ثقوب في الثوب الأوروبي

ثقوب في الثوب الأوروبي

ثقوب في الثوب الأوروبي

 العراق اليوم -

ثقوب في الثوب الأوروبي

بقلم : إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

لطالما تغنينا بوحدة أوروبا، القارة التي تجاوزت حرائق الماضي ورفعت علماً مشتركاً وسكّت عملة موحدة وأزالت الحدود فيما بينها. آه... الحدود عقدة العرب المزمنة. هل بيننا من لم يحلم بأن يركب القطار من البصرة وينزل في طنجة ويمر بعشرات المدن الناطقة بالضاد من دون أن يستوقفه شرطي؟ لكن لا أحد يضمن الأحلام. لملمت بريطانيا نفسها وغادرت المجموعة الأوروبية وصفقت وراءها الباب. ثم جاء الفيروس اللعين ليكشف عن هشاشة ثوب القارة العجوز. انكفأت كل دولة فيها داخل حدودها وسدّت الآذان عن استغاثات الجيران.
قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية اعتذاراً لإيطاليا لأن الاتحاد الأوروبي تأخر في تضامنه معها وهي تواجه الوباء الماحق. تخلفت دول الجوار وتطوعت بكين البعيدة لتقديم ما يلزم. أنزلت مدن إيطالية العلم الأوروبي ورفعت علم الصين. يحدث ذلك بينما ينشط القراصنة بين شرق القارة وغربها للاستيلاء على شحنات الكمامات الواقية. صار من اللازم اللجوء إلى شاحنات «برينكس» المصفحة لنقل القفازات الطبية والكمامات.
توقفت حركة قطار «اليوروستار» بين باريس ولندن. انطفأت أضواء النفق العجيب تحت المانش وارتاحت الأسماك في البحر. وبعد أيام ستحل ذكرى وفاة مارغريت ثاتشر، المرأة التي صافحت بقبضة قوية يد الرئيس فرنسوا ميتران، أوائل 1986. وأعلنا ربط بلديهما بسكة حديد تحت البحر الذي يفصلهما. شمّر 15 ألف عامل عن سواعدهم وبدأت «ورشة القرن». راحوا يحفرون 500 متر في الشهر. وفي ظهيرة الأول من ديسمبر (كانون الأول) 1990. التقى العامل الفرنسي فيليب كوزيت بالعامل البريطاني روبرت غراهام وجهاً لوجه، داخل النفق، على عمق 100 متر تحت الماء. دخلت التاريخ صورة المصافحة بينهما.
لم تكن الفكرة جديدة بل تعود إلى 1802، يوم وضع المهندس الفرنسي ماتيو فافييه، أمام أنظار الإمبراطور نابليون بونابرت، خريطة لنفق يربط فرنسا بالجزر البريطانية. تعددت المحاولات والخطط طوال القرن التاسع عشر. أنفاق وجسور وسدود وممرات مصفحة وجزر صناعية. كلها انتهت بالفشل. وكان أحد تلك المشاريع قد نال القبول من الملكة فيكتوريا ونابليون الثالث. وبدأ الحفر بالفعل من الجانبين، لكن العمل توقف لـ«أسباب استراتيجية». وبعد 75 عاماً بُعثت الروح في المشروع. عاد العمال إلى الحفر من الجانبين ثم أوقفت لندن العمل. رأى رئيس الوزراء هارولد ويلسون أن التكلفة باهظة. كان لا بد من وصول ثاتشر إلى الحكم في ذاك الصوب، وميتران في هذا الصوب، لكي تحصل «المعجزة». هكذا وصفتها الملكة إليزابيث وهي تفتتح النفق مع الرئيس الفرنسي في ربيع 1994. قال ميتران للملكة: «صارت لنا يا سيدتي حدود برية».
لم تكن ثاتشر «المحافظة» مهيأة للتفاهم مع ميتران «الاشتراكي». وظهر تقرير يؤكد أنها كانت تطلق على فساتينها أسماء كبار الزعماء الذين عاصرتهم. الأحمر غورباتشوف والأزرق ريغان... وهلم جرا. أما ميتران فقال بعد أول لقاء معها في لندن إن لها عيني كاليغولا وفم مارلين مونرو. ويروي النائب البريطاني البارون روبرت آرمسترونغ، أنه رافق ثاتشر حتى الباب الخارجي لمقرها وهي تودع الرئيس الفرنسي. وبعد مغادرته سألها عن اللقاء فقالت بجذل إنه يحب النساء، وهي قد تمتعت بكل لحظة من لحظات الزيارة. عرف ميتران كيف يدغدغ أنوثة المرأة الحديدية، بل إنه رأى الحديد يبكي. ويذكر جاك أتالي، مستشار الرئيس الفرنسي وصديقه، أن ثاتشر لم تتمكن من حبس دموعها في قمة فونتينبلو، عام 1984. وحين عرفت أن فرنسا وألمانيا عقدتا اتفاقية للتعاون في السياسة الخارجية انهارت باكية أمامهما.
كل هذا التاريخ الجميل يقف له «كورونا» بالمرصاد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقوب في الثوب الأوروبي ثقوب في الثوب الأوروبي



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq