللبنانية» التي رفعت شعارات المعتصمين منذ فترة طويلة، قبل أن يفكر أحد بتنظيم الحراك الذي نشهد فصوله منذ السابع عشر من الجاري.

لا يحتاج المرء الى الكثير من الأمثلة للتدليل على التوجّه الجديد الذي تقوده بعض القيادات السياسية والحزبية المُنخرطة في التسوية السياسية، والتي ستحتفل بعد أيام بالذكرى السنوية الثالثة لأحد أكبر إنجازاتها التي تجلّت في تركيبة العهد، في محاولة للخروج من النفق الذي دخلته راضية مَرضية من دون أن يدفعها اليه أحد من خارج التركيبة نفسها، التي حكمت البلاد منذ أن جاء بها قانون الانتخاب الجديد الذي حيكَ على قياس أكثرية أقطابها، وكما أرادته مفصّلاً في شكله ومضمونه وفي تقسيم الدوائر الانتخابية التي جرى التلاعب بها وترسيمها لصالح هذا أو ذاك ممّن اعتبروا أنفسهم على لائحة الأقوياء الأربعة، رغم المُتغيّرات الموسمية التي جعلت منها 5 أو 6 لفترة من الفترات، ولو كانت عابرة.

بات من شبه المؤكد أنّ ما أفرزته الانتفاضة كان كثيراً وكبيراً على المستويين الشيعي والمسيحي تحديداً، وهو ما اعترف به القاصي والداني أيّاً تكن الاعتبارات التي دفعته الى هذا الاعتراف. فلم يكن من الحكمة إخفاؤه وعدم الاعتراف به، تمهيداً لمواجهته في المرحلة الحالية وعلى المَديين المتوسط والبعيد. فلم يكن على حدّ عِلم كُثُر أنّ مدينة صور والقرى المجاورة لها، ولا العباسية وكفررمان بعد النبطية ومرجعيون وقرى أخرى في المنطقة، ستنتفض، وهي التي كانت تعدّ تحت عباءة الثنائية الشيعية من دون أن تشهد سابقاً أيّ حراك من هذا النوع.

لذلك، لم يصدّق البعض، بادىء الأمر، ما نقلته المواقع الالكترونية والتلفزيونية من مشاهد الاعتداءات التي قام بها المنتفضون، والتي شملت للمرة الأولى مكاتب نواب من الثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل»، لتُشكّل ظاهرة غريبة لم يكن أحد ليصدّقها لولا كاميرات الهواتف الخلوية. فقد سعى كُثر من السياسيين اللبنانيين الى التَثبّت من أنّ ما شاهدوه كان أمراً واقعاً قد حصل، أم أنه فيلم مركّب. في وقت انصَبّ الاهتمام الديبلوماسي على ضفّتي المواجهة الكبرى بين أحلاف المنطقة والعالم لمعرفة حجم التحوّل في المجتمع الشيعي، خصوصاً الجنوبي، الى أن توسّعت حركة التظاهرات الى البقاعَين الشمالي والغربي، حيث التقى للمرة الأولى أهالي وسكان عرسال واللبوة في ساحة البلدة الثانية، إثر سقوط الحواجز المذهبية التي كانت تتغذى على خلفية الصراع المذهبي في المنطقة.

وبمعزل عمّا جرى في الجبل والطريق الساحلية جنوب بيروت، وفي ساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء، ظهر جلياً أنّ هناك ظاهرة أخرى يجدر التوقف عندها، وهي الانتفاضة المسيحية الخالصة تقريباً، التي فاجأت الجميع وجاءت التجمّعات الشعبية على مداخل بيروت الشرقية، ومن نهر الموت الى شكا والكورة مروراً بجل الديب والزوق وغزير والعقيبة وجبيل والبترون، لتلفت الأنظار الى ما حملته من إشارات مُقلقة بالنسبة الى العهد و«التيار الوطني الحر».

فقلّما ينتفض المجتمع المسيحي بهذا الشكل، وتحصى المناسبات التي شلّت فيها الحركة في مناطق جبل لبنان من دون إجماع قاطنيها، وعاد البعض بالذكرى الى الدعوات التي كانت تطلقها «الجبهة اللبنانية» لإقفال مدنها وقراها بالشكل الحاصل، في غياب مثل هذه الجبهة في شكلها ومضمونها وتركيبتها.

وعليه، يُبرّر كُثر حجم القلق الذي عَبّر عنه العهد ومعه أركان «التيار الوطني» وحلفائهما، إذ إنهم فوجئوا بالحجم الذي عبّرت عنه الحاضِنة الشعبية المسيحية التي جمعوا منها كتلتهم النيابية، وتتمثّل فيها أكثريتهم الوزارية، فجَمّدت نشاطاتهم وشَلّت جمهورهم الذي يقف متفرجاً على ما يجري من دون القدرة على تعطيله.

لذلك كله، يتعاظم الخوف والقلق من صحة اعتبار العهد أنّ الانتفاضة مُبرّرة في كل مكان سوى في هذه المنطقة. فبدأت الخطط لمواجهة ما حصل إعلامياً، فشُنّت أعنف الحملات على «القوات اللبنانية»، وأصَرّ خصومها على أنّ «قواتيين» يقطعون الطرق من جل الديب الى البترون بعد خروج وزرائهم من «الجنّة الحكومية»، ولم يوَفّروا حزب «الكتائب اللبنانية» منها، على رغم اعتقادهم أنّ انتفاضة كتائبية هي الوحيدة التي يمكن تبريرها، لأنّ الحزب كان وما زال رأس حربة في المعارضة الخالصة التي لا يرقى إليها أيّ شك. فقد بُحّت حناجر المتظاهرين بشعارات كتائبية رفعت في السنتين الماضيتين رفضاً للتسوية السياسية، وتجاه أداء الحكومة في ملفات الكهرباء والنفايات وغيرها من القضايا الحياتية، التي عجزوا عن رسم النهايات الحتمية لها.

على هذه الأسس، عبّرت مراجع سياسية وروحية عن القلق من تصوير الانتفاضة وكأنها في هذه المنطقة فقط، ويزداد القلق عند الحديث عن مشاريع التسلّح وقطع الطرق بالحواجز، وأن لا حل إلّا بإخراج المسيحيين من الطرق، لأنّ ما يجري في مناطق أخرى يمكن تجاوزه أو معالجته بوسائل أخرى، وهو ما رفعَ المخاوف من تحميل المسيحيين مرة أخرى نتائج الانتفاضة إذا نجحت أو فشلت. فما بَلغه الخطاب السياسي تجاوَزَ كل المحرّمات ـ ونَسي أطراف «المصالحة المسيحية» شعار «أوعا خيّك» ـ الى مرحلة متقدمة، لا يحسم الجدل في إمكان تطورها سلباً سوى الجيش اللبناني والقوى العسكرية والأمنية، وهو ما يبدو حتى هذه اللحظة مضموناً. ولكن ماذا لو ارتكب أحد خطأ ما؟ 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حذارِ نقل المعركة الى «الساحة المسيحــية» حذارِ نقل المعركة الى «الساحة المسيحــية»



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 06:51 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أناقة سكارليت جوهانسون في عرض فيلمها الجديد

GMT 15:48 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي عياش يحصد جائزة أفضل مطرب عربي لعام 2018

GMT 16:44 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الإفتاء" تردّ على فريدة الشوباشي بعد تصريحاتها ضد الشعراوي

GMT 02:04 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سلاف فواخرجي تُنافس في موسم دراما رمضان 2019

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 05:13 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

شاحن "آبل" اللاسلكي"أير باور" في الأسواق قريباً

GMT 05:39 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

علي الحجار يستعدّ لطرح أغنيته الجديدة مع بداية عام 2019

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

إيناس مكي تؤكّد أنها تحمسّت لـ"سرايا حمدين" بسبب الشخصية

GMT 13:08 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد إمام يبدأ تصوير فيلمه الجديد "لص بغداد"

GMT 22:52 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الثدي الصغير هو الأفضل لهذه الأسباب

GMT 03:43 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

إليكِ طرق مُميزة لتنسيق القمصان "المعرقة" موضة خريف 2018

GMT 13:15 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحزن يسيطر على نادي الصيد بعد وفاة اللاعب سيف أسامة

GMT 04:38 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

"ساقية الصاوي" تنفي تأجيل حفلة الفنانة أنغام

GMT 23:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

فلوكس يكشف سر عودة شائعات زواجه من هنا شيحة

GMT 03:33 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

أفكار ديكور بسيطة قابلة للاستيحاء منها

GMT 15:06 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

الشرطة الأسترالية تعتمد على سيارة كيا ستنجر
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq