بقلم - مشاري الذايدي
لكل دولة وصفتها الخاصة في مكافحة الفكر الإرهابي.
تختلف دولة شعبها مسلم الديانة بالكامل، عن شعب مختلط الطوائف والأديان، عن شعب غير مسلم في غالبيته، عن دولة تعتمد النظام الجمهوري، ولو شكلياً، عن دولة ملكية، عن دولة أميرية نيابية، عن دولة غربية عن شرقية.
يفترض أنَّ كل كيان سياسي «علوي» هو انعكاس لثقافة ونسيج وسياقات الناس «التحتية»، الناس الذين يدبّر أمرهم هذا الكيان السياسي، وعليه فإنَّ ابتكار جدليات الاشتباك مع الفكر المسيّر لهذا المتطرف، تتباين من حال لحال.منذ فترة تم اعتماد برنامج سعودي خاص للنقاش الفكري، دعونا نختار هذه المفردة، مع المحكومين بأحكام قضائية على ذمم قضايا إرهابية، اجتراحاً وتمويلاً وترويجاً ودعماً لوجيستياً، على الساحة الشيعية في المجتمع السعودي.
برنامج مثير للانتباه، لأنَّ العادة درجت على عقد المناظرات أو المناقشات مع مساجين تنظيمي القاعدة وداعش، السنيين، وأشباه هذين التنظيمين. والجدل الديني والفكري مع المتطرف السني تختلف عنها في السياق الشيعي.
الإشارات الأولية للنقاش والمناظرة مع المتطرف الشيعي الموقوف، من طرف شيوخ دين شيعة، مع متخصصين طبعاً في الشؤون النفسية والاجتماعية، وليس شرطاً أن يكونوا من الشيعة، إشارات مبشرة، حسبما أخبرني مسؤول أمني سعودي.
ربما في هذا المثال، تحديداً، يمكن التعاون بين السعودية والبحرين، فالمعلوم أنَّ الجماعات الشيعية المتطرفة في البحرين، هي الوجه الأجلى للمشكلة الأمنية السياسية البحرينية، مع عدم إغفال الإرهاب الآخر السني، مهما كان حجمه.
أصدر الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، أمس (الأحد)، مرسوماً بتشكيل لجنة في هذا الخصوص.
وجاء في التشكيل الجديد، إنشاء لجنة تسمى (لجنة محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب وتمويله وغسل الأموال). وتختص اللجنة بدراسة جميع المسائل المتعلقة بمحاربة التطرف ومكافحة الإرهاب وتمويله وغسل الأموال.
هذه خطوة حميدة، ومسعى مسؤول من العاهل البحريني، وبحق أقول، إن التعاضد والتخادم بين الجماعات الإرهابية، موجود ومعلوم، مع حواضنها الفكرية والسياسية مثل «الحرس الثوري» الإيراني وأجنحته الدينية والإعلامية، و«حزب الدعوة» و«الحشد الشعبي» في العراق، و«حزب الله» اللبناني، والحوثي اليمني، وبقية المتطرفين والإرهابيين الشيعة بالكويت والسعودية وعمان وحتى قطر والإمارات، ظاهراً أو خفياً.
الشيء نفسه يقال عن الجماعات المتطرفة والإرهابية السنية في الخليج، ليس من أثر للفرق الطائفي هنا، فكلهم في الشر ملة واحدة.
من أجل ذلك فالتعاضد والتعاون بين الدول التي أصابها شواظ الإرهاب والتطرف، حاجة ضرورية، أخلاقياً وقانونياً وسياسياً، فوق أنها خطوة توّفر الجهد والبدايات من الصفر.