ماذا قال لي الرئيس عون عن بومبيو ومشروع الفتنة الذي يحمله

ماذا قال لي الرئيس عون عن بومبيو ومشروع الفتنة الذي يحمله؟

من لبنان.. وعن العرب اكتب لكم..

ماذا قال لي الرئيس عون عن بومبيو ومشروع الفتنة الذي يحمله؟

 العراق اليوم -

ماذا قال لي الرئيس عون عن بومبيو ومشروع الفتنة الذي يحمله

بقلم - عبد الباري عطوان

زائِر لبنان هذه الأيّام يستغرِب كيف يستمرّ هذا البلد في البقاء في ظِل أزماته التي تتوالد وتتكاثر بسُرعةٍ قياسيّة، ويعيش وسط جِوارٍ مُلتهب، وتصِل ديونه إلى مئة مليار دولار، ومع ذلك يقِف موقفًا قويًّا وصُلبًا في وجه مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، ويجعله رئيسه ميشال عون ينتظر لأكثر من ربع ساعة في صالون القصر الرئاسيّ قبل أن يستقبله، ويتجاهل مُصافحة المبعوث ديفيد هيل الذي كان ضِمن الوفد، في وقتٍ تُفرش له دول إقليميّة عربيّة طافِحة الثّراء الورود والسجّاد والأحمر، ويجلِس زعماؤها أذلّاء يستمِعون إلى إملاءاته.

عندما وصلت إلى بيروت (مساء السبت) بعد يومين من وصول بومبيو لها، كان حديث الجميع عن هذا الموقِف اللبنانيّ الرسميّ والشعبيّ شِبه الإجماعيّ على رفض مشروع “الفِتنة” التحريضيّ الذي كان يحمِله الوزير الأمريكيّ، ويتلخّص في ضرورة “عزل” حزب الله، ومُحاربته باعتباره يُهدّد أمن لبنان واستقراره، والتّأكيد على لسان أغلبيّة الزّعامات التي التَقته بأنّه حزب لبنانيّ يُشكّل عمودًا رئيسيًّا في النّسيجين السياسيّ والاجتماعيّ اللبنانيّ، ومُمثَّل في البرلمان بـ12 نائبًا مُنتخبًا، وفي الحُكومة بثلاثة وزراء، وليس إرهابيًّا.

الرئيس عون الذي استقبلني في القصر الجمهوريّ ظُهر الأربعاء وبعد عودته من زيارته الرسميّة لموسكو ولقائه مع فلاديمير بوتين، أكّد لي بأنّه كان حازمًا في رفض الطّلبات الأمريكيّة لأنّها تعني دمار لبنان، وكشف عن أُمور عديدة جرى تناولها في لقاءيه مع بومبيو والرئيس بوتين خاصّةً حول إيران وسورية، ولكنّه طلب منّي أن لا أنشُر أيّ شيء على لسانه، وها أنا احترم طلبه.

العِبارة المألوفة عن لبنان ونُخبته السياسيّة وشعبه أنّ هُناك أربعة ملايين مُحلّل سياسي، والجميع تقريبًا يُصدِر الفتاوى في كُل الاتّجاهات، حول كيفيّة حل أزمة الدّيون، وتعزيز اللّيرة، واستخراج الغاز من المتوسط، وتحوّل لبنان إلى دولة نفطيّة غازيّة عضو في “أوبك”، وإيجاد المخارج لأزَمَة الكهرباء، وأزَمَة فنزويلا، والفساد في البرازيل، ناهِيك عن أوضاع إدلب وشرق الفُرات، واحتمالات الاتّفاق في اللّقاء المُقبل بين الرئيسين الأمريكيّ دونالد ترامب والكوريّ الشماليّ كيم جونغ أون.

اللّقاءات مع المسؤولين والزّملاء في وسائل الإعلام اللبنانيّة، التي ما زالت تحتفِظ بألقِها رُغم الظّروف الماليّة الصّعبة، والضّيوف العرب، كانت كثيرة ودسِمة، لكن لقائين كانا على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة، الأوّل كان عشوائيًّا ووليد الصّدفة، والثّاني حرِصت على ترتيبه قبل ثلاثة أيّام من وصولي مع صاحبه لأسبابٍ سأرويها لاحِقًا.

الصديق طلال سلمان، ناشر صحيفة “السفير” ورئيس تحريرها، دعاني إلى “مجلس” غداء في أحد مطاعم الأشرفيّة على ما أعتقد، يضُم مجموعة من الشخصيّات السياسيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة يضُم 10 أشخاص من مُختلف المشارب السياسيّة، ومُستمر شهريًّا منذ ثماني سنوات يطلِقون عليه ممازحةً اسم “غداء النّميمة”، عميد هذا “الغداء” الدّسم سياسيًّا واقتصاديًّا، الوزير بهيج طبارة، ويضُم أيضًا الوزير السابق ياسين جابر، ومحمد الحوت، رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط، والخبير المالي يوسف الخليل من البنك المركزي، والشّقيقين غانم، الأول جورج، الخبير الاقتصادي، وشقيقه النجم الإعلامي “المُشاغب” مارسيل، علاوةً على الزميل حسين أيوب، مدير التحرير في صحيفة “السفير”، والزميل أحمد طلال سلمان، نجل الداعي.

“غداء النّميمة” هذا هو “مجلس وزاري مُصغّر” يُشكّل صورةً حقيقيّةً لما يجري في لبنان وهُويّته، ويُناقش أحواله على مدى ساعتين، ولكن بدون صُراخ أو صِدام، واستطعت من خلاله أن أتعرّف على حقيقة الوضع اللبنانيّ السياسيّ والاقتصاديّ بالحقائق والأرقام، وخرجت بكمٍّ هائلٍ من المعلومات، سواء عن النّازحين السوريين، أو حجم الدّيون وفوائِدها، وغاز المُتوسّط الذي قد يُشعِل المعركة المُقبلة، والقائمة طويلة.

أمّا اللّقاء الثاني، فكان مع النائب “المُجمّد” عن “حزب الله” نواف الموسوي، وقد فاجأني بأنّه لم يكُن غاضِبًا من قرار ترامب بضَم هضبة الجولان، بل اعتبره “هديّة” لمحور المُقاومة، لأنّه سيُغلق الأبواب أمام أيّ مُفاوضات سلام سوريّة إسرائيليّة في المُستقبل، وسيجعل من المُقاومة المُسلّحة الخِيار الوحيد أمام السوريين.

المسألة الأخرى التي تستحِق التوقّف عندها تأكيده وهو الذي التقى السيد حسن نصرالله مع آخرين، (لم يذكرهم)، لأكثر من خمس ساعات قبل يومين فقط، أنّ الثالث من أيّار (مايو) المقبل قد يكون يومًا تاريخيًّا، وعندما طلبت منه التّوضيح قال إنّه يوم تطبيق المرحلة الثانية من العُقوبات الأمريكيّة على إيران، ومنع تصديرها برميلًا نفطيًّا واحِدًا، وقال بالحرف الواحد “إنّ إيران ستُصبح أمام خِيارين: الأوّل أن تترُك أمريكا تُجوّع سبعين مليون إيراني وبِما يُؤدّي إلى تقويض النظام من الداخل، وهذا ما لن تسمح به القيادة الإيرانيّة، أو أن تدخل في حرب مع أمريكا وإسرائيل وحُلفائهما في المِنطقة، ولذلك فإنّ الرّد العسكريّ سيكون حتميًّا، ومهما كانت النّتائج”، أمّا أين سيكون الرّد وكيف، فهذا ما رفَض الحديث عنه، وقال إنّ هذا سيكون متروكًا للعسكريّين، ولكنّه لم يستبعِد أن يكون “حزب الله” وآخَرين في قلب المعركة، وخرجنا من اللّقاء أنا والزميل كمال خلف، المُقدّم اللّامع في قناة “الميادين” بكَمٍّ هائلٍ من المعلومات والتّحليلات سنَعكِسها مُستقبلًا في بعض مقالاتنا حتمًا.

أحد “الظّرفاء” اللبنانيين قال لي إنّ مواقف الشعب اللبناني تتغيّر بسرعة وباتت في مُعظمها أكثر “عروبيّة” و”وطنيّة” أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وعندما قُلنا له كيف تُفسّر هذه المواقف “العنصريّة” الرافضة للنّازحين السوريين ووجودهم قال “يا خيّي أترك هايدي القضيّة جانبًا.. أنا أتحدّث عن الإسرائيليين”، قُلنا كيف؟ قال “قريت اللّي كتبته الفنانة إليسا على مواقع التواصل الاجتماعي ضِد إسرائيل؟ و”بلوكّها” للمُتحدّث باسم الجيش الاسرائيليّ أفيخاي أدرعي لأنّه تطاول على لبنان والعرب؟ قريت تأييد النائبة بولا يعقوبيان للمُقاومة والسيّد حسن نصر الله؟ روح إقرى وبعدين ناقشني”، وتركني وهو يُلوّح بيديه يأسًا، ويتمتم بكلمات لا أدري مضمونها، وآمَل أن لا تكون غير ما أُحِب!

لبنان كان وما زال وسيظل “ثيرموميتر” القِياس الأدق للمِنطقة العربيّة، ومخزون هائِل من الرّفض للسّياسات الأمريكيّة في المِنطقة والإعجاب بكُل من يقِف في الخندق المُقابل لها، والسّؤال الذي كان يُطرح عليّ في كُل الجلسات هو عن المُقاومة للاحتِلال في قِطاع غزّة والضفّة الغربيّة، وصواريخها التي وصلت إلى كفر سابا شمال تل أبيب، وسكّينة الفدائي الشهيد الشجاع عمر أبو ليلى مُنفّذ عمليّة سلفيت، وما يُميّز ثورة الجزائر السلميّة الحضاريّة (يتّفق الجميع على الإشادة بها) عن الثّورات السّابقة والحاليّة، والإجماع على “احتقار” القمّة العربيّة التي ستُعقد الأحد في تونس.

لا سُيّاح من الخليج في لبنان، رغم رفع الحظر السعوديّ عن سفرهم وزيارتهم، فمطاعم السوليدير خاوية تقريبًا، وكذلك نظيراتها وسط البلد، الأمر الذي يُقابل بتنهيدةِ حسرة من قبَل اللبنانيين مصحوبةً بنظرةِ عتَب.

يظل لبنان “واحةً مُتميّزةً” في مُحيطٍ عربيٍّ مُلتهب رغم الأزَمات، تسألني كيف يتأقلمون معها ويعيشون، هذا ما لا أعرفه، وربّما يحتاج الأمر إلى زيارةٍ أُخرى قادِمة.. واللُه أعلم متى.
  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا قال لي الرئيس عون عن بومبيو ومشروع الفتنة الذي يحمله ماذا قال لي الرئيس عون عن بومبيو ومشروع الفتنة الذي يحمله



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq