بقلم - سمير عطا الله
يقول المثل الفرنسي السائد: «لا جديد. لقد رأينا ذلك من قبل». للذين عايشوا الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. كل ما يحدث الآن بين أميركا والصين، شُوهد مثله من قبل.
تغلق أميركا قنصلية صينية، فتغلق الصين قنصلية أميركية. والتهمة واحدة: التجسس. وبسبب غياب العنصر الآيديولوجي الذي كان سائداً أيام السوفيات، فالتجسس الراهن اقتصادي، وليس سياسياً. لذلك، فإن القنصليات التي تغلق ليست في العاصمتين، بل في المدن الصناعية الكبرى.
ما بين الحرب الباردة الأولى وهذه الحرب، تغير العالم كثيراً. فالعدو السوفياتي كان ينافس بالكلام ووعود الجنة ورمي الرأسمالية في مزبلة التاريخ، الكثير من المزابل في أي حال.
أما الآن فالتصارع شركة بشركة. «أمازون» بـ«علي بابا». وعندما استمع الكونغرس إلى أربعة من أصحاب الشركات الكبرى، كان الأربعة يجلسون على ثروة مقدارها 1.200 تريليون دولار. وأحدهم كانت شركته قد جنت 8 مليارات دولار في أسبوع. فكيف تهزمها؟ ليس بقراءات من «الكتاب الأحمر» للرفيق ماو. بالتأكيد.
الصراع الأميركي الصيني هو الصراع الروماني اليوناني، وهو الصراع اليوناني الفارسي، وهو الصراع البريطاني الفرنسي، والألماني الروسي، وهلم جراً. لا جديد. عندما تلتقي رجلاً يخيّل إليك أنك تعرفه تسأله: أين رأيتك من قبل؟
لقد رأيته من قبل في كل الأزمنة والأمكنة: الأرض لا تتسع لجبارين. وفي السابق كان أحد الجبارين يبيع الأحلام والآخر يبيع القمح والسيارات والطائرات والرحلات السياحية، أما الآن، فكلاهما يبيع البضائع نفسها. وكلاهما يتمشى متدللاً في العالم المضاعف، أي السيبراني. وفي السابق لم تكن عشر خطب لكاسترو وخروشوف وعشرة أقوال من لينين، تعني شيئاً في البورصة، لكن اختراع لقاح صيني يهدد اليوم معركة ترمب الرئاسية. بمعنى ما، أو ربما بجميع المعاني، لقد أصبح هذا العالم رأسمالياً مهما رفعت بكين من صور ماو فوق ساحاتها الكبرى. وهي تفعل ذلك كخديعة بصرية من الخدع السحرية التي تجيدها على شاشات «هواوي»، حيث تدور الحرب الحقيقية بين جبار مهيمن وجبار مستيقظ.
لكنْ، ثمة فارق لم يتغير: جبار لا تزال تلغيه ورقة اقتراع صغيرة، وآخر انتخب نفسه إلى الأبد. مع احتمال أن يصار إلى التمديد للمذكور، أي الأبد.