إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل

 العراق اليوم -

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل

بقلم - هدى الحسيني

تعهد قائد «الحرس الثوري» الإيراني محمد علي جعفري بالانتقام للذين سقطوا في الأحواز، وحذر «الأعداء» من «تدمير صاعق». ويوم الاثنين الماضي أطلقت إيران 6 صواريخ «أرض - أرض» باتجاه «مواقع التكفيريين» شرق الفرات في سوريا، سقط أغلبها في كرمانشاه بإيران.
تحاول إيران باستمرار قصف من يقف في طريق طموحاتها، وبعد عملية الأحواز ساد اعتقاد بأنها ستحاول أكثر. لكن منذ بدء الثورة الإيرانية والنظام يدعم كل منظمة إرهابية في المنطقة تزعزع الأنظمة التي تريد إيران إسقاطها. اللافت أن عملية الأحواز نجحت، ومجرد خروج الإيرانيين باتهامات سخيفة يعني أن العملية أضرت بشيء هم حساسون تجاهه.
وقعت عملية الأحواز والإيرانيون «يحتفلون» بذكرى بدء الحرب العراقية - الإيرانية. كان الاستعراض كأنهم انتصروا في الحرب ضد العراق؟ هم في الواقع لم ينتصروا في تلك الحرب، باستثناء أمر واحد؛ أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لم يستطع إسقاط تلك الثورة. هم يعتقدون أنهم نجحوا في منعه من تحقيق إسقاط النظام الثوري آنذاك.
أقول لمحدثي المؤرخ الغربي، إن صدام حسين نجح في وقف تصدير الثورة كما كان يطمح آية الله الخميني؟ فيجيب: ربما أخّر الأمر، لكن انظري ماذا يحدث الآن. لم يتوقفوا عن التمدد، بل سيطروا إلى حد ما على لبنان، وجزئياً على اليمن، ويسببون مشكلات جمّة لدول الخليج. حاول صدام إيقاف تصدير الثورة، لكنه عاد. لقد أخّره.
إن عملية الأحواز أدت إلى إرباك كبير داخل القيادة الإيرانية، وكان أحد أعضاء مجلس الشورى اتهم الأجهزة الأمنية بالتقصير، حيث رفض القنّاصون إطلاق النار على المهاجمين لأنه لم تصدر إليهم الأوامر بذلك. لكن إيران في السابق تجاوزت إرباكات أكثر خطورة، لأن «الثورة الخضراء» عام 2009 كانت أكثر إحراجاً للقيادة الإيرانية. إذا تكرر ما وقع في الأحواز مضافاً إليه الوضع الاقتصادي، عندها سيكمن الخطر. وحسب محدثي: إذا أراد العالم إضعاف النظام الإيراني فيجب أن يلم بكل المشكلات التي يعاني منها، وحالياً توجد 3 عناصر: الموقف الأميركي، والعجز الأوروبي عن التعويض، وما تقوم به إسرائيل في سوريا. وإذا ما أضفنا إلى ذلك انتفاضة وطنية في عربستان، فسيكون كل هذا أخطر مما رأته إيران سابقاً.
إن الاتفاق النووي وعد إيران بتقوية ضخمة لاقتصادها، وهذا الوعد في حد ذاته كان له تأثير كبير، حيث إن كل طرف افترض أن إيران ستزدهر اقتصادياً، وهذا الافتراض جلب استثمارات إلى إيران، إضافة إلى التفاؤل داخل إيران وباتجاه إيران. وما يحدث أخيراً أن كل شيء يسير في الاتجاه المعاكس، والإشارة «الإيجابية» لذلك هي انهيار الريال الإيراني تجاه الدولار. إذا تقلصت قدرة الناس على شراء ما يحتاجونه وخسرت مقدار الثلث، رغم أن الريال خسر أكثر، فعلينا أن نتذكر أن داخل إيران مشكلات تسبب بها سوء الاقتصاد منذ زمن. ونأخذ على سبيل المثال اثنتين: النسبة المرتفعة من مدمني المخدرات، والنسبة العالية من انتشار الدعارة. نضيف إلى هذه الأمور، ردود فعل بعض الشابات اللاتي صرن يتمردن على أوامر المؤسسة الدينية. ويبقى أن السبب الأساسي لهذه المشكلات اقتصادي.
يجب ألا ننسى ما حدث ويحدث في البصرة بالعراق؛ من إحراق للقنصلية الإيرانية، ثم إن التحدي الإيراني بافتتاح قنصلية جديدة لا يلغي الفعل الحقيقي، ودعوات أهل البصرة: «إيران بَرّة بَرّة»... وتلا كل ذلك ما وقع في الأحواز. إنهم من الإثنية نفسها الشيعة العرب. وكما يقول محدثي: لم نصل بعد إلى النقطة التي نقول فيها إن النظام يواجه واقعاً خطيراً، قد يواجه ذلك قريباً، لكنه حتى الآن قادر على تجنبه. يتذكر نقاشاً شارك فيه عام 2011 - 2012 حول مصير بشار الأسد، حيث قال الجميع إنه انتهى، لكنه يعترف بأن المشاركين لم يأخذوا بعين الاعتبار الوحشية التي سيلجأ إليها النظام، وكذلك التدخل الروسي.
الآن، إذا تدخل الصينيون بتغييرات اقتصادية ضخمة في إيران، فهذا لن يحل المشكلة؛ لكنه سيخفف من وقعها ولو لفترة. لذلك فإن الوضع في إيران جدّي جداً، ولكن ليس ميؤوساً منه.
أما بالنسبة إلى روسيا، فإنها لا تلعب دوراً كبيراً؛ الشيء الوحيد الذي يستطيع الروس فعله الآن هو تزويد الإيرانيين بأسلحة متقدمة، والمشكلة في إيران الآن ليست عسكرية، ثم إنه لا يستطيع الروس منع إسرائيل من قصف المواقع الإيرانية في سوريا. روسيا لا تستطيع أن تعوض إيران اقتصادياً، لأنها هي ذاتها ليست في وضع جيد.
وأسأل محدثي عما إذا كانت الولايات المتحدة تعطي الصين حرية التحرك في إيران في حين يشن الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية عليها، ويجيب بأنه لا يعتقد أن واشنطن تستطيع منع بكين من جعل الأمور صعبة بالنسبة لها في إيران. وإذا نجح الأميركيون في إضعاف الصين اقتصادياً، فعندها لن يرغب الصينيون في تحويل كثير من الموارد إلى إيران.
ومن ناحية أخرى، وفي رد فعل، هل يمكن لإيران أن تجعل «الحياة جحيماً» للأميركيين في العراق؟
يجيب: قد تحاول، لكنها لن تنجح، لأن في العراق قوى؛ بينها شيعية، لديها أسبابها والرغبة في عدم سيطرة إيران على العراق. لذلك، إذا حاولت إيران، وانطلاقاً مما رأينا في مواقف الرئيس ترمب، فإن محاولاتها في العراق لن تثنيه، بل على العكس ستقوي من عزيمته ضدها.
من ناحية أخرى؛ يستبعد محدثي أن يكون للوضع الإيراني الآن تأثير مباشر على «حزب الله» في لبنان. لكنه يعترف بأن هناك فرقاً كبيراً بين ما إذا كان «حزب الله» وحده، وأنه يقف مع سوريا ضد إسرائيل، لأن إسرائيل تستطيع أن تردع «حزب الله»، وإذا لم يجدِ الردع، فيمكن لإسرائيل أن تعيث خراباً في لبنان، وإذا ثبتت إيران نفسها في سوريا، فعندها القوّتان؛ «حزب الله» وإيران، يمكن أن تجعلا إسرائيل تدفع ثمناً مرتفعاً جداً. ولهذا، فإن الإسرائيليين مصممون على منع إيران من إقامة بنى تحتية عسكرية لها في سوريا. أما بالنسبة للوضع الاقتصادي، فإن «حزب الله» يحصل على الأموال عبر أنشطة كثيرة؛ منها تجارة المخدرات، واستعمال أموال تتحرك من الغرب من قبل الشيعة إلى الحزب. لذلك من يقول إنه إذا أوقفت إيران تمويل «حزب الله» غداً، فإنه سينتهي، هو على خطأ، لأنه على المدى القصير لا يعتمد الحزب كلياً على إيران، ولأن «حزب الله» يمتلك ترسانة كبيرة. التأثير الكبير هو إذا لم يكن لإيران تأثير ووجود ونفوذ على مستوى كبير في سوريا، أو إذا انتهت قدرتها على نقل الأسلحة والصواريخ من سوريا إلى «حزب الله» في لبنان.
بعد نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل؛ أي مع بداية عام 2019 ستكتشف أوروبا محدوديتها تجاه الأضرار التي ستسببها المقاطعة الأميركية. وإذا زادت المشكلات الاقتصادية داخل إيران، فسنلاحظ أن مشكلة واحدة تلد مشكلات أخرى.
العالم لا ينتظر حرباً ضد إيران، بل سيراقب كيف ستتفجر إيران من الداخل، أو أنها ستضعف إلى درجة أن تدخلها في الدول الأخرى من أجل السيطرة سيكون أكثر صعوبة. وسوف نرى كثافة في النقاشات، وربما الصراعات الإيرانية الداخلية. لكن علينا أن نتذكر أن إحدى وسائل الراديكاليين في إيران لتجنب هذا الضعف، ستكون الدفع نحو حرب أو مواجهة. ربما قد نواجه إجراء راديكالياً من إيران لمنع التراجع. قد يحاول الراديكاليون القيام بعملية كبرى في سوريا، أو الرد عسكرياً على ما تقوم به إسرائيل في سوريا، أو تكثيف إطلاق الصواريخ من الحوثيين في اليمن باتجاه منطقة الخليج، أو إطلاق صاروخ «أرض - بحر» لإصابة ناقلة نفط في شمال باب المندب... قد نرى تصعيداً محدوداً من أجل منع الإضعاف التدريجي. لكن إذا نجحت المقاطعة الأميركية، فسينجح إضعاف النظام الإيراني، حتى يجلس على طاولة مفاوضات جديدة وموسعة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل إيران بين حرب من الخارج أو انفجار في الداخل



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq