تونس الأيام الصعبة على الأبواب

تونس: الأيام الصعبة على الأبواب

تونس: الأيام الصعبة على الأبواب

 العراق اليوم -

تونس الأيام الصعبة على الأبواب

عبد اللطيف الفراتي
بقلم عبد اللطيف الفراتي

تشكّلت الحكومة الجديدة في تونس بعد صعوبات جمّة، برئاسة إلياس الفخفاخ، وانتظر الناس الإعلان عنها إلى آخر لحظة في المهلة الممنوحة للمُكلَّف لتكوينها، بين إكراهات رئاسة الجمهورية التي تُريد أن تسترجع صلاحياتها الواسعة، كما كان الأمر أيام الرئاسة الرئاسية، وهو ما أفصح عنه رئيس الجمهورية بشرعية الـ72 في المئة من الجسم الإنتخابي للأصوات، مُعتَبراً نفسه الرئيس الأوحد للبلاد، لا يُنافسه في التسمية أحدٌ، والوحيد الذي له حق التأويل النهائي للدستور في غياب محكمة دستورية، عملت حركة “النهضة” طيلة 5 سنوات منقضية على تعطيل قيامها عبر إرادة فرض سيطرتها عليها، والمؤكد أنها اليوم نادمة وتعض على أصابعها من أجل ذلك، وبين إكراهات ما حاولت أن تفرضه “النهضة”، الحزب الأول، ولكن فقط بنسبة 20 في المئة من عدد النواب في مجلس نواب الشعب مباشرة، و33 في المئة من مجموع النواب باعتبار أعضاء “إئتلاف الكرامة “، المعتبر بمثابة “زائدة دودية” ل”النهضة” يأتـمر بأوامرها.

ورغم الوضع الإقتصادي الإجتماعي المتدهور بشكل خطير، بنسبة نمو صفر في المئة في الثلاثي الرابع  من 2019، وواحد في المئة على مدى السنة ، فالحكومة الجديدة تواجه بعد نيل الثقة وضعاً سياسياً مُهتَزّاً لثلاث اعتبارات متضافرة  فضلاً عن الصعوبات الاخرى :

أوّلها أن رئيس الحكومة، وينعته جزء كبير من الطبقة السياسية بالوزير الأول، باعتبار أنه لا يتمتع هو شخصياً بأي سند شخصي في البرلمان، أو بحزام يتمتع به يساوي صفراً من النواب، ويعتبر أن ثقة رئيس الدولة، هي مرجعه في كلمة إعلان حكومته وتركيبتها، وبالتالي فهو لا يتجاوز أن يكون  كمَن يعيش في ظل وضع لا سيطرة له عليه ولا حول ولا قوة.

ثانيها أن استمرار حكومته وعدم إسقاطها بعد فترة قد تطول وقد تقصر، باعتماد لائحة لوم تبقى سيفاً مُسَلطاً. بل هناك من بدأ ينادي بذلك، حتى قبل دخولها في عملها الفعلي ومنحها الثقة، على أساس أن الأحزاب السياسية تجنبت عدم التصويت السلبي لحكومة الفخفاخ، خوفاً من حلّ البرلمان الذي اعتبرته تلك الأحزاب، مغامرة غير مأمونة العواقب، لاحتمالات تغييرات في تركيبة مجلس، قد يزداد تشتتاً على تشتته، وقد تصبح فيه عبير موسي وحزبها الرقم الأول كما تتنبأ به بعض مراكز استطلاع الرأي، ثم أيضاً لتخوّفات مشروعة لدى أعداد كبيرة من النواب الذين يصيبهم الخوف من عدم عودتهم للنيابة في حال إجراء انتخابات سابقة لأوانها، خصوصاً وأن بعضهم قد تورط في قروض ثقيلة على فرض بقائهم في أماكنهم للتمكن من سدادها، كما قال النائب ياسين العياري.

ثالثاً، إن احتمالات سيطرة إلياس الفخفاخ على حكومته يبقى محل أخذ ورد، على اعتبار، أنه لا يتمتع بشخصية كاريزماتية، أو أنه ليس ممَن يتمتع بقبضة حديدية لفرض توجهات معينة على حكومته، مما يحتاج قرارات جريئة وصادمة وموجعة، باعتبار الوضع الكارثي الذي تركته حكومة يوسف الشاهد والأشبه بالإفلاس، إلى عدم وجود الشخصيات القوية التي تتمتع كما يقال “بكنش معارف” ذات تأثير على الصعيد الدولي ، بعد أن تم استبعاد محمد فاضل عبد الكافي وبن حمودة وبن مصباح ، وغيرهم ممن لهم خيوط اتصال وثيقة مع الخارج وخصوصاً المؤسسات المانحة.

كل ذلك وحكومة الفخفاخ هي حكومة مفخخة،  بشخصيات ربما تتجاوز العشرة من “النهضة” معلنين وغير معلنين، وشخصيات قوية من التيار الديموقراطي ومن حركة الشعب،  بحيث قد لا يكون الفخفاخ يملك غالبية بين وزرائه،  لتمرير برنامجه إن كان له برنامج، وحتى العقد الذي اقترحه الفخفاخ والذي لا يرقى إلى برنامج حكم،  لم يُوقِّع عليه أحد ممن دخلوا الحكومة بدون اتفاق حتى على ملامح برنامج.

تونس اليوم في حضرة لي ذراع بين رئيس دولة،  يُريد استعادة صلاحيات رئيس جمهورية يتمتع بصلاحيات واسعة، واعتقاده أنه هو الرئيس الوحيد في الدولة والأحق بتسميته الرئيس بكل تعريف، فيما الرؤساء الآخرون تضاف لرئاستهم  صفتهم كرئيس الحكومة، أو رئيس البرلمان، أو رئيس هيئة الانتخابات وغيرهم من الرؤساء ، فيما يعتقد رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي أنه بصفته تلك فهو المؤتمن على الشرعية الشعبية أي الشرعية السيادية المنبثقة من الشعب، في نظام شبه برلماني، وكلاهما لن يتسامح مع الآخر، مما سيقود البلاد نحو أوضاع غير سليمة، ستتضح معالمها عند أول مناسبة لمواجهات متوقعة: فهل سيمضي رئيس الدولة على قانون اعتماد عتبة الـ5 في المئة، وهل سيوقع على قانون منح النواب جواز سفر ديبلوماسي. فقط للذكر، في سنة 1985 كنت في سفر إلى الشرق الأوسط، وفي مطار روما كان وزير الخارجية يومها المرحوم الباجي قائد السبسي في الوقت نفسه، في اتجاهه إلى صنعاء مرفوقا بديبلوماسي تونسي كبير، كان كاتب دولة، وبعد مرور قائد السبسي أمام الأمن العام الإيطالي، جاء الدور على كاتب الدولة التونسي، فأمره عون البوليس بفتح حقيبته الديبلوماسية، فأرغى وأزبد ورغم تدخل الوزير، تم الإصرار على فتح الحقيبة، وإذ حلّ رئيس العون، فقد أمر كاتب الدولة بفتح حقيبته، وتدخل يومها القائم بأعمال السفارة، ليَهمس  للمعني التونسي،  بأن الجواز الديبلوماسي لا فائدة له إلا في بلد الإعتماد، ولما كان كاتب الدولة غير مُعتمَد لا في روما ولا في الفاتيكان ، فإن الجواز الديبلوماسي لم يكن ليسمح له إلا بالمرور من الممر الخاص بالديبلوماسيين  تجاوزاً وليس حقاً، دون أن يعفيه ذلك  من أن يكون مُطالَباً بفتح حقيبته وحتى بتفتيشه وفقا لميثاق فيينا. وقد اضطر يومها كاتب الدولة لفتح حقيبته ، فمرّ حتى بدون أن ينظر العون إلى محتوياتها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس الأيام الصعبة على الأبواب تونس الأيام الصعبة على الأبواب



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq