صباح الأحمد

صباح الأحمد

صباح الأحمد

 العراق اليوم -

صباح الأحمد

بقلم - مأمون فندي

بالنسبة لأي دارس للعلاقات الدولية، يعد لقاء أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حدثاً مهماً، فهو رجل خدم بلاده كوزير للخارجية لمدة 40 عاماً، مرت عليه فيها أزمات دولية كبيرة وصغيرة، وتعامل معها بذكاء تفرضه ظروف الدول الصغيرة على قادتها. ولربما كانت أزمة احتلال بلاده من قبل نظام صدام حسين عام 1990 أكبر أزمة وجودية لدولة الكويت وقادتها.
«ما من أزمة دولية إلا ولها حل»، هكذا قال لي الشيخ صباح عندما تطرقنا إلى الحديث عن الأزمة الحالية التي تعصف ببلدان الخليج، وعندما وصفت دوره بالدؤوب والحكيم، قال: «إن ما ينقص البشرية الآن هو الحكمة».
ذهبت إلى الكويت بمناسبة مرور مائة وعشرين عاماً على اتفاقية الحماية البريطانية للكويت، التي وقعها الشيخ مبارك الكبير مع بريطانيا العظمى آنذاك. ورغم أن الكويت لم تستعمر من قبل البريطانيين، مازحني الشيخ صباح الخالد، وزير خارجية الكويت، قائلاً: نحن لا نخجل من أن نحتفل بالاستعمار، في رفض، وربما سخرية من زعماء في المنطقة العربية جعلوا من مقاومة الاستعمار شعاراً يخفي خلفه رغبة في الاستبداد بالحكم، ويبرر سياسات فاشلة. ولعل معمر القذافي الرمز الأوضح لذلك؛ رجل حول بلاده، بما حباها الله من ثروات، إلى خراب خلال مدة حكمه التي تجاوزت الأربعين عاماً.
الكويت تحتفل بالاتفاقية التي حمت البلد لسنوات طويلة، وكذلك تحتفل بإنهاء تلك الاتفاقية في يوم الكويت الوطني للاستقلال، رغم أن المواطن الكويتي يبدو أكثر بهجة عندما يحتفل بيوم التحرير من احتلال صدام حسين للكويت. كانت اتفاقية الحماية البريطانية هي حماية بالنسبة للكويتيين من التهديد الإقليمي، رغم وحدة الدين في حالة الأتراك، ومن التهديد العربي في حالة عبد الكريم قاسم وصدام حسين.
استطاعت الكويت بلا شك أن تخرج من تلك الأزمات أكثر قوة، وأكثر تأثيراً في جوارها وفي العالم. وقد استمدت الكويت قوتها الخارجية من خلال تركيزها على مشاكلها الداخلية ومواجهتها.
فإذا أخذنا فترة حكم الشيخ صباح الأحمد كمثال، نجد أن في عهده قد تغير وجه الكويت، داخلياً وخارجياً، وذلك من خلال سياسته في مواجهة المشاكل، كبيرها وصغيرها. ويذكر لي رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح كيف تجلت شجاعة الشيخ صباح الأحمد في مواجهته ظاهرة الأصوات الأربعة التي خلقت شروخاً داخلية، والعودة إلى نظام الصوت الواحد الذي أوصل سفينة ديمقراطية الكويت إلى بر الأمان الذي تنعم به الآن.
هذا التماسك الكويتي الداخلي هو الذي منح الكويت القدرة على أن تتصرف بشجاعة في عالم العلاقات الدولية المضطرب. فالكويت، كعضو غير دائم في مجلس الأمن، تحظى باحترام دولي، ولها أيضاً اتفاقات استراتيجية مع الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وبينها حوار استراتيجي مهم (strategic dialogue) مع كل هذه الدول من أجل استقرار المنطقة والعالم. والشيخ صباح الأحمد، بخبرته الدبلوماسية الكبيرة، يدرك أن العمل الإنساني هو كلمة السر في العلاقات الدولية. ومن هنا، فإن المؤتمرات التي أقامتها الكويت، داخل الكويت وخارجها، لدرء الكوارث الإنسانية في سوريا، التي نتجت عن المواجهات العنيفة على الأراضي السورية، واستطاعت أن تجمع فيها مليارات الدولارات تحت راية الأمم المتحدة لدعم الجهود الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، لاقت تقديراً دولياً كبيراً، مما جعل الأمم المتحدة تحتفل بالكويت في مؤتمر كبير بمقرها في نيويورك، في 9 سبتمبر (أيلول) عام 2014. وأطلقت على الشيخ صباح لقب قائد العمل الإنساني، والكويت مركزاً للأعمال.
الديمقراطية الكويتية مفعمة بالحيوية، وتتجلى في حالة الحراك المستمرة في البرلمان. وكباحث، يمكنك بسهولة أن تلحظ أن الكويتيين يختلفون حول أشياء ومواقف كثيرة، ولكنهم يتفقون على أن الشيخ صباح هو الرجل الأقدر الآن على إدارة دفة دولة تسبح في إقليم مليء بالمخاطر.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صباح الأحمد صباح الأحمد



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq