تركيا تفك عزلتها بالتحالف مع باكستان

تركيا تفك عزلتها بالتحالف مع باكستان!

تركيا تفك عزلتها بالتحالف مع باكستان!

 العراق اليوم -

تركيا تفك عزلتها بالتحالف مع باكستان

هدى الحسيني
بقلم - هدى الحسيني

ما الذي تريده باكستان، وعما تبحث، وهل ستلقى غايتها لدى تركيا وإيران وماليزيا؟ وهل تريد تحويل قضية كشمير إلى قضية فلسطين في جنوب القارة الآسيوية؟

في وقت سابق من هذا الشهر حذر شاه محمود قريشي وزير خارجية باكستان من أنه إذا لم تعقد منظمة التعاون الإسلامي اجتماعاً لمجلس وزراء خارجيتها بشأن قضية كشمير فإن إسلام آباد ستدعو إلى اجتماع منفصل للدول الإسلامية!
كان ذلك في 5 أغسطس (آب)، الذي صادف الذكرى السنوية الأولى لإلغاء الحكم الذاتي لجامو وكشمير من قبل الهند الذي دام عقوداً، وكأنه يوجه تهديده إلى الدول العربية قال قريشي، إذا رفضت المنظمة، سأضطر إلى مطالبة رئيس الوزراء عمران خان بالدعوة إلى اجتماع الدول الإسلامية المستعدة للوقوف معنا.
هناك جوقة الآن ترى أن منظمة التعاون الإسلامي يقودها العرب، وهي ترغب في تشكيل كتلة إسلامية بديلة، بعيدة بنظرها عن هيمنة العرب.
القصة بدأت العام الماضي على هامش الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث التقى خان برئيس الوزراء الماليزي آنذاك مهاتير محمد والرئيس التركي رجب طيب إردوغان. بعد ذلك سعى مهاتير إلى عقد قمة إسلامية في كوالالمبور في ديسمبر (كانون الأول) ودعا إليها باكستان وتركيا وقطر وإيران وإندونيسيا، ووصف القمة بأنها «الخطوة الأولى نحو إعادة بناء القارة الإسلامية العظيمة». لكن إسلام آباد انسحبت في اللحظة الأخيرة ليستغل إردوغان الأمر ويشن هجوماً على المملكة العربية السعودية متهماً إياها بالضغط على باكستان بالنسبة إلى الوعود التي قدمتها والمتعلقة بالبنك المركزي، وزعم لوسائل الإعلام التركية إن السعودية هددت بأنها سترسل الباكستانيين إلى بلادهم وتستعيض عنهم ببنغلاديشيين، تماماً كما يهدد إردوغان أوروبا، كلما أراد استنزافها، بإفلات المهاجرين نحو أراضيها.
باكستان من الدول المؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي عام 1969 التي تتكون من 57 دولة، وتتكفل المملكة العربية السعودية تقريباً، بكل ما يخص المنظمة، وتحترم المنظمة باكستان التي لديها جيش قوي ولأنها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك قوة نووية. كما التزمت المنظمة طوال الوقت بموقف باكستان بشأن كشمير.
في الوقت نفسه، ومع تغيير الظروف الجيوسياسية عززت دول الخليج العربي علاقاتها مع الهند. والعام الماضي وقعت السعودية والهند اتفاق إنشاء «مجلس تعاون استراتيجي»، جعل من الهند الدولة الرابعة التي توقع معها السعودية مثل هذا الاتفاق. وكانت الهند عام 2018 وقعت اتفاقية مع سلطنة عُمان تسمح للبحرية الهندية باستخدام الممر الاستراتيجي «الدقم» الذي يطل على بحر العرب والمحيط الهندي.

باكستان وبشكل متزايد تحاول إيجاد حلفاء جدد لها بين الدول الإسلامية لدعم قضيتها في كشمير، وبالطبع كانت الأكثر تقبلاً تركيا. هي تاريخياً دعمت باكستان وانتقدت الهند، لكن دعمها اقتصر على الكلمات وحرصت على الحذر. لكن إردوغان تجاوز موقف الحذر ووقف أمام البرلمان الباكستاني في وقت سابق من هذا العام، وشبه صراع الكشميريين بحرب الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى... وهذا ليس بالفأل الحسن للكشميريين لأن الإمبراطورية العثمانية تفككت عام 1918 مع نهاية الحرب العالمية الأولى. وقارن إردوغان معركة غاليبولي بين قوى الحلفاء والإمبراطورية وقال: لا فرق بين غاليبولي وكشمير! وستواصل تركيا رفع صوتها ضد الظلم! لم يسأله أحد من النواب الباكستانيين وماذا عن الظلم الذي يلحقه بالأتراك والأكراد في بلاده، وبالسوريين والليبيين خارج بلاده، وأكثريتهم من المسلمين؟!
ليس من الصعب فهم دعم إردوغان لكشمير ومغازلته لباكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك القنبلة النووية. إذ لطالما كانت تركيا معزولة في الشرق الأوسط، وليس لها أي تأثير في جامعة الدول العربية، أو منظمة التعاون الإسلامي، وهما منظمتان راسختان في العالمين الإسلامي والعربي، لذلك يعتقد إردوغان أن التحالف مع باكستان بمثابة فرصة سانحة لكسب شركاء جدد فتتعافى تركيا من عزلتها الإقليمية!
يقترب إردوغان من إسلام آباد وعينه على الرياض التي أعلنت دعمها لسيادة قبرص اليونانية على جزيرة تطالب بها تركيا، ثم إن الرياض تقف لها بالمرصاد في ليبيا. ويعتقد إردوغان أن سياسته تجاه كشمير تخدم هدفه عزل المملكة العربية السعودية، لأن باكستان تحصر سياستها الخارجية من خلال عدسة كشمير، ويعتقد إردوغان أن كشمير تخدمه في التقليل من النفوذ السعودي في باكستان. إن إردوغان كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يتمدد ولكنه غير باق.
عمود آخر من الكتلة الإسلامية التي هدف إلى تشكيلها مهاتير محمد، إيران التي هي تقليدياً على خلاف مع أنقرة وإسلام آباد، لكنها هي الأخرى تفكر وعينها على السعودية. لذلك حسنت علاقاتها مع العاصمتين. والتقارب الاستراتيجي الوحيد بين طهران وأنقرة في سوريا هو في معاداتهما للأكراد. والدولتان لأهداف بعيدة تتجاوزان خلافهما حول الرئيس السوري بشار الأسد. إيران اتخذت موقفاً مؤيداً لكشمير، وكان المرشد علي خامنئي أول من انتقد الخطوة الهندية في كشمير وطلب من نيودلهي تبني سياسة عادلة تجاه كشمير، لكن نوابه وصفوا تصرفات الهند بالقبيحة والهمجية، ربما انعكاساً لصورة معاملة إيران لشعبها المتظاهر.
إذا كان خطاب الملالي الإيرانيين يشير إلى أولويات طهران، فمن المرجح أن إيران تخطط لرفع مستوى علاقاتها مع باكستان ودعم موقفها بشأن كشمير. وما قد يسرّع العلاقات بين إيران وباكستان وتركيا والرغبة المتزايدة بينهم لإضفاء الطابع المؤسساتي على علاقاتهم هو الدور الشامل الذي تلعبه الصين.
الدول الثلاث هي جزء من المبادرة الصينية «الحزام والطريق» التي تعتمد على مشاريع البنية التحتية وتمتد عبر ما يقرب من 70 دولة في آسيا وأوروبا وأفريقيا، ومن بين تلك البلدان تعتبر باكستان وإيران أكبر متلقين للأموال والقروض من الصين. وبينما استثمرت الصين ما يقرب من 60 مليار دولار في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، كشف تقرير أن الصينيين اقترحوا مشاريع بقيمة 400 مليار دولار على إيران، إلى جانب سلسلة مماثلة من الاستثمارات في تركيا وآسيا الوسطى. وتنفق الصين ما يقرب من ربع تريليون دولار لتعزيز وجودها الاستراتيجي والاقتصادي في تلك المنطقة. يقول عارف كمال سفير باكستان السابق لدى كل من قطر والأردن، إن الاقتران الاقتصادي بين هذه البلدان في ظل نفوذ مالي صيني سيؤدي إلى تقاربات استراتيجية فيما بينها. ورأى أن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية هي أداة فعالة للتواصل في المنطقة، وبالتالي ستولد مصالح مشتركة في السلام والاستقرار لدول المنطقة «وتوفر قوة دفع لكسر بعض الأنماط الاستعمارية»! ورأى السفير أنه إلى جانب باكستان وإيران وتركيا هناك استمرارية في الجغرافيا والتاريخ والنمو الحضاري، ويجب أن تعزز مبادرة «الحزام والطريق» نقاط التقارب الحالية التي لها جذور في الحضارة المشتركة.
لم يأتِ أحد على ذكر أن هذه الدول الثلاث تعاني من أزمات مالية واقتصادية، وأن الصين لا تقدم حتى وجبة غذاء من دون مقابل. لم يسألوا سيريلانكا عما حل بمرفأها عندما عجزت عن دفع ديونها للصين، لم يسألوا الدول الأفريقية التي تكاد الصين تستعمرها لأنها عاجزة عن رد ديونها، ولم يلحظوا أن الصين قدمت فقط مليون دولار للبنان إثر نكبة بيروت.
ثم أين أصبحت الكتلة الإسلامية البديلة عن منظمة التعاون الإسلامي. لا يزال لدى باكستان، أكثر من أي دولة أخرى، ما تكسبه من التعاون مع دول الخليج العربي.
إن باكستان ستظل تعتبر الهند عدوها الأول، وقد تستغل إيران وتركيا قضية كشمير، لكن هناك الصين المارد الذي سيخيم على الدول الثلاث وسيحاصرها بالديون، وعندها أين تصبح قضية كشمير؟ ثم إن باكستان لا تستطيع أن تمنع الدول الأخرى من إقامة علاقات وثيقة مع الهند؛ الدولة التي رفضت أن يمر «الحزام والطريق» عبرها.
على الباكستانيين الآن إتقان ثلاث لغات إلى جانب لغتهم: الماندارين الصينية، والفارسية والتركية. وعندما يحين دفع الديون قد يأتي الوقت لتحقيق رغبة مهاتير البالغ من العمر 94 عاماً، لقيام كتلة إسلامية تقضي على نفوذ العرب الساطع في منظمة التعاون الإسلامي!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا تفك عزلتها بالتحالف مع باكستان تركيا تفك عزلتها بالتحالف مع باكستان



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة

GMT 01:46 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيماء مرسي تؤكّد أنّ مواقع التواصل الاجتماعي يحكمها الإتيكيت

GMT 06:17 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

طرح عطر "فانيلا نواغ" الساحر للمرأة التي تعشق الإثارة

GMT 07:35 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

كيارا فيراغني من مدونة في عالم افتراضي إلى عارضة أزياء شهيرة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq