الخالة أم فدك

الخالة "أم فدك"

الخالة "أم فدك"

 العراق اليوم -

الخالة أم فدك

د.ماجد السامرائي
بقلم : د. ماجد السامرائي

المحتجون العراقيون لا يطالبون بلاسخارت بالانحياز إلى محنة شعبهم في مواجهة الميليشيات، لكنهم يرفضون انحيازها إلى القتلة لأنها بذلك تتحول إلى خط دفاع للميليشيات في الوقت الذي تتم فيه محاصرتهم.

عنوان هذه السطور لم أضعه من عندي أو من إدارة الجريدة، وإنما هو وصف لهاشتاغ شباب الثورة العراقية انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً وكان وسم (#بلاسخارت عدوة الإنسانية) أحد أكثر الهاشتاغات تداولا في العراق خلال الأيام الماضية، في وصف ساخر ومؤلم واحتجاج شديد على موقف ممثلة الأمم المتحدة (جينين هينيس بلاسخارت) باجتماعها أخيراً بعبدالعزيز المحمداوي الملقب “أبوفدك” نائب رئيس الحشد عضو هيئة الشورى لحزب الله في العراق.

وكانت الولايات المتحدة قد وضعت المحمداوي على قائمة الإرهاب لدوره المسؤول عن الهجمات على المصالح والسفارة الأميركية ببغداد في ديسمبر الماضي، والتي شارك في استعراضها قادة الميليشيات، هادي العامري وفالح الفياض وقيس الخزعلي، وانتشرت في حينه صور لشعارات كُتبت على سور مبنى السفارة الأميركية بينها صورة لشعار “الخال مر من هنا” في إشارة إلى أنه أشرف على العملية.

يدور اعتقاد واسع بأن أبوفدك يدير أحد معتقلات كتائب حزب الله في جرف الصخر، كما يتهمه المحتجون العراقيون بالمسؤولية عن كثير من الهجمات التي استهدفت ساحات الاحتجاج في بغداد ومدن أخرى وتسببت بمقتل العشرات. ونشر ناشطون تغريدات تنتقد بلاسخارت، وتضمنت صورا تعبيرية للممثلة الأممية وإلى جانبها قاسم سليماني، متهمين إياها بمحاباة القوى والأطراف التي استهدفت المحتجين على مدى العام الماضي.

انحياز الهولندية بلاسخارت إلى القتلة من الميليشيات سيضعها في خانة المنبوذين المحليين والخارجيين وهم كثر ولن تنفعها الصداقات المأجورة العابرة

هذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها رئيسة البعثة الأممية في العراق الجدل، إذ سبق وتسببت تغريدة لها في نوفمبر الماضي في غضب واسع في العراق بعد أن وجهت فيها انتقادات للمحتجين بحجة قطع الطرقات وتعطيل البنية التحتية في البلاد..

بلاسخارت كانت قبل تعيينها بوظيفتها الأممية وزيرة الدفاع الهولندية، ثم أُجبرت على الاستقالة بعد اتهامها من قبل وزارة دفاع بلادها بإصدارها أوامر القصف الجوي وقتل الأطفال والمدنيين في مدينة الموصل العراقية عام 2015.

وجود ممثلية للأمم المتحدة في العراق كان متزامناً مع الاحتلال الأميركي الذي استمر لثماني سنوات، وكان لممثل الأمين العام، سيرجيو فييرا دي ميلو، الذي اغتيل بتفجير انتحاري في أغسطس من عام 2003 دور في الحوار الأممي مع المرجع الشيعي السيستاني، الذي استعجل قيام دستور للبلاد حسب تصريحات غسان سلامة الذي شارك بذلك الحوار، لكن هذا الدور تحوّل بعد إخراج العراق من الفصل السادس إلى استشاري في مجال حماية السلم الأهلي دون الانحياز لجهة سياسية دون أخرى.

بلاسخارت ووفق تقارير ميدانية كثيرة، انحازت إلى أحزاب الإسلام السياسي المسؤولة عن القتل والفساد والاستبداد، والمئات من المعلقين العراقيين شككوا في نزاهتها واتهامها بـ”استلام رشاوى من الحكومة والأحزاب مقابل الصمت عن الانتهاكات ضد المتظاهرين في العراق”، وهي اليوم تبرر لقاءها بأبي فدك بأنه من أجل الحوار، وهي حجة قد تقنع الثوار العراقيين.

يجدر بممثلة الأمين العام للأمم المتحدة تحاشي الصراعات الداخلية العراقية والخارجية في ظرف حساس، والمحتجون العراقيون الثوار لا يطالبون بلاسخارت بالانحياز إلى محنة شعبهم في مواجهة دموية الميليشيات، لكنهم يرفضون انحيازها إلى القتلة، لأنها بذلك تتحول إلى خط دفاع لهم في الوقت الذي تتم فيه محاصرتهم شعبياً ودولياً.

وهناك ضغوط على رئيس الوزراء الكاظمي لتشديد حملته ضد الوجود الميليشياوي الذي يهدد الأمن العراقي. فهي في تبريرها إدارة الحوار مع جميع الأطراف تخرج المتهمين بقتل الثوار من خانة الاتهامات التي تتصاعد إلى خانة المحاورين، فمتى أصبحت الأمم المتحدة منقذة للميليشيات من مأزقها وحامية لها، وهي بذلك تنضم إلى دعوات فصائل سياسية داعمة للميليشيات.

الكاظمي في مأزق بعد مرحلة الضغط الأميركية القصوى بالتهديد بغلق سفارتها ببغداد، لذلك أوفد وزير خارجيته فؤاد حسين إلى طهران لكي تضغط على وكلائها للتوقف عن الهجمات الصاروخية، إلا أن السلطات الإيرانية كعادتها في المناورة تنصلت من المسؤولية وفسر موقفها بأنه إطلاق يد مبطن لتلك الفصائل لتضرب وتهرب من غير أن تمنح السلطات العراقية فرصة لإدانتها بالأدلة والقرائن.

ودعا مسؤولوا النظام الإيراني المبعوث الدبلوماسي إلى قيام حكومته بمساءلة العراقيين، فهي المسؤولة عنهم دون الرجوع إلى طهران. وهي بذلك تفسر سلسلة البيانات التي أوعزت إلى وكلائها في قادة الأحزاب والميليشيات في العراق لإصدارها في التعبير عن الموقف الإيراني المهادن حالياً لأنها تعرف خطورة تداعيات غلق السفارة الأميركية ببغداد.

الولايات المتحدة كانت قد وضعت المحمداوي على قائمة الإرهاب لدوره المسؤول عن الهجمات على المصالح والسفارة الأميركية ببغداد في ديسمبر الماضي، والتي شارك في استعراضها قادة الميليشيات

كجزء من أساليب المناورة الجديدة، نقلت الميليشيات هجماتها الصاروخية مؤقتاً إلى أربيل في رسائل واضحة لواشنطن وللكاظمي بأن “يد الميليشيات قادرة أن تطال الوجود الأميركي في العراق”، لكنها ومن دون أن تعلم فتحت أبواباً جديدة لتصعيد الحملة ضدها من قبل القيادة الكردية التي لم تتردد في تأكيد احتضانها للقوات الأميركية في منطقة كردستان وفضح الدور الإرهابي للميليشيات.

ما رشح من أنباء يفيد بأن الكاظمي يريد تنفيذ خطة تأمين البعثات وإخلاء المنطقة الخضراء، بل بغداد بالكامل، عبر عملية مركبة من التفاهمات المباشرة وعبر الوسطاء السياسيين مع بعض قادة الفصائل وعن طريق عمليات أمنية محدودة لكنها نوعية، لكن ردود فعل فصائل الميليشيات رفضت إخلاء المنطقة الخضراء بعد أن توطنت فيها واستولت، حسب تقارير مؤكدة، على الكثير من المباني والمنشآت الحكومية والعقارات التي كانت مملوكة للدولة العراقية السابقة.

الخالة (أم فدك) أخطأت في تقديراتها لدور الشعوب في تقرير مصيرها وهي المنحدرة من بلاد المنخفض الهولندي التي عانت كثيراً من الاحتلالات وهيمنة الدول الكبرى على مقدرات شعبها، لكنها في النهاية تحررت ومسكت مصيرها بيدها كبلد أوروبي متطور ينعم بالحياة التي أيضاً يستحقها العراقيون بجدارة. وانحياز الهولندية بلاسخارت إلى القتلة من الميليشيات سيضعها في خانة المنبوذين المحليين والخارجيين وهم كثر ولن تنفعها الصداقات المأجورة العابرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخالة أم فدك الخالة أم فدك



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة

GMT 01:46 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيماء مرسي تؤكّد أنّ مواقع التواصل الاجتماعي يحكمها الإتيكيت

GMT 06:17 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

طرح عطر "فانيلا نواغ" الساحر للمرأة التي تعشق الإثارة

GMT 07:35 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

كيارا فيراغني من مدونة في عالم افتراضي إلى عارضة أزياء شهيرة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq