أم مهند أيقونة أمهات شهداء الثورة العراقية

أم مهند أيقونة أمهات شهداء الثورة العراقية

أم مهند أيقونة أمهات شهداء الثورة العراقية

 العراق اليوم -

أم مهند أيقونة أمهات شهداء الثورة العراقية

د. ماجد السامرائي
بقلم : د. ماجد السامرائي

وعود الكاظمي واستمراره في تشكيل اللجان لا قيمة لهما إن لم يرتبطا بإجراءات واضحة لتطبيق القصاص العادل، فتشكيل اللجان لا يداوي الجروح بل تداويها القرارات الشجاعة المرفقة بالأدلة والبراهين.

لم يكن البيان الذي ألقته العراقية أم الشهيد مهند ليلة الخامس والعشرين من هذا الشهر بيانا رقم واحد، تلاه ضابط أو من يمثله من مقر إذاعة بغداد، حيث تحيطها الدبابات لإعلان الانقلاب العسكري على النظام. ولم يكن إعلانا بالاحتلال العسكري للعراق ممهورا بتوقيع الرئيس الأميركي بوش، بعد أن لّف أحد جنوده العلم الأميركي على رأس تمثال رئيس النظام السابق صدام حسين، في إحدى ساحات بغداد، إيذانا ببدء عهد اللصوص الذين اختطفوا العراق وسلّموه لطهران، وليس بداية عهد الحرية والديمقراطية كما يزعمون.

كان البيان الذي تلته أم الشهيد مهند وتناقلته جميع وسائل التواصل الاجتماعي، ميثاقا للثوار بصوت أمّ لشهيد اغتالته ميليشيات تابعة لمقتدى الصدر من بين كوكبة من الشهداء يزيد عددهم على 600 شاب وشابة تم اغتيالهم، وتحولت أمّ الشهيد إلى متّهمة مُطاردة من أجهزة مقتدى الصدر لجرأتها في قول الحقيقة.

عطّل الثوار تظاهراتهم لعدة أيام بعد الأول من أكتوبر لتزامنها مع طقوس ذكرى استشهاد الحسين، ثم تواصلت بوتيرة أعلى في الخامس والعشرين منه بعزيمة الواثقين من أنفسهم ومن مبادئهم الثورية، ضد الظلم والفساد والقتل ومازالت شعلتها مستمرة.

مع صوت أم مهند توقفت أصوات المآذن والكنائس، وأصوات المؤمنين، حيث شق جدار الصمت لدقائق معدودة صوت أم مهند هادئا، والذي أجزت لنفسي أن أسميه البيان الأول للثورة العراقية، التي تفتح عهدا مشرقا جديدا للعراق، وتطوي مهما طالت الأيام عهد الفساد والتبعية. كان صوتها، الواثق من حتمية انتصار الثورة، يحمل أحزان العراقيين ووقار العراق، ويستحضر تاريخه المشرق، ويوجز قصة مجد هذا البلد منذ عهود آشور وبابل والقادسية.

ذلك الوقار، الذي أطلّت من خلاله أم الشهيد وهي ترتدي ثوب السواد، يحمل دلالة أصيلة لقيمة التوّشح بالسواد احتراما لقيم الاستشهاد من أجل الوطن، فاضحة بذلك المنافقين الذين يتبرّجون بـ”الكرفات” (ربطة عنق) السوداء على شاشات الفضائيات خلال أيام عاشوراء، أو ارتداء “الدشداشة” الرجالية السوداء، في مسيرات اللطم، كواحدة من خُدع نظام ولي الفقيه لإيهام العراقيين وصرف انتباههم عن حقائق ما يجري في بلدهم.

البيان الأول لأم الشهيد مهند كان برنامجا للثورة العملاقة الجديدة، حمل تفصيلات ووصايا لجميع الأمهات في العراق، لأن لا يقفن بوجه أبنائهن وعدم منعهم من الالتحاق بمسيرة التصدّي لحكم القتلة، والخروج إلى شوارع بغداد والناصرية والبصرة وكربلاء، بل دعت إلى تشجيعهم واحتضانهم وإسناد ظهورهم رغم التضحيات الممهورة بالدماء الزكية.

نبّهت أيقونة أمهات الشهداء من مخاطر الاندساس وفتح الثغرات في صفوف الثوار والبقاء على طابعها السلمي، لأن ذلك من مخططات الحكام وميليشياتهم.

كان مشهد أم مهند وهي تلقي بيان الثورة، أشبه بمهرجان مهيب مقام على ساحة حقل كبير في يوم مُشرق على جنبات دجلة والفرات، تحتضن فيه الثوار، وبينهم الشهداء، وتأخذ إمضاءهم الموّحد بالعهد على الاستمرار في مسيرة الفداء وميثاقها الثوري. وكم تمنّيت لو انتصبت شاشات العرض التلفزيوني في جميع ساحات بغداد ومدن العراق تنقل وقائع هذا البيان. لكن اليوم الذي سيوّثق هذه الملاحم ليس بالبعيد، حينها ستختفي عن حيطان المباني صور رموز الدجل والكذب، وتحل محلها صورة كوكبة شهداء الثورة الجديدة.

قد لا يكون مناخ التجلّي لهذا المشهد والطقس الثوري مناسباً لعرض مشهد آخر يقدم بيان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، يحاول من خلاله تلّمس بعض الأعذار لمسلسل القتل، ويعد في بيانه ليلة الخامس والعشرين من أكتوبر، بكشف المتورّطين، خاصة أن وثائق الإدانة بين يديه، وأبرزها المتعلق بقتلة الشهيد هشام الهاشمي، حيث تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أخبار إلقاء القبض على المنفذين لهذه الجريمة البشعة ضد واحد من مقربيه، الذي لم تكن جريمته سوى كشفه لبعض ما يدور في مشروع هيمنة الميليشيات على المؤسسات السياسية والأمنية العراقية، لأن كشفها سيُحرج المسؤولين عن هذه الجرائم، وهم قادة أحزاب وميليشيات تابعة لهم، ومن خلفهم نظام ولي الفقيه في طهران.

وعود الكاظمي وأمانيه واستمراره في تشكيل اللجان لا مكان لها في نفوس آباء وأمهات الشهداء والمغيّبين، إن لم ترتبط بإجراءات واضحة لتطبيق القصاص العادل، فتشكيل اللجان لا يداوي الجروح، بل تداويها القرارات الشجاعة المرفقة بالأدلة والبراهين، وهذا ما يتردّد الكاظمي في تنفيذه.

ستبقى أم مهند وجميع أمهات الشهداء العراقيين، منذ عام 2003 وإلى حد اليوم، شوكة في عيون القتلة والفاسدين. الثورة لا تعرف أنصاف الحلول، وعالمها لا يدركه ولا يقترب منه الذين يعيشون في عالم البذخ والرخاء المؤقت. حساب شعب العراق لهؤلاء قادم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم مهند أيقونة أمهات شهداء الثورة العراقية أم مهند أيقونة أمهات شهداء الثورة العراقية



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq